سلام عليكم يا شهداء الوطن، كلما طلعت الشمس على ربوع الإمارات، وأبناؤها يعيشون على أرضها مرفوعي الرأس موفوري الكرامة
سلام عليكم يا شهداء الوطن، كلما طلعت الشمس على ربوع الإمارات، وأبناؤها يعيشون على أرضها مرفوعي الرأس موفوري الكرامة، مطمئنين إلى أن إخوة لهم أقسموا أن يحموا حدود الوطن بدمائهم وأرواحهم.
سلام عليكم؛ فقد نقشتم أسماءكم بحروف من طُهر ونور في وجدان كل إماراتي، وألهمتم الأجيال معنى أعمق للوطنية وللبطولة والفداء، وقدَّمتم المثال الأسمى للجود بالروح ليبقى الوطن في أرفع منزلة وأعلى مكان.
سلام عليكم كلما أحس إماراتي بمعنى أن ينتمي إلى وطن عزيز حرّ يفتح أمامه كل الأبواب إلى حياة كريمة تحفظ له إنسانيته واعتزازه بذاته، وتفتح أمامه الطريق إلى التفوق والتقدم والنجاح.
سلام عليكم بعدد من يذهبون إلى مدارسهم وجامعاتهم وأعمالهم في كل مكان من أرض الإمارات، وقد امتلأت أنفسهم ثقة باليوم والغد، ويقينا بأن كل إشراقة شمس تعني مزيدا من الإنجازات ومزيدا من التقدم ومزيدا من الخير الذي يجعل بلدهم مهوى أفئدة البشر من أركان المعمورة الأربعة.
سلام عليكم كلّما تعلم طفل إماراتي حرفا على مقاعد مدرسته، وكلما تأسس في بلدنا الطيب صرح جديد للعلم والمعرفة، وكلما أشرق اسم الإمارات في صدارة الدول في التعليم والصحة والتكنولوجيا والأمن والأمان والسعادة والإيجابية والازدهار والعدالة.
سلام عليكم كلّما ذُكرت "دار زايد" محفوفة بالتقدير والثناء في مشارق الأرض ومغاربها، وكلما دعا لها مخلصين ملايينُ البشر الذين يفيض عليهم خيرها، وكلما نعم بهذا الخير عشرات الملايين من كل جنسيات الدنيا، ممن فتحت الإمارات لهم ولأسرهم أبوابا للرزق الحلال والعيش الكريم، واتسعت أرضها الطيبة لهم دون تفريق بين لون وجنس ودين.
سلام على دمائكم الزكية التي لم تضع هدرا؛ فلم تعرف قواتنا المسلحة إلا النصر في كل المهام النبيلة التي تولتها، وفي كل المسؤوليات التي تقدمت لحملها إعلاءً لكلمة الحق والعدل والقيم الإنسانية منذ قيام الدولة. وكانت نجدة الملهوف ونصرة المظلوم وكف البغي هدفا لها في كل مرة انطلق فيها أبناؤها حاملين راية الحق والعدل؛ فمن لبنان إلى الصومال والكويت والبوسنة وأفغانستان واليمن، غرس أبناؤنا راية الفخر، ورووها بالدم الطاهر، ليجمعوا بين النصر والشهادة، وليتركوا وراءهم أطيب ما يُمكن أن يُذكر به مقاتل وإنسان، ولتبقى ذكراهم عطرا تتزين به الإنسانية، وتستمد منه أسمى المعاني.
سلام عليكم كلّما أحسسنا وسط الفوضى التي تحيط بالمنطقة، والعواصف التي تضربها، بأننا نمضي إلى الأمام، واثقين بمتانة أركان البيت الذي يجمعنا.. البيت المتوحد خلف قيادته الحكيمة الشجاعة، صفّا واحدا لا يعرف الضعف إليه سبيلا، ولا تفت في عزيمته الشدائد والصعوبات، بقدر ما تُذكي إرادة أبنائه وعزيمتهم، وتضاعف من إصرارهم على النصر المؤزر الذي لا يرضون به بدلا.
