قانون محاربة غسيل الأموال.. موريتانيا تجفف منابع تمويل إرهاب الإخوان
ضربة قوية لجماعة "الإخوان" بسبب القيود التي تفرضها موريتانيا على عمليات تحويل الأموال، وفرض الرقابة على مصادر تمويل الجمعيات الأهلية
شكّل قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب الذي صادقت عليه الحكومة الموريتانية، أمس الخميس، ضربة قوية لجماعة "الإخوان" الإرهابية بسبب القيود التي يفرضها على عمليات تحويل الأموال، وفرضه رقابة على مصادر تمويل الجمعيات الأهلية التي طالما تستر خلفها التنظيم لتهريب الأموال المشبوهة.
وكانت موريتانيا أعلنت في الـ24 من سبتمبر/أيلول الماضي إغلاق مؤسسات إخوانية، على خلفية وجود "شبهات فيما يتعلق بالتمويل، وشبهات حول أوجه الصرف"، حسب الناطق باسم الحكومة حينها محمد الأمين ولد الشيخ.
- قانون موريتاني لمحاربة الإرهاب وغسل الأموال.. هل يفضح تمويل الإخوان؟
- سياسيون موريتانيون: انتخابات الرئاسة أظهرت انقسامات ونفاق الإخوان
وحسب إيجاز عرض على البرلمان الموريتاني سابقا عن قانون محاربة تمويل الإرهاب، فإن الأمر يتعلق بإجراءات هدفها "مواءمة تشريعات البلاد في مجال مكافحة الإرهاب وغسل الأموال مع الاتفاقيات الدولية والقوانين النافذة في المحيطين الإقليمي والدولي".
سد "الثغرات"
وزير العدل الموريتاني جاه مختار ملل اعتبر أن القانون الجديد يأتي استجابة لحاجة البلاد حاليا، لتشريع في مجال غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب، بعد تقييم السنة المنصرمة 2018، الذي أظهر وجود "ثغرات" يمكن استغلالها من طرف الجماعات المشبوهة.
وأشار وزير العدل الموريتاني، في عرض له حول القانون، إلى أن عمليات تحويل الأموال كانت تشهد في السابق بعض الفوضوية، مضيفا أن حكومة بلاده تدخلت خلال السنة الماضية من خلال "إجراءات" لضبط ممارسة نشاطات التحويل المالي الذي يشكل وسيلة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب المعتمدة من طرف هذه الجماعات.
واستعرض الوزير الموريتاني تفاصيل القانون الجديد، مبينا أنها تتألف أساسا من عدة أبواب: تتناول الأفعال التي يجرمها القانون، وتلك التي تخصص التدابير التي يجب أن تتخذها المؤسسات المالية لتجنب غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وهناك -يضيف الوزير- الباب الذي يعني الجمعيات غير الربحية التي يطالبها القانون بالتقيد بإجراءات خاصة لتجنب الوقوع في الجريمة.
وأوضح الوزير أن القانون الجديد ينص أيضا على تحديث آليات الرقابة لمحاربة هذه الجريمة، كإنشاء لجنة وطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى وحدة أخرى للرقابة تهتم فقط بقضايا تمويل الإرهاب، مشيرا إلى أن بلاده تواكب بهذا القانون الجهود الدولية لمحاربة الظاهرة.
تجفيف منابع "الإخوان"
الكاتب والمحلل السياسي أحمد ولد مولاي اعتبر في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن القانون الجديد وجه ضربة قوية لجماعة "الإخوان"الإرهابية، نظرا لمصادر تمويلها المشبوهة، مشيرا إلى أن "مصادقة الحكومة على مشروع قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في هذه الظرفية له أكثر من دلالة" حسب وصفه.
وأوضح ولد مولاي أن الفرع الموريتاني لتنظيم "الإخوان" الدولي تمكن من تعزيز حضوره المتزايد في عالم التجارة والمال، من خلال تسخير بعض "الواجهات العلمية والسياسية" لجلب تمويلات هائلة من الخارج بالطرق غير القانونية حسب وصفه، مشيرا إلى أن القانون الجديد من شأنه تجفيف منابع تمويلات الجماعة.
وتطرق المحلل السياسي الموريتاني لنماذج مما وصفها بالتمويلات المشبوهة التي حصل عليها التنظيم واستثمرها أساسا في شراء العقارات، وبناء ومنشآت خدمية خصوصية، كالمخابز والمطاعم، بالإضافة إلى المجمعات التجارية.
وأكد الخبير والمحلل السياسي أحمد فال فيرى في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية" أن قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب يستهدف أساسا التنظيمات التي تتستر خلف العمل الخيري، لتمويل الأنشطة المشبوهة، معتبرا أن تنظيم الإخوان ظل على مدى سنين عديدة يوظف تلك الأعمال لتمويل أنشطته السياسية وحملاته الانتخابية.
وأشار فال إلى أن الإجراءات التي يفرضها القانون الجديد والقيود ستؤثر على التمويلات الكبيرة التي كان يحصل عليها التنظيم من قطر وتركيا أساسا، وهما الدولتان اللتان تمثلان الداعم الأكبر للتنظيمات المتطرفة، بالإضافة إلى الدعم الذي يحصل عليه إخوان موريتانيا من شبكات ما يعرف بـ"التنظيم الدولي للإخوان" الإرهابية.
واعتبر أحمد فال أن الإجراءات القانونية التي اتخذتها السلطات الموريتانية ضد الإرهاب وغسيل الأموال تكمل جهودا أخرى قامت بها الحكومة خلال السنوات الأخير ضد تمويله، عبر تفكيك شبكات التهريب وتجارة المخدرات عبر الحدود، خصوصا في إطار الجهد الوطني الخالص والتعاون الثنائي والإقليمي، حسب تعبيره.
واعتمدت موريتانيا منذ 2009 مقاربة وطنية لمحاربة الإرهاب، استهدفت مواجهة الظاهرة من خلال انتهاج سياسية عسكرية وأمنية صارمة، إلى جانب التركيز على الأبعاد الفكرية والثقافية بل التنموية.
وتواجه موريتانيا منذ 2005 وغيرها من بلدان منطقة الساحل الأفريقية تحديات أمنية مشتركة بسبب الجماعات الإرهابية التي تتخذ من منطقة الشمال المالي مناطق للاختباء والتخطيط لتنفيذ العمليات الإرهابية في هذه البلدان.
وفي الـ10 من يوليو/تموز 2017 أطلق تجمع دول الساحل الخمس الذي يضم بالإضافة إلى موريتانيا كلا من مالي والنيجر والتشاد وبوركينافاسو مشروع إنشاء قوة عسكرية مشتركة من أجل التصدي لهذه الجماعات الإرهابية.
وكان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز أكد أن بلاده وقفت بحزم في وجه من وصفهم بـ"المتاجرين بالدين، الذين يستغلون الإسلام سياسيا، لأغراض شخصية مشبوهة"، في إشارة إلى الحملة التي شنتها السلطات في الـ24 من سبتمبر/أيلول الماضي ضد تنظيم الإخوان الإرهابي في موريتانيا.
وأوضح ولد عبدالعزيز، في خطاب إلى الشعب الموريتاني بمناسبة ذكرى الاستقلال "أن هؤلاء المتاجرين بالدين يخدمون تنظيمات دولية تنشر الخراب والفوضى.
aXA6IDMuMTQ1LjMzLjI0NCA= جزيرة ام اند امز