الموريتانية مي مصطفى.. تتحدى القيود لتحقيق حلمها السينمائي
مي تعتبر نفسها مهاجرة من أجل تحقيق المزيد من طموحاتها في مجال الإخراج السينمائي، ورفع مكانة هذا الفن على الساحة الموريتانية
انتقلت مع عائلتها الصغيرة بسبب الظروف السياسية في ليبيا سنة 2011 إلى موطنها الأصلي موريتانيا، وحملت معها هواية فن التصوير الفوتوغرافي، الذي شغفت به في بداية مشوراها المهني، قبل الاتجاه إلى الإخراج السينمائي، والنجاح في إنتاج عديد الأفلام.. إنها المخرجة الموريتانية مي مصطفى الخو.
مي مصطفى الخو، أول فتاة تتحدى قيود المجتمع الذي يرى في السينما خروج عن المألوف بالنسبة للرجل، فما بالك بالنسبة للمرأة. فثارت على تقاليده المتحفظة على ولوج المرأة إلى بعض التخصصات، ورسمت لنفسها مساراً خاصًا، وهاجرت نحو جمهورية مصر العربية في سبيل تحقيق رسالتها الفنية.
في المعهد العالي للسينما بالقاهرة تدرس مي الإخراج السينمائي، كأول امرأة تتخصص بالمجال في تاريخ البلد، وكأول موريتاني يدرس في هذه المؤسسة العريقة، وثاني شخص يتخصص أكاديمياً في الإخراج السنيمائي.
تتويج مسيرة المخرجة مي مصطفى السينمائي الذي بدأ في سنة 2012، كان قبل أسبوع على منصة مهرجان أوسكار الإبداع الأفريقي بالقاهرة، عن فيلم "لم ينته بعد"، مثلما كانت قد حصدت العديد من التكريمات خلال مشاركات سابقة لها في عديد المهرجانات الإقليمية والدولية.
تعتبر مي نفسها مهاجرة من أجل تحقيق المزيد من طموحاتها في مجال الإخراج السينمائي، ورفع مكانة هذا الفن على الساحة الموريتانية، وتغيير الصورة النمطية عن المرأة والفتاة بشكل عام، كعنصر فاعل في المجتمع.
فوز المخرجة الموريتانية الشابة بهذه الألقاب في المهرجات الدولية، تراه بصيص أمل لعشاق الفن السابع في موريتانيا، وشعلة طاقة إيجابية لهواة "الصورة المتحركة"، على حد تعبيرها.
وقال مي في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "إنه باب مفتوح لمخرجين ومخرجات يحدوهم الأمل إلى حصد التتويج بجوائز في مهرجانات وتظاهرات عالمية".
وتحدثت مي عن بدايتها مع الإخراج السينمائي، والتحديات التي واجهتها قائلة إن أبرزها نظرة مجتمعها المحافظ، والذي يعتبر كل ما له علاقة بالفن السابع "وصمة العار بالنسبة للفتاة"، مضيفة أنها تجاوزت هذه المعوقات الاجتماعية، وبدأت في طريق تحقيق أحلامها.
وترى مي أن ما حققته حتى الآن من تتويج ومشاركة، وما اكتسبته من مهارات، يثبت أن الفتاة الموريتانية وحتى إن كانت تنتمي لمجتمع محافظ، فهي قادرة على إثبات جدارتها ومكانتها في واحد من أهم الفنون العصرية الجميلة كفن السينما.
اهتمام مبكر بالصورة
شغف مي مصطفى بالتصوير الفوتوغرافي وهي في عمر الـ8 سنوات، كان بمثابة النافذة التي ولجت من خلالها إلى فن الإخراج السينمائي، كما أنها اهتمت درست الإخراج عن طريق الانترنت، والتحقت بالورش التي نظمتها بعض السفارات الغربية في نواكشوط للهواة والمهتمين بالمجال.
وشاركت مي مصطفى قبل العمل في الإخراج السينمائي بعدة عروض دولية للتصوير الفوتوغرافي، أهمها المشاركة سنة 2011 في مسابقة حمدان بن راشد آل مكتوب للتصوير الفوتوغرافي بالإمارات العربية المتحدة، لتصل إلى المرحلة الـ3 في هذه المسابقة.
