إدارة "الرقة".. "المعركة الأصعب" بدأت قبل أوانها
إشكالية إدارة مدينة الرقة، التي وصفت بأنها ستكون "المعركة الأصعب"، بدأت قبل أن تنتهي الحرب على تنظيم داعش الإرهابي في المدينة
لم تنتهِ الحرب على تنظيم داعش الإرهابي في مدينة الرقة السورية، التي تقودها قوات سوريا الديمقراطية مدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا، ورغم ذلك بدأت إشكالية إدارة المدينة، التي وصفت بأنها ستكون "المعركة الأصعب".
- لماذا اختار داعش الرقة عاصمة.. وما مصيرها بعد التحرير؟
- اشتباك الأسد و"سوريا الديمقراطية".. تضارب مصالح بين الحليفين
وقال إبراهيم الأصيل، محلل بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن قبل أيام، إن "معركة استعادة الرقة ستكون صعبة جداً، واستعادة أمن وحكم المدينة سيكون أكثر صعوبة".
تصريح الأصيل، ربما بني على إعلان قوات سوريا الديمقراطية في إبريل/نيسان الماضي تشكيل مجلس مدني لإدارة المدينة بعد تحريرها، وهي الخطوة التي رأى أنها لن تروق لأطراف أخرى، من بينها بعض أطراف المعارضة السورية.
لم تمر أيام حتى تحققت تلك الرؤية، حيث عقد الائتلاف السوري المعارض ورشة عمل اليوم الأربعاء 21 يونيو/حزيران في مدينة إسطنبول التركية، حول "إدارة مدينة الرقة بعد تحريرها من تنظيم داعش"، ذهب فيها إلى القول إنه الجهة الوحيدة المخولة بإدارة مدينة الرقة بعد طرد تنظيم داعش منها، محذراً من أن أي حل آخر قد يمهد إلى "حرب أهلية".
وقال رئيس الائتلاف رياض سيف، إن الاعتراف العربي والدولي بهم يمنحهم الشرعية للقيام بهذه المهمة، مضيفاً أن "أي حل آخر يفرض بالإكراه سيكون قنبلة موقوتة وبداية تمهد لقيام حرب أهلية".
واعتبر سيف أن تمكين أهل الرقة من إدارة مدينتهم تحت إشراف الحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف هو الحل الأمثل، بعد تحرير المدينة من قبضة تنظيم داعش.
مضيفاً أنه "لا بد من تدارك الضرر الذي حصل من تكليف قوات سوريا الديمقراطية بتحرير الرقة واستبعاد فصائل الجيش السوري الحر المعتدلة، التي كانت قادرة على تنفيذ المهمة إذا ما تلقت بعض الدعم من دول أصدقاء الشعب السوري".
ويحظى هذا الخيار بدعم تركيا، التي تنظر إلى قوات سوريا الديمقراطية في شمال سوريا على أنها ذراع لـ"حزب العمال الكردستاني"، الذي يخوض حرباً ضد القوات التركية، والمصنف على قائمة الإرهاب في تركيا وأمريكا.
وأكدت تركيا أكثر من مرة أنها لن تسمح بسيطرة قوات سوريا الديمقراطية على الرقة بعد تحريرها، وقال نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش، في مارس/آذار الماضي "الرقة عائدة لأهلها، ولو قامت قوات التحالف الدولي بدعم المعارضة المعتدلة في عملية تحرير الرقة فإننا سندعمها، كما سبق أن أعلنا في جميع المناسبات.. لكن إن قلتم (قوات التحالف) لنا سنُخرج داعش لنضع حزب العمال الكردستاني مكانه، فإن تركيا لن تسمح بذلك أبدا.. ولن تشارك في العملية".
ويبدو أن تركيا ماضية في تنفيذ هذا التهديد، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن تعزيزات عسكرية تركية تشمل قوات ومركبات وعتادا أرسلت إلى شمال سوريا.
وأفاد المرصد بأن التعزيزات تأتي في إطار الاستعدادات لشن القوات التركية وحلفائها من فصائل المعارضة السورية هجمات مشتركة جديدة على وحدات حماية الشعب الكردية في تلك المنطقة من شمال غرب سوريا.
والنظام السوري هو الآخر ليس ببعيد عن المشهد، وقال الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع قناة فينكس الصينية في مارس/آذار الماضي إن مدينة الرقة هي "أولوية" بالنسبة لنظامه خلال الفترة المقبلة.
وقبل أسبوع قال محمد نبيل طعمة، عضو مجلس الشعب السوري لقناة سبوتنيك الروسية، "إن الرقة وبعد تحريرها ستعود إلى حضن الأسد، رغم بعض الشكوك حالياً من طبيعة ما تنوي (قوات سوريا الديمقراطية) فعله بعد طرد داعش".
وأضاف، أنه ينبغي عدم التسرع في إصدار الاتهامات أو المقارنات والمقاربات بحق "قوات سوريا الديمقراطية”، مؤكدا أنها ما زالت تعمل ضمن “النسيج الوطني".
ولكن يبدو أن النظام السوري وصلته إشارات مخالفة لما قاله طعمة، فأقدم في سابقة هي الأولى من نوعها على الاشتباك مع قوات سوريا الديمقراطية بعد تحريرها لقريتين في معركة الرقة من أيدي تنظيم داعش الإرهابي.
وشنت مقاتلة سوخوي تابعة للنظام السوري في 19 يونيو/حزيران الجاري غارة على قوات سوريا الديمقراطية، لترد الولايات المتحدة على هذا الهجوم بإسقاط المقاتلة السورية، وهو الأمر الذي أعزاه حينها المحلل السياسي ميسرة بكور إلى تضارب المصالح بين الأسد وقوات سوريا الديقراطية.
وقال بكور، في تصريحات سابقة لبوابة العين الإخبارية: "سوريا الديمقراطية تسعى من خلال الرقة إلى إقامة كيان مستقل بها، سواء في ظل الدولة السورية أو منفصل عنها؛ خاصة مع تصاعد الأصوات الكردية في العراق الساعية للانفصال عن بغداد، في حين يحاول الأسد الحيلولة دون ذلك، ويسعى إلى ضم المناطق التي يستولي عليها من الرقة إلى باقي مناطق نفوذه".
وعلى ذلك يبدو أن معركة إدارة الرقة ستكون أصعب من تحريرها، ويخشى الأهالي أن يتخلصوا من كابوس داعش، ليجدوا أنفسهم ضحية صراع عدة أطراف.
aXA6IDMuMTM3LjE3Ni4yMTMg جزيرة ام اند امز