ليبيا والانسداد السياسي.. خريطة الخروج من الأزمة
ما زال الليبيون ينتظرون الخروج من الأزمة السياسية بعد فشل إجراء انتخابات ديسمبر/كانون الأول الماضي، لإنهاء انقسام طويل وأزمات متلاحقة.
ولم يتمكن الليبيون من إجراء الاستحقاق وفقا لخارطة الطريق الأممية في موعده المحدد بسبب ما عرف حينها بحالة القوة القاهرة من مليشيات ونزاعات قضائية وقانونية وأسباب أخرى.
ورغم توافق مجلس النواب ومجلس الدولة على تشكيل حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا وغالبية مواد القاعدة الدستورية للانتخابات إلا أن الطريق لا يزال طويلا أمام الاستحقاق في ظل حالة الانسداد السياسي والانقسام الذي يهدد أرجاء الدولة وفق خبراء سياسيين ليبيين.
بحديثها مع خبراء سياسيين ليبيين، حاولت "العين الإخبارية" اختراق ملف الانسداد السياسي الليبي والانقسام المؤسساتي، حيث أكدوا على "ضرورة إيجاد رؤية وطنية شاملة، وأن يقوم المجتمع الدولي بالضغط على الأطراف أو ستحدث حالة من الغضب الشعبي الذي سيجبرهم على التغيير".
مرحلة المتاهة
ويقول الخبير السياسي الليبي وليد مؤمن إن "ما تمر بلاده به الآن هو ما يسمى بمرحلة المتاهة السياسية وغياب الرؤية، بما في ذلك لدى السياسيين أنفسهم ما يسهم في زيادة الانسداد السياسي".
وتابع في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "ليبيا تحتاج للخروج من هذا المشهد على جميع الأصعدة ولا بد من وجود رغبة وإرادة حقيقية صادقة من جميع الأطراف لإنهاء الأزمة، على رغم القناعة الليبية أن جميع الأطراف الداخلية والخارجية سواء على المستوى الاستراتيجي أو الوظيفي أو التكتيكي هدفها الأساسي هو مصالحها الخاصة".
وأردف أن "المتصيدين في الملف الليبي لم يكونوا قادرين على اللعب بالأوراق السياسية لتحقيق مصالحها مع مصلحة الليبيين، مؤكدا أنه "لا بد من وجود إرادة وطنية صادقة خاصة مع عدم التوافق في الأمور الضرورية بما في ذلك الجانب الأمني وجمود ملف اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5".
ونوه إلى أن "هنالك توجه دولي لتشكيل حكومة ثالثة جديدة تحل محل الحكومتين المتوازيتين، وقد يكون هنالك تدخل للمجلس الرئاسي بدعم من المجلس الأعلى للقضاء، في حين على صوت من ينادي بالعودة لدستور 1951 الذي وضعه الآباء المؤسسون للدولة".
وأشار إلى أن "أحد هذه السيناريوهات قد يكون حلا مع في مرحلة ما مع تعنت كل طرف بمصالحه وسياساته في مناطق سيطرته، وأن التغيرات السياسية المختلفة في الملف الليبي تجعل من الصعب الوصول إلى نقطة نبدأ منها حالة التوافق".
الأمن أولا
واعتبر الدكتور يوسف الفارسي أستاذ العلوم السياسية الليبي أن "بلاده اليوم تحتاج إلى تفعيل الاستقرار الأمني من أجل إيجاد قاعد مناسبة لتهيئة البلاد للانتخابات وفرض خارطة طريق يقبل بها الجميع.
وتابع في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن "الفوضى الأمنية والوضع السياسي الهش يجعل الاستحقاقات الانتخابية أمرا صعبا، وللخروج من هذه الأزمة لا بد من جمع السلاح وتفكيك المليشيات وإخراج المرتزقة وتجنيب البلاد الدخول في أتون صراع مسلح".
وأردف أنه "لا بد من توقيع اتفاق جديد بين الأطراف بمراقبة الأمم المتحدة لوقف التصعيد والتفاوض على حل سلمي، ولكن في ظل هذا الوضع المضطرب ستكون إمكانية التوافق مستحيلة، وأن أي حل أو حكومة قد تشكل سيتم رفضها ومجابهتها ولن يكون هنالك حل سلمي لذلك لا بد من حل المشكلة الأمنية أولا".
انتفاضة شعبية
ومن جانبه، اعتبر المحلل السياسي الليبي محمد قشوط أنه "بعد فشل إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، لا بد من إجبار الأطراف المتعنتة والرافضة لتوافق الليبين على احترام تعهداتها والتداول السلمي للسلطة واحترام الشرعية".
وتابع في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "وضع خارطة سياسية جديدة لن يكون مجديا فقد سبق واتفق مجلسا النواب والدولة على خارطة طريق إلا أن الأطراف المتعنتة رفضت تنفيذها، واحتمت بالمليشيات التي تدين بالولاء لمن يمولها".
واختتم أن "الليبيين لم يعد أمامهم سوى طريقين إما أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته ويضغط على اللأطراف السياسية لإنهاء الانسداد السياسي والتداول السلمي للسلطة والوصول إلى الاستحقاق، أو أن ينتفض الليبيون على الأجسام السياسية بشكل قوي مدعوم بجيشه الوطني والمؤسسات الوطنية لإنقاذ سيادة ليبيا وثرواتها التي باتت تباع بأبخس الأثمان"، وفق قوله.
اللامركزية
وفي السياق، يرى المحلل السياسي والكاتب الصحفي الليبي سالم سويري، أنه لا بد من تفتيت المركزية بشكلها البغيض الحالي وتوزيع السلطات والثروات على الأقاليم الليبية وعدم تركزهما في يد قلة معينة تستغلها للبقاء في السلطة والاستثمار في الفوضى.
وأضاف في حديث لـ"العين الإخبارية" أنه "لا بد من دراسة كل المقترحات الخاصة بالحل وسماع جميع وجهات النظر، وليس الاستكفاء برأي طرف معين، بما في ذلك مقترح تفعيل دستور البلاد السابق الصادر عام 1951 مع تعديل عدد من مواده، لتفتيت المركزية في الحكم".
ونوه إلى أن "التدخلات السلبية الخارجية في الملف الليبي أفسدت العملية السياسية، بما في ذلك دعم أطراف بعينها لتحقيق مصالح خاصة، فيجب التأكيد على إخراج كل القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية".
aXA6IDMuMTQ1LjU4LjE1OCA= جزيرة ام اند امز