في حوار المنامة كان الصوت الأقوى هو صوت العقل القاضي بضرورة البحث جذريا في ظاهرة داعش وخطرها على الأمن الإقليمي.
شهدت حوارات المنامة -قمة الأمن الإقليمي في البحرين- مداخلات أجمعت على أمور محورية تصب في مصلحة أوطاننا وشعوبنا، في مواجهة خطر الإرهاب على مستقبل أبنائنا، وازدهار ونماء دولنا، وفي مقدمة هذه الأمور أمران: الأول يرتبط بالبحث الدقيق في مصادر الفكر الإرهابي المتطرف تمويلاً واحتضاناً ورعاية، وأما الأمر الثاني فيتعلق بأهمية التنمية والتعليم وقيم التسامح والانفتاح والحوار مع الآخر، في سبيل الخروج بمنطقتنا العربية من هذا الوضع المحزن من التشتت والضياع واللامنهجية في مواجهة داعش تحديداً، خاصة في كيانات عربية كانت ضحية للإرهاب التكفيري والتنازع الطائفي والتبعية الخارجية نتيجة تجاذب القوى الرئيسي بين قطبين حملا إلى هذه الدول كل الضغينة الموروثة والحقد القديم منذ أيام إمبراطورية كسرى فارس وسلطنة الباب العالي العثمانية، فتعاملا معها باستعلاء فاضح، وتدخلا بمفاصل حياتها وصناعة قرارها، في أشرس تقاسم محموم لثروات وقدرات هذه الدول المتأثرة بهذا التنازع ما بين هوى طهران وهوى أردوغان، والمنقسمة على ذاتها بانتماءات طائفية ومذهبية يغذيها نظام الملالي بالدرجة الأولى، سعياً منه إلى تنفيذ أجندة تصدير الثورة التي لم يكل أو يمل في محاولة اختراق دولنا بها منذ عام 1979.
لا يمكن لنا أن نبحث في الأسباب الحقيقية لظاهرة داعش دون أن نبحث في علاقة إيران بالقاعدة، منذ توفيرها الملجأ الآمن لقياداتها في التسعينيات حتى يومنا هذا، فأينما حلت داعش والقاعدة بمختلف تسمياتهما كان قاسم سليماني ثالثهما
في حوار المنامة كان الصوت الأقوى هو صوت العقل القاضي بضرورة البحث جذرياً في ظاهرة داعش وخطرها على الأمن الإقليمي بعدما تحولت من تنظيم دولة يفرض سيطرته على ثلاثة أرباع العراق وسوريا، إلى خلايا سرطانية نائمة تنتشر في ثلاثة أرباع الكرة الأرضية، وتتحين الفرصة السانحة لتنقض على ضحاياها من الأبرياء.
وبينما يراهن البعض على نجاح وتسويق مؤامراتهم الشيطانية وخططهم إما عبر مد بقايا داعش بأسباب البقاء من عتاد وعدة، وأفكار تكفيرية، أو تجييش الناس البسطاء عبر إيهامهم بمطالب حرية الرأي والتعبير مستخدمين في سبيل ذلك أقذر أدوات التجنيس والارتزاق، يجتمع أصحاب الرأي الموضوعي في حوار المنامة ليكشفوا عن الأسباب الحقيقية للظاهرة المرضية الفتاكة، وما قاله وزير خارجية المملكة الشقيقة عادل الجبير يختصر جوهر المشكلة، فهو رأى أن "الإخوان هم الفكر الأساسي للقاعدة وداعش وغيرهما من التنظيمات الإرهابية".
نعم.. لا يمكن لنا أن نبحث في الأسباب الحقيقية لظاهرة داعش دون أن نبحث في علاقة إيران بالقاعدة، منذ توفيرها الملجأ الآمن لقياداتها في التسعينيات حتى يومنا هذا، فأينما حلت داعش والقاعدة بمختلف تسمياتهما كان قاسم سليماني ثالثهما.
كما ونحن على بعد أيام قليلة من اختتام "دافوس الصحراء - منتدى الاستثمار السعودي" نرى أنه لا يمكن لنا أن نقضي نهائياً على ظاهرة داعش الإرهابية إلا عبر اعتمادنا على هذا التكاتف الوثيق بين المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر ودول التحالف العربي والإسلامي، فمعه يترسخ الأمل في التنمية والاستدامة لشعوب عانت طويلاً من الفتن التي سببت الموت ونشرت الدمار ولم تبقِ للشعوب إلا ميراث النزوح واللجوء والفساد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة