عمدة لندن صادق خان.. ملاكم وضع مصحفه في قصر باكنغهام
أصبح صادق خان ابن مهاجرَين باكستانيَين رئيس بلدية تاريخيا للندن، في لحظة حاسمة في المشهد السياسي البريطاني.
وفاز العمّالي صادق خان، السبت، بولاية ثالثة ليصبح بذلك أول مسؤول منتخب يفوز بهذا المنصب، الذي استحدث في عام 2000، ثلاث مرات.
وكان صادق خان أول مسلم يقود عاصمة غربية كبرى حينما انتخب لأول مرة في عام 2016.
ومع هذه الولاية الثالثة التي فاز فيها بفارق كبير على منافسته المحافظة سوزان هول، يتفوق من حيث فترة الحكم على سلفه المحافظ بوريس جونسون، الذي انتخب مرتين لمنصب رئيس بلدية لندن.
وفي خطاب ألقاه عقب إعلان النتائج قال خان إنه "يتشرف" و"فخور" بفوزه، مضيفا أنه يأمل أن تكون هذه السنة عام "تغيير كبير" مع "حكومة عمّالية".
وعزز مكسب خان من فرص حزب العمال في كسر احتكار المحافظين للسلطة طول 14 عاما، حيث يتقدم الحزب بفارق كبير في استطلاعات الرأي.
وأشاد بانتصار الحملة التي دافعت عن "مدينة لا ترى في تنوعنا نقطة ضعف بل قوة وترفض الشعبوية وتتقدّم".
وخلال فترة ولايته الأولى عارض بقوة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وهذه المرة تعهّد بأن تكون مدينته "أكثر عدلا وأمانا وخضرة للجميع".
وتعهد صادق خان بتوسيع برنامج الوجبات المجانية لتشمل تلاميذ المدارس العامة.
وكان خان الذي نشأ في مسكن شعبي التزم ببناء 40 ألف وحدة سكن شعبية إضافية، ووعد كذلك باتخاذ إجراءات لضمان عدم وجود مشردين في لندن بحلول عام 2030.
وصادق خان خصم لدود للمحافظين الذين يهاجمونه بسبب الأوضاع الأمنية في العاصمة، ويحمّلونه المسؤولية عن زيادة عمليات الطعن.
لكن القيادي العمالي يرد قائلا إن تلك الحوادث بسبب سياسة التقشف للحكومات المحافظة، التي أدت إلى خفض أعداد الشرطة.
من جهتهم، يتّهمه معارضوه بتوسيع نطاق الضريبة على المركبات الملوثة للبيئة في لندن الكبرى العام الماضي، التي قدمها بوريس جونسون في عام 2015، وانتهز المحافظون هذه الفرصة واتهموا صادق خان بعدم الاكتراث بسكان لندن الذين يعانون أزمة غلاء معيشة.
قصة نجاح
ويجسد رئيس بلدية لندن إحدى قصص نجاح العاصمة الإنجليزية التي تفتخر بتنوعها حيث يحدد 46 % من سكانها أنفسهم بأنهم آسيويون أو أفارقة أو مختلطون، وهو لا يفوت فرصة للعودة إلى جذوره المتواضعة والتحدث عن صيامه في رمضان وعدم شرب الكحول ومحاولة تأدية صلواته يوميا.
ولد صادق خان في أكتوبر/تشرين الأول 1970 لعائلة باكستانية هاجرت إلى بريطانيا، ونشأ مع أشقائه وشقيقاته الستة في حي توتينغ الشعبي في جنوب لندن، وكان والده سائق حافلة ووالدته خياطة.
وكان يرغب في بادئ الأمر بأن يدرس العلوم لكي يصبح طبيب أسنان، لكن أحد أساتذته لمس براعته في النقاش والمواجهة ووجهه نحو دراسة القانون.
ودرس خان المحاماة وتخصص في قضايا حقوق الإنسان، وترأس على مدى ثلاث سنوات منظمة "ليبرتي" غير الحكومية.
وفي طفولته تعلم الملاكمة حتى يتمكن من التصدي لكل من يتجرأ على نعته بـ"الباكستاني" في الشارع.
درس صادق خان في مدرسة ثانوية رسمية غير معروفة في الحي الذي كان يقطنه، وفي جامعة نورث لندن. وهو يعرب عن امتنانه لهذا التعليم الرسمي والمجاني.
وفي سن 15 عاما انضم إلى حزب العمال وانتخب عضوا في مجلس بلدية واندسوورث في جنوب لندن عام 1994، المنصب الذي تولاه حتى 2006.
وفي 2005 تخلى عن مهنة المحاماة وانتخب نائبا عن توتينغ.
بعد ثلاث سنوات، عرض عليه غوردن براون منصب وزير مكلف شؤون المجموعات ثم حقيبة النقل في السنة التالية، وأصبح أول مسلم يتولى حقيبة في حكومة بريطانية.
وعندما سأله قصر باكنغهام عن الكتاب المقدس الذي يريد أن يقسم عليه، عرض إحضار مصحفه، وترك صادق خان نسخته في القصر، على أمل أن يستخدمها "خلفه".
aXA6IDE4LjE5MS4yMDAuNDcg جزيرة ام اند امز