خبراء يؤكدون أن "مغازلة الإخوان لمرشح الأغلبية تكشف عن مدى التخبط والارتباك الذي يعاني منه التنظيم، وإمعانه في طعن حلفائه السياسيين".
اعترفت قيادات في حزب إخوان موريتانيا "تواصل" بفشلهم في محاولة التسلل إلى الأغلبية الداعمة للمرشح الرئاسي محمد ولد الشيخ محمد أحمد، الذي كان الحزب الحاكم في البلاد قد أعلن ترشيحه لانتخابات يونيو/حزيران الرئاسية.
- قانون موريتاني لمحاربة الإرهاب وغسل الأموال.. هل يفضح تمويل الإخوان؟
- سياسيون موريتانيون: انتخابات الرئاسة أظهرت انقسامات ونفاق الإخوان
ونسبت صحيفة "صحراء ميديا" الإلكترونية الموريتانية، مساء الإثنين، لما وصفتها بـ"قيادات رفيعة" في التنظيم، تلقيهم "إشارات ورسائل" معبرة عن رفض المرشح لأي دعم سيتقدم به "الإخوان" خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، واعتبرت الصحيفة أن هذا الرفض يعني مواصلة المرشح، حال الفوز، نفس السياسة الحالية "الصارمة" ضد التنظيم.
وأكد خبراء ومحللون لـ"العين الإخبارية"، أن "مغازلة الإخوان لمرشح الأغلبية تكشف عن مدى التخبط والارتباك الذي يعاني منه التنظيم، وإمعانه في طعن حلفائه السياسيين المعارضين من الخلف".
ورغم أن الإخوان كانوا قد اتفقوا في 17 يناير/كانون الثاني الماضي، مع بقية أطراف المعارضة على دعم "مرشح موحد"، إلا أن منظري وكتّاب التنظيم بدأوا في التنصل من هذا الموقف، وأخذوا "يحلمون" بالتقرب من مرشح الأغلبية، في محاولة يائسة على ما يبدو للخروج من "مأزق" الحملة الأمنية التي تشنها السلطات منذ سبتمبر/أيلول الماضي ضد مؤسسات التنظيم.
تجفيف المنابع مستمر
الكاتب والمحلل السياسي محفوظ الجيلاني رئيس تحرير موقع "النشرة المغاربية" الموريتاني، اعتبر في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" أن "مرشح الأغلبية محمد ولد الشيخ محمد أحمد، سيكون في حالة الفوز، امتدادا لنفس سياسة الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، ضد تنظيم الإخوان الإرهابي".
وأشار الجيلاني إلى أنه "رغم أن هذه السياسة التي انتهجتها السلطات الرسمية خلال الأشهر الماضية ضد الإخوان كانت متأخرة نسبيا، فإنها كانت فعّالة فيما يتعلق بالتضييق على تحركاتهم وتجفيف منابع تمويلهم"، على حد تعبيره.
واعتبر الجيلاني أن "الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبد العزيز وجه ضربات للتنظيم لكنها لم تكن كافية للقضاء على قوة هذه الحركة المتعاظمة"، مشيرا إلى أنه "لا يكفي حظر وحل بعض الجمعيات والمنظمات، بل يجب التصدي لوسائلهم الأخرى التي لا تزال تمكنهم من الحصول على التمويل من الخارج وممارسة أنشطتهم"، على حد وصفه.
المشاركة من أجل التمويل الخارجي
الكتاب والمحلل السياسي، والأمين العام المساعد للحكومة الدكتور اسحاق سيد الأمين، اعتبر أن "التنظيم يعاني من الارتباك، بسبب تخاذل وخلافات قيادته التي تعاني من تفشي الصراعات القبلية الجهوية".
وكشف الدكتور إسحاق، عبر حسابه على "فيسبوك"، عن عمق الخصومة بين حزب الإخوان وأحزاب المعارضة التي علمتها التجربة ألا تثق في الجماعة التي تتقلب مواقفها بين "النصح والنطح، وخرق إجماع المعارضة في أكثر من موقف"، على حد تعبيره.
