أزمة رواتب الجيش الليبي.. مناورة الدبيبة الأخيرة للبقاء في السلطة
من جديد تطل أزمة رواتب الجيش الليبي في منعطف يراكم إخلالات تنذر بانهيار المسار العسكري بالبلد المضطرب.
ووجه الجيش الليبي مساء الثلاثاء، تحذيرًا إلى الحكومة المنتهية ولايتها والمجتمع الدولي، من أن استمرار الأزمة قد يقود نحو انهيار المسار العسكري والعودة إلى مربع الفوضى والانقسام وعدم الاستقرار.
ولثلاثة أشهر، تأخرت رواتب أفراد الجيش، بسبب ما يقول مراقبون إنه استخدام الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة ورقة المرتبات للضغط على عناصر القوات المسلحة.
وطالب الجيش الشعب الليبي وبعثة الأمم المتحدة بموقف واضح تجاه الحكومة المنتهية ولايتها وتصرفاتها التي وصفها بـ"غير المسؤولة".
جرس إنذار
تلك النداءات والتحذيرات التي أطلقها الجيش الليبي دقت جرس إنذار للمجتمع الدولي بضرورة التدخل العاجل، تحسبًا لأية تطورات قد تعيق استكمال المسار العسكري الذي يوصف بـ"الأهم"، كون الأزمة الليبية أمنية في الأساس، بحسب مراقبين.
رواتب العسكريين.. "حلال" لمرتزقة الدبيبة "حرام" على الجيش الليبي
وتعقيبا على الموضوع، قال عبدالمنعم اليسير، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالمؤتمر الوطني السابق في ليبيا، إن موقف اللجنة العسكرية التابعة للقيادة العامة واضح؛ كون تصرفات الدبيبة والمليشيات التي تسيطر على العاصمة طرابلس لا تكترث لانهيار وقف اتفاق وقف إطلاق النار من عدمه.
وأوضح اليسير، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن حكومة الدبيبة المنتهية ولايتها تحاول "تأزيم الموقف" بسيطرتها على أموال الليبيين والعاصمة، مشيرًا إلى أنها لن تسمح بإعادة الاستقرار ولا إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب.
فوضى وتجاذبات
وبحسب اليسير، فإن الحكومة المنتهية ولايتها تريد استمرار حالة الفوضى وما وصفه بـ"النهب الممنهج" الجاري حاليًا في المنطقة الغربية.
أزمة رواتب الجيش الليبي.. "5+5" تحذر من "مربع الفوضى"
رؤية يؤيدها المحلل السياسي الليبي خالد الترجمان، والذي يرى أن بيان اللجنة العسكرية التابعة للقيادة العامة، لن يكون انتكاسة للمسار العسكري، بل رد على محاولة ما وصفه بـ"خنق" الجيش الوطني من خلال التلاعب بمرتبات عناصره.
وأوضح الترجمان، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن بيان الجيش الليبي بمثابة تحذير جدي لعبد الحميد الدبيبة، مشيرًا إلى أنه ليس موجهًا فقط لرئيس الحكومة المنتهية ولايتها؛ بل لكل من يراهن على الاستيلاء على واردات النفط والغاز الليبي.
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي محمد يسري، إنه رغم وجود محاولات عديدة للزج باللجنة العسكرية الليبية المشتركة في تجاذبات سياسية بين الفينة والأخرى، إلا أن أساس عملها منذ تكوينها بعيد عن الملف السياسي.
وأضاف المحلل الليبي، لـ"العين الإخبارية"، أن البيان هو بمثابة تحذير لحكومة الدبيبة بأنها ستتحمل أي عواقب، والتي قد يكون من ضمنها إشعال فتيل الحرب والصراع مرة أخرى.
ولفت إلى أن البيان يشكل مزيدا من الضغط على الدبيبة؛ لإرغامه على تسليم السلطة لحكومة فتحي باشاغا التي أصبحت تقترب كثيرا من تسلم مهامها.
وشدد المحلل الليبي على أن البيان بمثابة رسالة للمجتمع الدولي الحريص على مصالحة داخل ليبيا، مؤكدًا أن هذه المصالحة ستصبح بالفعل مهددة في حال استمرار حكومة الدبيبة.
وفيما أكد أن بيان اللجنة العسكرية سيجعل المجتمع الدولي يتحرك لمواصلة الضغوطات على الدبيبة وحكومته من أجل تسليم الحكومة، شدد على أن أزمة صرف راوتب الجيش الليبي هي آخر ورقة قد يريد الدبيبة قراءتها أو "التلاعب" بها؛ لأن المسار العسكري وعمل لجنة "5+5" هو شأن ليبي ودولي ومراقب من الدول الكبرى.
حلحلة الأزمة
وحول إمكانية مساهمة البيان التحذيري للجيش في حلحلة نهائية للأزمة، يرى الخبير الليبي أن هناك تدخلات ستحدث، كون الملف العسكري أحد أهم الملفات وأنجحها وأكثرها حساسية، مشيرًا إلى أنه إذا ما تمت عرقلة عمل اللجنة مثل ما يؤكد البيان؛ فإن دولا كبرى ستتدخل بالإضافة إلى البعثة الأممية ومجلس الأمن، للضغط على حكومة الدبيبة لحلحته وتسليم السلطة.
وهو ما أكده المحلل الليبي أيوب الأوجلي، والذي أشار إلى أن البيان طالب بعدم تدخل السياسيين في عمل اللجنة؛ كونها "نقطة غاية في الأهمية"، خصوصا بعد أن أثبتت اللجنة أن العسكريين الليبيين كانوا أكثر نضجا من الساسة خلال الأزمة.
وأوضح أن بيان اللجنة حمل في طياته تحذيرا واضحا للدبيبة والبعثة الأممية التي تقوم بحماية المسار السياسي، محملا إياهم المسؤولية الكاملة عن انهيار المسار العسكري وهو أمر غير معتاد من اللجنة؛ مما يدق ناقوس الخطر عند كافة الأطراف.
وأكد أن حل الأزمة يكمن في إبعاد الدبيبة عن السلطة، مشيرًا إلى أنه لن يكون هناك حل آخر غير ذلك؛ فـ"هذه التصرفات ليس لها مبررات قانونية، لكن الغرض منها تحقيق مكاسب سياسية عن طريق استفزاز القيادة العامة للقوات المسلحة ودفعها نحو ارتكاب اي أخطاء بهدف نسف العملية السياسية القائمة حاليا والاستمرار في السلطة لأطول مدة ممكنة".