انتخابات الرئاسة.. "المرشح الموحد" قوة الأغلبية ومأزق المعارضة بموريتانيا
محللون أكدوا أن نجاح الأغلبية السياسية بقيادة الحزب الحاكم في إعلان اسم المرشح بـ"وقت مبكر" كان أهم نقاط القوة التي حققتها الأغلبية
شكّل إعلان الحزب الحاكم في موريتانيا، الثلاثاء الماضي، ترشيح وزير الدفاع محمد ولد الغزواني لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة أولى محطات السباق المتوقع يونيو/حزيران 2019، وسلط الضوء على ملامح الخريطة الانتخابية قيد التشكل في البلد وموازين القوى بين الأطراف المتنافسة في هذه الاستحقاقات.
واعتبر محللون وخبراء لـ"العين الإخبارية" أن نجاح الأغلبية السياسية بقيادة الحزب الحاكم في إعلان اسم المرشح في "وقت مبكر" كان أهم نقاط القوة، التي حققتها هذه الأغلبية في طريقها إلى كرسي الرئاسة، خاصة في ظل فشل المعارضة حتى الآن في الاتفاق على "مرشحها الموحد".
- الحزب الحاكم بموريتانيا يعلن ترشيح وزير الدفاع للانتخابات الرئاسية
- خبراء موريتانيون: بقاء الرئيس ولاية ثالثة يخدم مسيرة التنمية
وكان رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية سيدي محمد ولد محم كشف في تغريدة له على حسابه الشخصي في "تويتر" أن اختيار وزير الدفاع الحالي محمد ولد الغزواني يشكل ما وصفه بـ"أفضل خيار لاستمرار المشروع الوطني، الذي يقوده الرئيس الحالي محمد ولد عبدالعزيز".
كما لقي قرار الحزب الحاكم في موريتانيا ترشيح وزير الدفاع محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني للانتخابات الرئاسية 2019 ترحيباً وإشادة واسعة في صفوف السياسيين والطبقة الحاكمة في البلاد.
التوقيت المناسب
الكاتب والمحلل السياسي عبدالله ولد السيد، المدير المساعد سابقاً للوكالة الموريتانية للأنباء، اعتبر في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن المشهد السياسي الحالي في موريتانيا مقبل على إعادة تشكل تميل فيه القوة لصالح مرشح الأغلبية على حساب مرشحي المعارضة المحتملين.
وأشار ولد السيد إلى أن اختيار وزير الدفاع الحالي من طرف الرئيس محمد ولد عبدالعزيز كمرشح عن الأغلبية لخوض المنافسة يشكل أهم عامل يسهم في قدرتها على الحسم بشكل أقوى، بسبب المميزات الشخصية للرجل.
وبيّن ولد السيد أن هذا الاختيار يعود لعوامل كثيرة، أبرزها ثقة الرئيس في المرشح محمد ولد الغزواني، وقدرة الأخير على "خوض المرحلة" بشكل فعّال، خصوصا في وقت "تمر فيه المعارضة الموريتانية بحال ارتباك بسبب خلافاتها الداخلية وصعوبة الاتفاق على مرشح موحد" حسب تعبيره.
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد الأمين أن فرصة مرشح الأغلبية لكسب الرهان الرئاسي تعود أيضاً إلى "توقيت إعلان الاختيار"، مشيراً إلى أن هذا التوقيت "المبكر نسبياً" أسهم في بقاء الأغلبية موحدة ومتماسكة، على عكس ما يجري في ساحة المعارضة، حسب تعبيره.
وأشار الأمين في تصريح لـ"العين الإخبارية" إلى أن اختيار المرشح قبل نحو 4 أشهر من يوم الاقتراع يمنح الأغلبية الوقت الكافي للتعبئة والتنسيق مع مختلف القواعد الانتخابية، و"يردع" أي مساعٍ لبروز مرشحين آخرين من الكتل السياسية نفسها الداعمة للأغلبية، إلا إذا كان تعدد مرشحي الأغلبية سيعتمد "كخيار انتخابي".
