توحيد المؤسسة العسكرية الليبية.. معوقات وحلول
أعادت الاشتباكات الأخيرة بين مليشيات المنطقة الغربية الليبية الضوء إلى المسار الأمني والعسكري الذي كان يقضي بحل هذه المليشيات.
ورغم تقدم المسار الأمني والعسكري برعاية اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5" ووصولها إلى اتفاقات مبدئية على توحيد المؤسسة العسكرية، إلا أن هذا المسار ما يزال يشهد العديد من العراقيل والعقبات التي تهدد اتفاق وقف إطلاق النار، وتثبت مفاهيم الفوضى والاشتباكات من وقت لآخر.
بحديث مع خبراء ليبيين معنيين بالملف الأمني والعسكري، حاولت "العين الإخبارية" اختراق هذا الملف الحساس على الصعيد الليبي، وما يحمله من تأثيرات على المحيط الإقليمي والدولي.
الخبراء رأوا أنه لا بد من دعم جهود توحيد المؤسسة العسكرية وإزالة المعوقات وعلى رأسها المليشيات والمرتزقة والتدخل الأجنبي السلبي، وتوغل التنظيمات الإسلامية المتطرفة.
فوضى السلاح
الدكتور يوسف الفارسي، الأكاديمي والخبير الليبي، قال إن الأزمة الأمنية في الغرب الليبي تعيد للواجهة أهمية المسار الأمني والعسكري وتوحيد القوات المسلحة في أنحاء البلاد كافة.
وأفاد في حديث لـ"العين الإخبارية" بأن اللجنة العسكرية الليبية المشتركة مدعومة من القيادة العامة للجيش الليبي، التي قامت بجهود جبارة في توحيد المؤسسة العسكرية، وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار ولكنها تواجه جملة من العراقيل والتي تستوجب إزاحتها بشكل سريع.
وأوضح الخبير أن أكبر معوق يعرقل توحيد المؤسسة العسكرية هو "فوضى السلاح والتي تتجاوز 23 مليون قطعة سلاح، والمليشيات الخارجة عن القانون وغير الخاضعة لسلطة الدولة، خاصة مع التدخلات العسكرية الأجنبية ووجود مرتزقة وقوات أجنبية".
وأردف الفارسي أنه لا بد من وجود دعم دولي لجهود اللجنة العسكرية لإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، وبدء تطبيق برنامج حل وتفكيك المليشيات ونزع سلاحها.
واستدرك أنه لا يبدو هناك نية دولية حقيقية لدعم هذا المسار، مع محاولات عدة أطراف داخلية وخارجية لإطالة أمد الأزمة كونها مستفيدة من بقائها.
خطة شاملة
الأزمة في ليبيا تخطت حد الحلول المباشرة والتي تتمثل في حل المليشيات أو توحيد المؤسسة العسكرية بسبب التدخلات الأجنبية والدعم المتزايد والمتعنت من قبل تنظيم الإخوان، هكذا يرى الخبير الأمني والعسكري الليبي عميد إدريس عبدربه.
وعن الحل المقترح لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية تابع عبدربه في حديث لـ"العين الإخبارية" قائلا إن الحل لا بد أن يكون شاملا وتدريجيا من خلال خطة وطنية شاملة.
وعن ملامح تلك الخطة أوضح أنها تتضمن إعادة بناء الخطاب الجمعي وتصحيح الأفكار الشعبية، إلى جانب جهود إعادة تفكيك المليشيات وتأهيل من يصلح من منتسبيها وتطبيق برامج لتغيير المفاهيم المغولطة لديهم عن الدين والوطن والسلاح.
واعتبر الخبير الليبي ما يحدث بين فترة وأخرى هو إعادة تدوير الأزمة والمليشيات.
وفسر ذلك بالقول إنه فور تفكيك أي مليشيات بالقوة من خلال الضغط المسلح عليها يتم تأسيس تحالف مليشياوي آخر من شراذم المليشيات التي تم تدميرها.