وأشار الدكتور إسحاق، وهو خبير في شؤون التنظيم، إلى أن مشاركة "الإخوان" عادة في الاستحقاقات الانتخابية- التي يخرجون فيها على إجماع حلفائهم المعارضين- يكون الهدف منها أساسا استدرار التمويل الخارجي"، مؤكدا أنهم يوهمون التنظيم الخارجي أنهم حزب معارض ممثل في البرلمان، ليكون قادرا على إبرام "الصفقات" مع الحزب الحاكم على حساب أحزاب المعارضة الأخرى".
وأوضح الدكتور إسحاق أن "الغالبية العظمى من ناخبي الإخوان يخضعون للتأثيرات الجهوية والقبلية، وهو ما يظهر في آلية اتخاذ القرارات، وصراعات النفوذ وموازين القوى بين القيادات"، مبينا أن الاستحقاقات الجديدة ستزيد حدة الانقسام داخل قيادة التنظيم، وبين صفوف أنصاره.
وأضاف إسحاق أن "التغييرات الأخيرة في قيادة التنظيم بموريتانيا، جاءت استباقا لمواقف قد يتخذها حزبه خلافا لتوجه بعض فئات ناخبيه؛ مبينا أنها "تغييرات ذات طابع استعجالي أطاحت برموز حزبية وجددت الثقة في المكتب التنفيذي الذي أعلن عنه بعد المؤتمر الوطني لحزب التنظيم".
واعتبر الكاتب والمدوّن الموريتاني سيدي محمد، أن "أسوء ما في قرار حزب (الإخوان)، أنه ضرب العمل الحزبي والمأسسة في مقتل" على حد تعبيره.
وأشار إلى أنهم "لا يؤمنون بجوهر القيم الديمقراطية التي تكافؤ الفرص، وهذا السوك الإلغائي يشير إلى مركزية القرار الأحادي في إدارة الشأن الحزبي العام، وذلك من وراء الستار"ـ على حد تعبيره.
أما الكاتب والمدوّن الموريتاني عيسى اليدالي فأوضح أن أسوء ما في الأمر أن يقرر حزب سياسي، في إشارة إلى حزب الإخوان، استخدام منطق "المؤلفة قلوبهم"، وهذا يعني "استبطان ثقافة التكفير واستخفاف بالمناضلين وقتل للمؤسسية".
ويعود أيضا مسلسل التنصل من الاتفاقات إلى عام 2009، حيث بادر التنظيم بالخروج عن الإجماع المعارض حيال الموقف من الانتخابات الرئاسية في هذا الوقت، بل وحاول عام 2010 الارتماء في أحضان الأغلبية، من بوابة التحالف الانتخابي، قبل أن تلفظه الأخيرة، ليجد ضالته في المحاولة الفاشلة لاستنبات ما يمسى بـ"الربيع العربي" في الساحة الموريتانية.
ودشنت السلطات الموريتانية في 24 سبتمبر/أيلول حملة إغلاق وحظر ضد مؤسسات تابعة لتنظيم الإخوان في موريتانيا.
وكشف الدكتور محمد الأمين ولد الشيخ وزير الثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية حينها، عن أن التحقيقات الخاصة بتمويل مركز علمي وجامعة تابعة للجماعة كشفت عن وجود "شبهات فيما يتعلق بالتمويل، وشبهات حول أوجه الصرف".
وأكد الرئيس الموريتاني، في تصريحات يوم 29 أغسطس/آب الماضي، أن حزب "تواصل" الإخواني متطرف ويرتبط بأجندات خارجية وحركات تقود العنف في بعض البلدان العربية، وطرح أيضاً احتمال حل الحزب الإخواني.
aXA6IDMuMTQ1LjYzLjEzMSA=
جزيرة ام اند امز