تمويل قطر للجماعات الإرهابية المسلحة بليبيا ودعمها للمليشيات المتطرفة بالمال والسلاح لم يتوقف منذ اندلاع أحداث 17 فبراير 2011.
تعاني الدولة الليبية من عدة مشكلات وتحديات أمنية جمة، تتمثل في تدخل أطراف خارجية كقطر وتركيا في تقديم الأسلحة والذخيرة للمليشيات الإرهابية المنتشرة في عدة مناطق وسط وغرب البلاد، ما يشكل تهديدا صريحا على الأمن القومي الليبي ويؤدي إلى زعزعة أمن واستقرار دول الجوار.
- ليبيا.. 17 محطة بمسيرة محمود جبريل الذي تحاربه الإخوان الإرهابية
- إنفوجراف.. 8 أهداف وراء دعم قطر وتركيا لإخوان ليبيا
وبالرغم من الانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش الوطني الليبي في شرق البلاد وتطهير مدن كاملة من الإرهابيين المدعومين من قطر، فإن القرار الدولي بحظر تسليح الجيش الليبى يشكل تقويضا واضحا لاستكمال القوات المسلحة الليبية مهامها لتطهير كافة أنحاء ليبيا من الإرهاب والحفاظ على استقرار ووحدة البلاد من خطر المليشيات المسلحة.
ولم يتوقف تمويل قطر للجماعات الإرهابية المسلحة بليبيا ودعمها للمليشيات المتطرفة بالمال والسلاح منذ اندلاع أحداث 17 فبراير عام 2011، فقد بلغ حجم التمويل الذي وصل من الدوحة إلى هذه التنظيمات الإرهابية منذ 2011 حوالي 750 مليون يورو، حسب تقارير دولية.
ووفقا لتقارير إعلامية فقد بدأ دعم الدوحة لهذه الجماعات والمليشيات عبر التنظيم الإرهابي المسمى بـ"المجلس العسكري طرابلس"، بالسلاح والعتاد بالإضافة إلى إرسال جنود "مرتزقة" كانوا يرافقون زعيم "الجماعة الليبية المقاتلة" ورئيس "المجلس العسكري طرابلس" عبدالحكيم بلحاج حتى دخل "باب العزيزية" تحت غطاء طائرات حلف الناتو.
كما جاء الدعم القطري كذلك من خلال دعم شخصيات من أطياف مختلفة، مثل رجال دين، منهم "صديق قطر" علي الصلابي، وعبدالحكيم بلحاج، وعبدالباسط جويلة، وعناصر إرهابية معروفة ورجال أعمال.
وعقب مقتل الزعيم الليبي معمر القذافي في أكتوبر/تشرين الأول 2011، قامت قطر بدعم كتيبة "راف الله السحاتي" التابعة لإسماعيل الصلابي في بنغازي.
كما قامت قطر، عقب تشكيل "مجلس شورى ثوار بنغازي" في عام 2014، وعبر المؤتمر الوطني ووكيل وزارة الدفاع عضو الجماعة الليبية المقاتلة خالد الشريف، بتمويل المجلس بالأسلحة والعتاد، الذي كان يصل في نهاية المطاف إلى مسلحي المجلس في بنغازي بواسطة قوارب بحرية.
أيضاً دعمت قطر أنصار "الجماعة الليبية المقاتلة" في درنة، فكانت ترسل الجرافات من ميناء مصراته إلى مقاتلي "مجلس شورى مجاهدي درنة"، كما دعمت جماعات إرهابية أخرى مثل "أنصار الشريعة" المحظورة و"مجلس شورى ثوار بنغازي" و"مجاهدي درنة" و"سرايا الدفاع عن بنغازي"
وامتد الدعم القطري للجماعات الإرهابية إلى كتيبة "أبو عبيدة الزاوي" في مدينة الزاوية غربي ليبيا، التي يعتبر زعيمها الزاوي من أكبر حلفاء عبدالحكيم بلحاج، بل إنه يعتبر سنده الأكبر خارج طرابلس، فبعد حصول بلحاج على الدعم من دولة قطر قام بافتتاح قناة "النبأ"، التى طالما تناقلت أخبار الجماعات الإرهابية في ليبيا على أنها مجموعة من الثوار، كما قام بلحاج بتأسيس شركة الأجنحة الليبية للطيران، التي تفيد مصادر ليبية بأنها وسيلة الانتقال المستخدمة لنقل الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا.
