من الطبيعي أن يكون التسامح منطلقا حيويا للتعايش الحضاري البناء في مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة.
في مجتمع مُتَشَبِّث بقيم الفضائل والمكارم والأصالة نجد فيه مظاهر التسامح تتجلى في جميع مناحي الحياة، مظاهر دينية وتاريخية واجتماعية وثقافية وفنية وحضارية.
فمبادئنا الدينية واستراتيجية قيادتنا الرشيدة والمؤتمرات الدينية وتبادل الزيارات وازدهار السياحة واجتذاب الباحثين عن جودة الحياة من عمال ومستثمرين وسيّاح.. هي أبرز مظاهر التسامح التي نشاهدها يوميا في مدن الدولة ومؤسساتها ومعالمها الحضارية.
إذ من الطبيعي أن يكون التسامح منطلقا حيويا للتعايش الحضاري البناء في مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، فهي دولة حاضنة لما يزيد على 200 جنسية يتشاركون جنبا إلى جنب مع المواطنين في بناء النهضة الشاملة التي تنعم بها الدولة، وتعدد الجنسيات والثقافات صار مصدر ثراء ثقافي وإنساني قد توفرت له الحماية القانونية في الدولة، فأصبح ظاهرة اجتماعية وإنسانية راقية، حيث لا تمييز ولا ازدراء للدين أو العرق أو الثقافة، ولذلك أصبحت دولة الإمارات الأنموذج الأمثل للتسامح والتعاون والتعايش الكريم بين جميع مكونات المجتمع.
فمن الموجّهات الدينية للإسلام الحنيف تَعَلَّمْنا ثقافة التسامح واحترام إنسانية الإنسان، قال سبحانه وتعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا" (الحجرات: 13)، فالإنسان نال أرقى درجات التكريم في عرفنا وثقافتنا المتوارثة "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ.." (الإسراء: 70).
ومن حكمة قيادتنا الرشيدة وأصالة مجتمع الإمارات أصبح التسامح والتعاون منطلقا لتحقيق أرقى أنماط التعايش الحضاري في الدولة، وعلى أرض الإمارات تتلاقى القيادات الدينية لنشر السلام والوئام بين الأمم والشعوب.
ونحن في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف ننظر بإيجابية وتفاؤل كبيرين إلى زيارة قداسة بابا الفاتيكان وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، فجسور التواصل الحضاري والديني فعّالة وقوية منذ عهد القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- الذي بحكمته وتسامحه ثم حكمة هذه المدرسة القيادية أصبح التسامح ثقافة متجددة ومتجذرة في كل المناسبات الدينية الإسلامية وغير الإسلامية.
فالأعياد المسيحية مناسبة للتلاقي وترسيخ قيم التسامح، فعادةً ما نُدعى إليها فتشهد حضورا رسميا واجتماعيا من الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف وعلمائها ومفتيها، وكذلك مناسباتنا الإسلامية يحضرها كبار رجال الدين ورؤساء الكنائس في الدولة مثل ذكرى المولد النبوي الشريف والهجرة النبوية، والإسراء والمعراج.. وهذا التلاقي والحضور والمشاركات الإنسانية والوطنية عززت في أتباع الديانات داخل المجتمع روح التسامح وعرّفت الجميع بالمشتركات الكبرى بين الديانات أصولها وقيمها ومنطلقاتها، وكان لهذا أعمق الأثر في بناء أوثق العلاقات بين البشر.
وأخيرا: فإن أجمل الرسائل التي ينقلها أبناء الجاليات لأهليهم وبلدانهم عن الإمارات وشعبها هي التي أسهمت في جعل دولة الإمارات عاصمة للتسامح وقبلة لكل الذين ينشدون السعادة والحياة الراقية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة