ليبيا 2017.. انفراجة سياسية وعسكرية لا تخلو من أزمات
"بوابة العين" الإخبارية ترصد أهم الأحداث في ليبيا خلال 2017 بما تتضمنه من انتصارات للجيش الوطني ومساعي المليشيات الإرهابية لعرقلتها
شهد عام 2017 انفراجة سياسية وعسكرية "نسبية" في ليبيا، إلا أن هذا التقدم لم يخلُ من أزمات عاصفة أثرت في مجريات الأمور داخل البلد المستنزف اقتصاديا وأمنيا منذ الإطاحة بالرئيس الراحل معمر القذافي.
عام مبادرات التسوية
وشهد الربع الأول من عام 2017 ركودا سياسيا في ليبيا، حيث ظل الوضع كما هو، ولم يتغير حتى بعد تولي حكومة الوفاق الوطني مهامها في طرابلس.
فعلى الأرض هناك 3 حكومات؛ اثنتان في طرابلس، وواحدة في بنغازي، تعمل على تقديم خدمات للسكان في الشرق؛ في ظل انشغال حكومة الوفاق بصراعات النفوذ مع مليشيات الإخوان والجماعات المسلحة.
إلا أن دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي ورئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج للحضور إلى فرنسا؛ لعقد مباحثات كان لها دور كبير في ظهور مبادرة جديدة قد تساهم في إنهاء الانقسام.
فبعد مباحثات كبيرة سبقتها مبادرات مصرية وإماراتية توصل المشير حفتر والسراج إلى اتفاق تُعقد بموجبه انتخابات رئاسية وبرلمانية في الربع الأول من عام 2018.
وأكد المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة أن التحضيرات لهذه الانتخابات قائمة، وأن التجهيزات النهائية على وشك الانتهاء.
وسيعد هذا الإنجاز السياسي أكبر خطوة قد تُتخذ حال تنفيذها في الأزمة الليبية منذ عام 2011.
الهجرة غير الشرعية
ولم تنتهِ الأحداث السياسية في ليبيا عند هذا الحد، فقد أثار مقطع فيديو لشبكة “سي إن إن” لمهاجرين أفارقة يتم بيعهم ضمن مزاد علني في ليبيا غضبا دوليا كبيرا.
وانتشر الشريط المصور بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أثار ردود فعل منددة شعبيا ورسميا، وحتى على مستوى الأمم المتحدة.
التسجيل الملتقط بواسطة هاتف محمول، يُظهر شبانا يُعرضون للبيع في المزاد، للعمل في مزرعة لقاء 1200 دينار ليبي، أي ما يعادل 400 دولار.
مقطع الفيديو المنتشر تسبب في هجوم كبير على ليبيا وصل إلى استدعاء سفرائها في بعض الدول، فيما لم يتم الإعلان عن الجهة المتهمة بهذه الانتهاكات.
فضح دور قطر التخريبي
هذا العام أيضا كشفت وثائق أظهرها الجيش الليبي عن فضائح قطر وممارساتها الشيطانية داخل ليبيا.
وأكدت هذه الوثائق أن قطر مولت جماعات إرهابية داخل ليبيا بمليارات الدولارات، وأمدتهم بصفقات سلاح استُخدمت في تدمير مدن بأكملها.
وعلى قوائمها للإرهاب، أدرجت الإمارات والسعودية ومصر والبحرين عددا من الشخصيات الليبية والكيانات الإعلامية ممن تأويهم قطر وتمولهم، مثل عبد الحكيم بلحاج، القائد السابق لما يعرف بـ"الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة"التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي، والذي تم إدراجه على لائحة العقوبات الصادرة من قبل الدول الداعية لمكافحة الإرهاب في يونيو/حزيران 2017.
وخلال الأحداث في ليبيا عام 2011، قاد عبدالحكيم بلحاج كتيبة ثوار طرابلس وهي مليشيا مسلحة مدربة من قبل القوات الخاصة القطرية في غرب ليبيا.
ويستخدم بلحاج ومعاونوه قناة نبأ لترويج أيدلوجية وأجندة الإرهاب في ليبيا.
وتبث القناة بيانات تدعم من خلالها المليشيات الإرهابية، ومن ضمنها سرايا الدفاع عن بنغازي ومجلس شورى ثوار بنغازي الإرهابيين.