ولذلك، بحسب عبدربه فإن مثل هذه الخطة لا بد أن تأخذ صورة البرنامج والمخطط الوطني، وإعادة الخطاب وليس التفكيك تحت ضغط السلاح الذي يزيد الأزمة تعقيدا ويغير موازين القوة لا أكثر.
وأردف أنه لا بد من كيان ليبي قوي يخاطب الأمم المتحدة والدول الصديقة الحقيقية لدعم توحيد المؤسسة العسكرية وتطبيق البرنامج الشامل للقضاء على خطاب الكراهية وإصلاح الفكر لدى صغار عناصر المليشيات، وأن تكون هنالك القوة القادرة على تأديب من يخرج عن الإجماع الوطني ويخالف برنامج الإصلاح الأمني الشامل.
3 نقاط
الأسئلة نفسها بشأن معوقات توحيد المؤسسة العسكرية الليبية والحلول اللازمة طرحتها "العين الإخبارية" على محمد صالح المحلل العسكري الليبي.
قال صالح إن توحيد المؤسسة العسكرية هو نقطة غاية في الأهمية يجب السعي إليها باعتبارها الحل الحقيقي للأزمة الأمنية التي تمر بها البلاد، والتي كانت سببا رئيسيا في تأجيل الانتخابات لأجل غير مسمى.
وتابع: اللجنة العسكرية تم تدعمها من القيادة العامة ورئيس الأركان بالجيش الوطني الليبي الذي زار طرابلس وتم الاتفاق على مبادئ توحيد المؤسسة العسكرية إلا أن هذه الجهود تعاني من العديد من العراقيل.
وأوضح أن الملف الأمني ليس ملفا ليبيا بحتا خاصة مع تدخلات عدة دول أجنبية ووجود نحو 11 ألف مرتزق أجنبي واستفحال بعض القوى الأقليمية التي تتخذ قواعد عسكرية لها في البلاد وتدعم عدة أطراف داخلية.
ونوه صالح إلى أهمية أن تكون الطاولة ليبية ليبية بحتة، بعيدا عن أي أجندات خارجية وأن يتم تفكيك المليشيات خاصة المدعومة من التيار الإسلامي المتطرف والذي يعرقل أي جهود للتقارب أو توحيد وجهات النظر، فضلا عن العمل على توحيد المؤسسات خاصة الأمنية والعسكرية.
وأشار إلى أن بعض المليشيات لديها سجون سرية وأخرى خارج سيطرة الدولة، وليست خاضعة للقانون وتغيب فيها إما التابعين للأطراف المختلفة أو المنادين بالسلام وتوحيد البلاد والمؤسسات.
ولذلك لا بد، حسب الخبير الليبي، من تحييد تلك المليشيات من المشهد، والقضاء عليها وتفكيكها لكي يعم نداء السلام وتقدم المسار الأمني والعسكري.
أوجز صالح النقاط التي يمكن البناء عليها في توحيد المؤسسة العسكرية الليبية في 3 نقاط رئيسية هي: إخلاء المنطقة الغربية من المرتزقة والقوات الأجنبية والمليشيات، وأن تكون الطاولة ليبية ليبية بحتة، وأن تكون المؤسسة حرة بعيدا عن القيد المتحكم فيه بعض القوى الإقليمية والدولية.
ولا تزال معضلة المليشيات تواجه الدولة الليبية خاصة مع تلقيها دعما من بعض الدول الإقليمية والدولية، رغم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار والاتفاق السياسي القاضي بحل المليشيات ونزع سلاحها.
والأسبوع الماضي، شهدت عدة مدن في الغرب الليبي اشتباكات بين المليشيات، أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من المدنيين بينهم أطفال، إضافة إلى تدمير ممتلكات عامة وخاصة.
وباتت الاشتباكات بين المليشيات تندلع لأي سبب من وقت لآخر في ظل العجز الحكومي عن إيقاف مثل هذه الأعمال الخارجة على القانون، وتعطل المسار الأمني والعسكري والذي سبق وتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وإعلان مبادئ توحيد المؤسسة العسكرية.