المهاجرون الأفارقة.. حلم السفر إلى أوروبا يتحول لكابوس في ليبيا
الأمم المتحدة تؤكد أن هناك حوالي 650 ألف مهاجر يعيشون في ليبيا، مع حوالي 2000 في "مراكز احتجاز" تكاد لا تكون ملائمة للعيش فيها
أعدت صحيفة "تليجراف" البريطانية تقريرًا مطولًا يتحدث عن المهاجرين الأفارقة العالقين في مراكز احتجاز ليبية ذات أوضاع سيئة.
وذكرت الصحيفة أن أكثر من 40 ألفًا من المهاجرين إلى أوروبا تم اعتراض طريقهم بالبحر منذ بدأت إيطاليا دفع رواتب حرس السواحل الليبي وتجهيزهم بالمعدات للقيام بهذه المهمة عام 2017.
وأثار مصير هؤلاء المحتجزين غضبًا عالميًا، إذ دعا مفوض حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي، إيطاليا لتعليق تلك العمليات بسبب "انتهاكات حقوقية خطيرة".
وطبقًا للأمم المتحدة، هناك حوالي 650 ألف مهاجر يعيشون في ليبيا، مع حوالي 2000 في "مراكز احتجاز" تكاد لا تكون ملائمة للعيش فيها.
وحسب "تليجراف" فإنها عندما زارت مخيم احتجاز في طرابلس وجدته عبارة عن مبنى مسيج يضم مستودعا بأرضية إسمنتية ينام فيه 160 سجينًا على مراتب رفيعة موضوعة على الأرض، وكان هناك 37 امرأة بمنطقة منفصلة.
وقالت جوديث سندرلاند، المديرة المشاركة لقسم أوروبا ووسط آسيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش": "الحديث المتعلق بالشؤون الإنسانية لا يبرر الدعم المستمر لحرس السواحل عندما تعلم إيطاليا أن الأشخاص الذين تم إلقاء القبض عليهم في البحر سيعودون للاحتجاز التعسفي والانتهاكات".
وذكرت "تليجراف" أن ليبيا لطالما كانت مقصدًا للمهاجرين، وأنه أثناء فترة حكم الرئيس السابق معمر القذافي، كان هناك ما يصل لمليوني عامل مهاجر يعيشون ويعملون هناك، ويرسلون المبالغ المالية إلى عائلاتهم في أفريقيا والشرق الأوسط.
وبعد الإطاحة بالقذافي عام 2011، أصبحت ليبيا وجهة جذابة أمام المهربين، الذين يعرضون على هؤلاء الأشخاص اليائسين تذكرة حياة أفضل في أوروبا.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن نحو 43 ألفا مسجلين بصفتهم مهاجرين هاربون من الصراع، لكن معظمهم مهاجرين اقتصاديين، إما باحثين عن فرص عمل في ليبيا، أو يأملون الانتقال إلى أوروبا.
وأوضحت أن التمييز بين أولئك الذين جذبهم الطريق غير الشرعي إلى أوروبا، وأولئك المستقرين في ليبيا، هو أمر صعب؛ لأن كثيرا من المهاجرين يعلقون ويزج بهم في مجتمعات شبه دائمة أثناء محاولتهم جمع الأموال من أجل مواصلة رحلتهم.
وأوضحت الصحيفة أن الطريق عبر الصحراء تسيطر عليه جماعات إجرامية منظمة بشدة، ولديها شبكات واسعة النطاق في ليبيا ودول مثل نيجيريا والنيجر.
أحلام وردية
وأوردت "تليجراف" قصة النيجيري أوساس أكاهومن، الذي خرج من بلاده بحثًا عن العمل في أوروبا عام 2016، وكان في مخيلته أنه سيتمكن من العثور على فرصة عمل لائقة ومرتب جيد في مكان ما هناك.
لكن بدلًا من ذلك، وجد نفسه في رحلة معاناة تعرض فيها للاختطاف وطلب فدية مرتين، بالإضافة إلى المهربين الذين تركوه ليموت في الصحراء، لينتهي به الحال في حبس انفرادي في "مركز احتجاز" بالكاد يكون ملائمًا للعيش فيه في ليبيا بدون مراحيض صالحة للاستخدام.
وقال المهاجر النيجيري، 28 عامًا، في مقابلة مع الصحيفة من معسكر احتجازه في طرابلس: "لا توجد فرشاة أسنان، ولا مياه جارية، هناك قمل في كل مكان. على الأقل في نيجيريا كان يمكنني الحلاقة، وغسيل أسناني. أريد فقط العودة إلى نيجيريا، ولا أنصح أي أحد بفعل ما أقدمت عليه.. خسرت 4 أعوام من حياتي".
وفيما يتعلق بالمهربين، قال أكاهومن: "تركونا في الصحراء، وانطلقوا في طريقهم قائلين إنهم ذاهبون لشراء مياه، لكنهم لم يعودوا أبدًا. أمضينا 8 أيام في الصحراء دفعتنا لشرب بولنا للبقاء على قيد الحياة، وهناك 11 شخصًا ماتوا من العطش، وشاهدت ابنة عمي تموت أمامي، وكان عمرها 19 عامًا".
وعندما وصل المهاجر النيجيري إلى صحراء سبها، التي أصبحت نقطة رئيسية على طريق الهجرة، اختطف، واحتجز 4 أشهر حتى تمكنت عائلته من جمع مبلغ الفدية بقيمة 800 دولار.
وأخيرًا، بعد أكثر من عام من العمل تمكن من جمع مبلغ قيمته 500 جنيه إسترليني للدفع مقابل مكان في أحد القوارب المطاطية الخطيرة المكدسة الشهر الماضي، لكن الرحلة استوقفت بعد ساعات في 11 يناير/كانون الثاني.
aXA6IDEzLjU4LjYxLjE5NyA= جزيرة ام اند امز