وفي أغسطس/آب الماضي، قدَّم القبض على ضابط مخابرات إسرائيلي يتزعم داعش بليبيا دليلا جديدا على أن صناعة التنظيمات الإرهابية في المنطقة متورطٌ فيها كل من تل أبيب والدوحة.
وسبق أن تم الكشف عن دور قطر في دعم تنظيمات مسلحة، منها تنظيم الإخوان الإرهابي وغيره، في ليبيا خاصة بعد 2011.
بنغازى تنتصر على الإرهاب
وعلى الصعيد العسكري وبالرغم من أن عام 2017 كان مليئا بالأحداث التي أجّجت الأزمات داخل ليبيا، إلا أن الجيش الوطني هذا العام استطاع الحسم في مدينة بنغازي بعد معارك استمرت أكثر من 4 سنوات من إعلان المشير خليفة حفتر انطلاق عملية الكرامة.
ففي الخامس من يوليو/تموز من هذا العام خرج حفتر، وأعلن تحرير مدينة بنغازي بالكامل من المليشيات الإرهابية القاطنة في المدينة منذ سقوط نظام القذافي.
وسعى المشير حفتر خلال هذا العام، وبعد تحرير المدينة ووقف العمليات العسكرية فيها، لبسط الأمن والقضاء على تجارة السلاح وإعادة فتح الأسواق وعودة العمل بشكل طبيعي داخل مؤسسات الدولة هناك.
مذبحة براك الشاطئ
وشهدت ليبيا أيضا هذا العام مذبحة هي الأكبر منذ عام 2011 إذ نصبت مليشيا القوى الثالثة مصراتة التابعة للإخوان كمينا لـ134 ضابطا في قاعدة براك الشاطئ الجوية وقتلتهم جميعا وهم عزل من السلاح.
وأظهرت كاميرات الفيديو استغلال المليشيا الإرهابية فراغ القاعدة من ضباطها أثناء وجودهم في احتفالات تخرجهم بالكلية الحربية ببنغازي ليستولوا على القاعدة ومن ثم استقبلوا الضباط أثناء عودتهم بالرصاص ليقتلوهم جميعا.
وأدانت المنظمات الدولية والحقوقية الحادث، إلا أنه لم يتم محاسبة الجاني حتى الآن.
اشتباكات طرابلس
وفي العاصمة طرابلس وقعت اشتباكات عنيفة مع بداية هذا العام بين مليشيات ما تسمى "حكومة الإنقاذ الوطني" والتي كانت تسيطر على العاصمة قبل الاتفاق السياسي الليبي، وبين مليشيات حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فايز السراج.
الاشتباكات جرت بعد رفض رئيس "حكومة الإنقاذ الوطني" خليفة الغويل تسليم مؤسسات الدولة لحكومة الوفاق، وإعلانه المستمر رفض دخول حكومة الوفاق لممارسة عملها.
وحاول رئيس المجلس الرئاسي حينها التفاوض مع الغويل إلا أنه رفض ذلك، واندلعت اشتباكات عنيفة داخل العاصمة انتهت بطرد مليشيات حكومة الإنقاذ الوطني من طرابلس نهائيا، واستيلاء مليشيات حكومة الوفاق على العاصمة.
أزمة اقتصادية طاحنة
وعانى الاقتصاد الليبي في عام 2017 من أزمات طاحنة بسبب إخفاق حكومة الوفاق المسموح لها بالتصرف في المال الليبي في بسط سلطتها على كل الأراضي في البلاد.
ولا يزال الاقتصاد الليبي يمر بأزمات عدة، منها نقص السيولة والوقود، وتدني سعر صرف الدينار في مقابل العملات الأجنبية، وما صاحب ذلك من نقص العديد من السلع، في ظل تقلص القاعدة الإنتاجية وصغر حجم القطاع الخاص، خاصة مع إصرار المليشيات الإرهابية على إفشال أي اتفاق سياسي يؤدي لاستقرار الأوضاع.
وتمثل الأزمة الاقتصادية إحدى أهم المشكلات التي تواجه الحكومات الليبية المتعاقبة، في ظل تواصل تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية بالبلاد.
واستفحلت أزمة السيولة بالمصارف الليبية خلال العام الحالي، وألقت بظلالها على السكان والاقتصاد الوطني بشكل عام، في ظل صعوبة السيطرة الأمنية على المصارف التي تغطي رقعة جغرافية تفوق 1.750 مليون كلم مربع في ظل الانفلات الأمني والانقسام السياسي وقطع الطرق.