مأزق المعارضة
بدوره، قال الكاتب والإعلامي الموريتاني أحمد محمدو، في تدوينة على حسابه بـ"فيسبوك" إن "القراءة المتبصرة للمشهد الحالي تكشف أن المعارضة مقبلة على أزمة لا تحسد عليها، بسبب الضربة التي تلقتها إثر قرار الأغلبية الكشف عن مرشحها في الوقت المناسب، ورفض الرئيس الترشح لفترة ثالثة، وهو ما كانت المعارضة "تراهن عليه".
واعتبر محمدو أن الضربة المزدوجة -الممثلة في تحديد الأغلبية المرشح ورفض الفترة الثالثة- ستسلب البرنامج الانتخابي للمعارضة من فانوسه السحري أو ما عده "حصان طروادة"، والذي ظنت واهمة أنه سيحملها للسلطة، حسب تعبيره.
وأشار إلى أن المعارضة ستخسر في الانتخابات المقبلة لأنها لا تمتلك الرؤية ولا البرنامج، مضيفاً أن ما تسميه بـ"المرشح الموحد" هو ثامن المستحيلات، حسب تعبيره، ولافتا إلى أن أكثر ما يمكن أن تطمح له المعارضة هو أن يكون بمقدورها المشاركة فقط في هذه الانتخابات.
من جهته، اعترف الكاتب والمدّون محمد الأمين ولد الفاضل، المحسوب على المعارضة، في تدوينة بحسابه على "فيسبوك"، بما وصفه بـ"النتائج الكارثية" التي تواجه المعارضة جراء "التأخر في الاستعداد والتحضير للانتخابات حالياً".
واعتبر ولد الفاضل، أن المعارضة تكرر هذه المرة "الخطأ نفسه وبشكل أكثر فداحة" حسب تعبيره، مضيفاً "أن ذلك يأتي دائماً بنتائج كارثية لأن السياسة لا تقبل الفراغ".
كما اعترف أيضا بـ"أن الناخبين الذين كانت المعارضة تعول عليهم بدأوا في البحث عن خيط يوصلهم إلى المرشح ولد غزواني".
وخلص الكاتب، المقرب من المعارضة، إلى القول إنه لا يجب انتقاد أولئك الذين بدأوا في البحث عن خيط يوصلهم إلى ولد غزواني أو مرشح آخر، بل يجب على المعارضة أن تنتقد ذاتها لأنها لم تقدم "بديلاً" في الوقت المناسب، في إشارة إلى مشكل "المرشح الموحد".
والمرشح محمد ولد الشيخ محمد أحمد من مواليد سنة 1956 في بومديد (ولاية لعصابة)، وحصل على شهادة البكالوريا 1977، وانضم إلى الجيش يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول 1978.
قاد أركان الجيش منذ 2008 حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2018، حتى تاريخ تقاعده قبل أن يعين في الشهر نفسه وزيراً للدفاع في حكومة محمد سالم ولد البشير.
وكان الرئيس الموريتاني دعا في 15 يناير/كانون الثاني الجاري في بيان رئاسي إلى وقف مبادرة تعديل الدستور التي أطلقها برلمانيون قبل أيام، والتي كانت تستهدف مراجعة مواد متعلقة بالمأموريات الرئاسية، مطالباً من وصفهم بـ"الغيورين على مصلحة الوطن" بالوحدة لمواجهة دعاة الكراهية والتطرف.
وأكد عبدالعزيز -خلال مقابلة له نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مع صحيفة "لوموند" الفرنسية- عدم الترشح لولاية رئاسية ثالثة، احتراماً لدستور البلاد، لكنه أشار إلى حقه في ممارسة السياسة في بلاده من خلال حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم حالياً.
وتشهد موريتانيا خلال النصف الأول من عام 2019 استحقاقاً انتخابياً يُنتظر أن يفرز وصول رئيس جديد إلى السلطة، بعد إبداء عبدالعزيز نيته عدم الترشح مرة أخرى.
وانتخب الرئيس الحالي سنة 2009، ثم أعاد الشعب اختياره عام 2014 لولاية ثانية.