سلام على الأمهات اللاتي يقدمن إلينا كل يوم دروسا نعرف منها بعض مكنون الوطن، ونكتشف جزءا من طاقاته وجوهره النقي؛ فأمهات الشهداء الشامخات كنخلات أصيلة، والمتشحات بكبرياء الحزن، كُن الأكثر صبرا والأصدق في التعبير عن الفخر بالشهادة، وكنَّ هنَّ من يخفف عنا ألم الفقد.. أمهات كهؤلاء لابد أن يربين أبناء كمن نرى.
سلام على آباء الشهداء ممتدة قاماتهم إلى عنان السماء، لا وجلت قلوبهم ولا اهتزت، فهم من غرسوا معنى الواجب في نفوس فلذات الأكباد.. ومن أعدهم لمثل هذا اليوم الذي تستبين فيه معادن الرجال.
سلام على الشهداء الأربعة الذين شيعناهم اليوم إلى جنان الخلد، وعلى من سبقوهم بالشهادة، وعلى جرحانا ومصابينا الذين تلهج ملايين القلوب لهم بالدعاء.. ونوقن كما أيقنوا بضرورة مواجهة الشر واجتثاثه من أصوله، وإكمال الرسالة التي بذلوا أرواحهم من أجلها، وهي منع قوى الشر وجماعاته وأذرعه من أن تنفذ مخططها الشيطاني، مخطط إشاعة الخراب والفوضى وتحطيم كل ما عملنا من أجله من استقرار ورخاء وتقدم وازدهار.
إننا نزداد يقينا كل يوم، بأنه لا بديل عن الانتصار على قوى الشر والبغي في مكانها، وأن أي تراخٍ أو تأجيل للمواجهة يعني السماح للخراب وللدمار بأن يضرب أوتاده ويمد جذوره ويصل إلينا وقد ازداد وحشية وعنفا، وكل شهيد نقدمه في مواجهة قوى الظلام إنما يضاعف من إصرارنا على وأد هذا الشر حيثما كان، لا دفاعا عن أشقائنا في اليمن وحدهم، أو عن دولة الإمارات العربية المتحدة وحدها، بل عن المنطقة جميعها، فدماء شهدائنا الأبرار هي ما كسر حلقة المؤامرة التي تحاول التهام المنطقة بأسرها، وإشعال النار في كل ركن فيها.
إن دماء شهدائنا تزيدنا ثباتا وقوة، ووفاءنا لها يتجسد في حرصنا على إكمال رسالتهم ومواصلة طريقهم، وهو ما أقسمنا عليه جميعا، ولن نتردد في تقديم التضحيات من أجله مهما عظُمت، وتسابُق أبناء الإمارات إلى الخدمة في أشرس جبهات القتال في اليمن رسالة بأن النصر المؤزر والكامل قريب بإذن الله.
وتشهد ميادين العمليات، خلال العامين الماضيين، بأن الاداء العسكري لأبناء الإمارات كان أداءً مذهلاً في احترافيته وقدرته على تنفيذ المهام وتحقيق الأهداف بأعلى درجات الكفاءة، وفقا لشهادات المختصين الكبار في الشأن العسكري. ومما لا شك فيه أن اجتماع الروح الوطنية الصادقة، واليقين بعدالة القضية، والكفاءة العسكرية في أقصى صورها، يعني حتمية الانتصار.
النصر النهائي والكامل على جماعات الشر ومن ورائها هو ما سنقدمه لأنبل أبناء الوطن ممن ضحوا بأرواحهم، ولن نخلف وعدنا معهم أبدا؛ فهم سيظلون المنارة التي نهتدي بها، وستظل أسرهم وأولادهم أمانة في أعناق كل الإماراتيين، تحقيقا لقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي خاطبهم ذات يوم: "كلكم عظم رقبة".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة