أموال ليبيا المجمدة.. مليارات تحترق بنيران الداخل وأطماع الخارج
مصير غامض ينتظر مليارات ليبية مجمدة في الخارج بقرار أممي، فيما الآمال بإعادتها تتلاشى بفعل الأزمات الداخلية والأطماع الخارجية.
ففي مارس/آذار قبل نحو 12 عاما أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا بتجميد تلك الأموال في إطار العقوبات التي فرضت على نظام معمر القذافي أثناء الحرب الأهلية ضده ذاك العام.
وبحسب إحصائيات رسمية يطبق القرار على نحو 200 مليار دولار، موزعة في شكل سندات مالية، وأسهم، وأصول ثابتة، واستثمارات عينية موزعة على عدد كبير من الدول الأوروبية، بالإضافة إلى نحو 144 طنا من الذهب.
ونص القرار الأممي على انتهاء مفعوله بنهاية الحرب الأهلية الليبية والتي أعلنت في أكتوبر/تشرين الأول عام 2011، لكن الأزمات الداخلية والانقسامات العنيفة وهيمنة المليشيات على المشهد الليبي في الغرب حال دون دخول القرار حيز التنفيذ.
وخلال تلك الأعوام كانت الحكومات الليبية المتعاقبة تحاول فك التجميد إلا أنها فشلت في ذلك وسط تواتر الأخبار عن محاولة بعض الجهات الاستيلاء على جزء من تلك الأموال بحجة تعويضات عن تأخر استثماراتها في ليبيا بسبب الأوضاع في البلاد.
ودخلت المليارات الليبية في النفق المظلم للتجاهل وفشل المباحثات حول إسقاط القرار، وقبل يومين عادت إلى الضوء من جديد مع تحذير أطلقه مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة الطاهر السني أمام مجلس الأمن من محاولات بعض الدول "الاستيلاء" على جزء من تلك الأموال.
وقال السني لمجلس الأمن " نعيد تحذيرنا لبعض الدول (لم يسمها) التي تحاول وضع يدها والحجز أو الاستيلاء على أموال الليبيين وأصولهم المجمدة التابعة للمؤسسة الليبية للاستثمار".
وأضاف "التجميد في الأساس للحفاظ على الأموال الليبية وحمايتها وليس لنهبها واستخدامها في تسويات أو تعويضات"، مؤكدا أن " ذلك مخالف لقرارات مجلس الأمن ولن نسمح بذلك".
الأطماع تتحرك
وبدأت الأطماع بشأن الأموال الليبية تتحرك منذ نحو 5 أعوام بحسب تقديرات الخبير الاقتصادي الليبي عبد العاطي النويري، حيث أقامت عدة شركات أوروبية عالمية دعاوى على ليبيا وحصلت على أحكام تعويضات عن مشاريع كانت تنجزها في ليبيا قبل عام 2011 أي قبل سقوط نظام القذافي".
وأضاف النويري متحدثا لـ"العين الإخبارية" أن "تلك الشركات بعضها يعمل في قطاع النفط فيما البعض الآخر يعمل في البنية التحتية لإنجاز مشاريع عملاقة في ليبيا".
وتابع: "رغم أن قوة قاهرة هي الحرب الأهلية حالت دون تنفيذ تلك المشروعات قضت المحاكم الأوروبية بتعويضات للشركات وهو أمر لا مبرر له قانونا".
وتعثرت تلك الأحكام في أروقة المحاكم بعد أن قامت ليبيا بالطعن فيها، بحسب الخبير الليبي الذي أشار إلى تورط حكومات غربية في محاولة الاستيلاء على تلك الأموال.
وفي محاولة للوقوف على حقيقة تلك الأطماع وفي مسعى لحلحلة القضية زار النائب العام الليبي الصديق الصور عدة عواصم خلال الفترة الماضية لبحث الملف.
أموال بلا فوائد
المشكلة لا تنتهي عند المخاوف من الاستيلاء على الأموال المجمدة بحسب الخبير الاقتصادي الليبي بل إن "هناك بعض الدول لم تلتزم بقرار مجلس الأمن الدولي القاضي بإضافة أرباح إيداع الأموال الليبية لديها على أصول المبلغ "، مؤكدا أن "تلك الأموال حققت أرباحا ضخمة للغاية خلال السنوات الماضية وقد حرمت منها ليبيا بالمخالفة للقانون وقرار مجلس الأمن".
وعن ذلك يقول إن "الدول الأوربية انقسمت بين قسمين فمنها من يريد الاستيلاء على الأموال الليبية المجمدة لديها ومنها من استولى فعلا على أرباح وعائدات تلك الأموال".
الليبيون بين نارين
ملف الأموال الليبية المجمدة في الخارج وضع الليبيين بين نارين كما يقول الكاتب السياسي الليبي بدر الدين التومي الذي أوضح أنه سواء استولت بعض الشركات بدعم حكوماتها على الأموال أو جرى إبطال القرار في ظل الانقسامات الحالية فإن الكارثة واقعة.
وأشار إلى أن قرار فك التجميد في ظل الأوضاع الحالية يعرض الليبيين لفقدانها للأبد، إذ يمكن أن يعزز كل طرف من فرقاء ليبيا مواقعه، مستفيدا من تلك الأموال التي قد تغذي الأزمة في البلاد وتشعلها.
وبين مخاطر أطماع بعض الشركات في جزء من الأموال المجمدة واحتمالات عودتها للبلاد في الوقت الراهن يفضل السياسي الليبي بقاء الوضع على ما هو عليه.