وفي سنة 2012، بدأت اهتمامات مي مصطفى بالإخراج السينمائي تتجسد على أرض الواقع، من خلال أفلام قصيرة أنتجتها، وتم عرضها في مهرجان نواكشوط السينمائي في نفس السنة، ونالت تلك الأعمال البسيطة إعجاب الحضور.
أما أول أعمال المخرجة السينمائية مي مصطفى، التي شاركت به في مهرجانات دولية، فكان فيلم "النهاية"، الذي تم إنتاجه سنة 2014، وكان في حقيقة الأمر هو البداية.
وقالت مي: "كانت الرغبة الجامحة في حضور أول مهرجان دولي يعرض أعمالي، تحدي فرض علي تحمل جزء كبير من التكاليف المالية من أجل تحقيق هذا الهدف"، وكانت المشاركة الأولى في مهرجان أغادير للأفلام السينمائية بالمغرب، سنة 2014.
وأضافت: "كنت أسعد كثيراً بمتابعة الجمهور لفيلم (النهاية)، وكذلك بإشادة النقاد ولجنة التحكيم، ليتم في السنة ذاتها دعوتي للمشاركة بنفس الفيلم في مهرجان السينما المغاربية بالجزائر".
ولم تقتصر عروض فيلم "النهاية" على المهرجانات المغاربية، بل أخذ طريقه إلى عدة مهرجانات في عدة بلدان، مثل العراق، ومهرجان "بريستول" في بريطانيا، كما عرض في السويد وهولندا، بالإضافة إلى مصر وتونس أيام أسبوع السينما الأوروبية، وكذلك المهرجان المغاربي في باريس.
وأشارت مي على إصرارها على مواصلة المسيرة، والاستمرار في إنتاج أفلام سينمائية أفضل، قائلة: "هذا هو التحدي الذي كان أمامي في تلك الفترة، وكان هدفي الوصول إلى المزيد من المهرجانات الدولية، وقد أنتجت في هذا العام فيلم بعنوان (عشتار وإيزيس)، الذي شاركت من خلاله بمهرجان مالمو، الذي يعتبر من أهم مهرجانات السينما العربية بالسويد، كما أخذ جائزة لجنة التحكيم بمهرجان نواكشوط سنة 2015، وكذلك تنويه خاص من لجنة تحكيم مهرجان الفيلم العربي بـ(قابس) التونسية 2016".
وقالت مي: "توالت بعد ذلك الأفلام والمشاركات الخارجية، ومنها على سبيل المثال أفلام (الصندوق الأول)، و(أجراس)، وكذلك الفيلم الوثائقي (نحن هنا)، الذي شاركت به في مهرجان مسقط".
ورغم أنه لم تنته بعد من دراسة السينما، كأول موريتانية شابة تقتحم هذا المجال، حرصت مي مصطفى على الاستمرار في إنتاج الأفلام، والمشاركة في المهرجانات والعروض الدولية باسم بلدها موريتانيا، وهي على مقاعد الدراسة الأكاديمية في تخصص شعبة الإخراج السينمائي بالمعهد العالي للسينما بجمهورية مصر العربية.
وكانت آخر المشاركات عبر فيلمها الجديد "لم ينته بعد"، الذي توجت من خلاله بإحدى جوائز أوسكار الإبداع الأفريقي.
وضمت الأفلام المرشحة لنيل أوسكار الإبداع الأفريقي، أفلام من بلدان: توجو، مصر، وجنوب السودان، والصومال، بالإضافة إلى أوغندا، السودان، وكينيا.
وتتشكل لجنة تحكيم مجال الأفلام القصيرة في أوسكار الإبداع الأفريقي، من الدكتورة غادة جبارة، نائب رئيس أكاديمية الفنون، والمخرج هاني خليفة، ومدير التصوير أحمد حسين.
يذكر أن الدول المشاركة في أوسكار الإبداع الأفريقي شباب من دول السودان، جنوب السودان، إثيوبيا، تونس، موريتانيا، تنزانيا، الصومال، أوغندا، الكونغو الديمقراطية، تشاد، زامبيا، جامبيا، جزر القمر، مالاوي، نيجيريا، الكاميرون، توجو، كينيا، مدغشقر، جنوب أفريقيا، بالإضافة إلى مصر.