تهديد السلاح الليبي لدول الجوار
وبالإضافة لتهديد السلاح الليبي للأمن والاستقرار داخل ليبيا، أصبح هذا السلاح في أيدي المليشيات المسلحة خطرا يهدد بنسبة كبيرة دول الجوار، بعد أن تحول تهريبه من داخل ليبيا للدول الأخرى إلى ظاهرة في ظل الغياب الأمني في مناطق الغرب الليبي.
ويمثل تهريب الأسلحة من ليبيا لصالح تنظيم "القاعدة" و"داعش" الإرهابيين تهديداً حقيقياً للمنطقة برمتها، بما في ذلك دول جنوب الصحراء ودول المغرب العربي بالدرجة الأولى، فهذا التهريب جاء نتيجة لغياب الأمن في ليبيا، وهو ما أصبح فرصة سانحة لأعضاء التنظيمات والمتاجرين بالأسلحة في المنطقة للعمل على تهريب الأسلحة لتعزيز مواقعها.
12 دولة تتأثر بالسلاح الليبي
وكشف تقرير أعده خبراء بمجلس الأمن الدولي، مؤخراً ، النقاب عن انتشار الأسلحة الليبية بمعدل مثير للانزعاج في 12 دولة على رأسها سوريا ومصر ومالي، بالإضافة إلى جماعات متطرفة وعصابات بدول أخرى، حيث أكد التقرير الدولي أن ليبيا أصبحت مصدرا رئيسيا للأسلحة في المنطقة.
وأكد التقرير أن هناك حالات - بعضها تأكد والبعض الآخر قيد التحقيق - لشحنات غير مشروعة من ليبيا تخرق الحظر تصل إلى أكثر من 12 دولة وتتضمن أسلحة ثقيلة وخفيفة - بما فى ذلك أنظمة للدفاع الجوي يحملها المقاتلون وأسلحة صغيرة والذخائر الخاصة بها ومتفجرات وألغام.
وفى أواخر عام 2011 حذر الأمين العام للأمم حينذاك بان كى مون من التداعيات السلبية التي نجمت عن الأزمة الليبية وتأثيرها على الأمن في وسط القارة الأفريقية من خلال انتشار السلاح الذي كان بيد النظام الليبي السابق.
وقال التقرير الذي قدمه بان كى مون إلى مجلس الأمن الدولي إن عودة عشرات الآلاف من العمال المهاجرين من ليبيا إلى بلدانهم من دون أموالهم أثر بشكل سيئ على الاقتصاد في مجتمعات منطقة وسط أفريقيا، وزاد من احتمالات حصول توترات بالمنطقة.
وتمثل الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف على وجه الخصوص قلقا شديدا، نظرا لإمكانية استخدامها بمهاجمة الطائرات المدنية، مما دفع الولايات المتحدة ودولا أخرى إلى عرض المساعدة في اقتفاء أثر تلك الأسلحة.
وانتهز تنظيم القاعدة الإرهابي الفرصة للعمل على تقوية وتعزيز وجودهم في المنطقة وفرض أجنداتهم في المستقبل بلغة القوة والصراع المسلح، وليست الجزائر وحدها من دقت ناقوس الخطر بخصوص تهريب الأسلحة من ليبيا، بل إن تونس والسودان والأمم المتحدة أيضاً تشعر بهذا الخطر القادم على الحدود.