مصر.. قانون الإعلام الموحد يفجر خلاف البرلمان والصحفيين
النقابة ترفضه.. و"النواب" يؤكد دستوريته
قانون الإعلام الموحد فجر جدلا واسعا في الأوساط الإعلامية والصحفية بمصر بعد تقديم مجلس الوزراء مشروع القانون إلى مجلس النواب.
أثار قانون الإعلام الموحد جدلًا واسعًا في الأوساط الإعلامية والصحفية بعد تقديم مجلس الوزراء مشروع القانون إلى مجلس النواب لمناقشته عبر لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان، والتي يرأسها النائب أسامة هيكل، وزير الإعلام السابق.
التوافق على قانون الإعلام الموحد بين الجماعة الصحفية والحكومة، تحول إلى انشقاق وخلاف بعد تقديم حكومة المهندس شريف إسماعيل مشروعات متفرقة للهيئات الإعلامية، وتنظيم العمل الصحفي والإعلامي إلى البرلمان، ما تسبب في اعتراض نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة على القانون الجديد.
وبعد إحالة الحكومة لقانون الإعلام الموحد إلى مجلس النواب عبر قانونين متفرقين، يختص أولهما بالتنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام وتشكيل الهيئة الوطنية للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة، بينما يشمل الآخر مشروع قانون بإصدار قانون تنظيم الصحافة والإعلام، شهدت الساحة السياسية انقساما حادا بين الجماعة الصحفية والبرلمان واتهامات متبادلة بين الطرفين.
نقيب الصحفيين يحيى قلاش، قال إن الدستور المصري يشمل 7 مواد متعلقة بالصحافة والإعلام وتشكيل المجلس الوطني للإعلام، مضيفًا أن المؤسسات الإعلامية والصحفية شكلت بالاتفاق مع المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء السابق اللجنة الوطنية للإعلام ليكون مهمتها انجاز مشروع قانون "الإعلام الموحد" وضمت في عضويتها ممثلين للمجلس الأعلي للصحافة ونقابة الصحفيين واتحاد الإذاعة والتليفزيون ونقابة الإعلاميين تحت التأسيس والنقابة العامة للعاملين بالطباعة والصحافة وممثلين للهيئات والقنوات الإعلامية الخاصة، وأساتذة الإعلام والصحافة في الجامعات المصرية.
وتابع قلاش: استمرت اللجنة في أعمالها قرابة العام من سبتمبر 2014 وحتى أغسطس من عام 2015، عقدت خلالها اجتماعات ولجان استماع في جميع المؤسسات الصحفية لتعلن عن مشروع قانون الإعلام الموحد وأرسلت نسخة منه لرئيس الجمهورية وآخر لرئيس الحكومة.
وأوضح قلاش، في تصريحات لـ"العين"، أن الحكومة وضعت ملاحظات على بعض مواد قانون الإعلام الموحد، وتشكلت لجنة من ممثلين اللجنة الوطنية للإعلام وممثلين للحكومة برئاسة الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط للتوافق حول مواد القانون، وهو ما تم بالفعل، لكن الحكومة أحالت مشروع القانون إلى مجلس الدولة شاملًا لتعديلات لم يأخذ رأي نقابة الصحفيين وممثلي اللجنة الوطنية للإعلام بخصوصها.
وأكد نقيب الصحفيين أن مجلس النقابة لم يطلع حتى الآن بشكل رسمي على المنتج النهائي لمشروع قانون الإعلام الموحد، مضيفًا أن نقابة الصحفيين طالبت لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب بإرسال مشروع قانون الإعلام الموحد للاطلاع عليه لكن اللجنة لم ترد على طلبهم.
وشدد قلاش على رفضه تقسيم مشروع قانون الإعلام الموحد إلى مشروعين الأول يتعلق بتشكيل الهيئات الوطنية للإعلام والصحافة، والثاني يتعلق بتنظيم العمل الصحفي والإعلامي، مرجعًا رفضه إلى أن السبب الرئيسي من العمل على قانون الإعلام هو القضاء على الفوضى الإعلامية وإرساء الاستقرار داخل المؤسسات الصحفية والإعلامية المختلفة وهم ما لم يحققه مشروع قانون الإعلام بعد تقسيمه.
وأكد قلاش أن الجماعة الصحفية متمسكة بخروج قانون الإعلام الموحد بشكله النهائي، الذي وصل إليها بعد اجتماعات عديدة مع الحكومة، رافضا أي محاولات لتقسيم القانون.
أما الدكتور ضياء رشوان، نقيب الصحفيين السابق ورئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فقال إنه قد تم الانتهاء من الإعداد لقانون الإعلام الموحد في يوليو ٢٠١٥، عقب الاتفاق مع المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء على تشكيل لجنة وطنية للإعلام تضم ممثلين للجماعة الصحفية وممثلين الحكومة برئاسة أشرف العربي وزير التخطيط وأنه توقف عمل اللجنة بإقالة حكومة محلب.
وأكد رشوان، في تصريحات لـ"العين"، أن المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء عند توليه مهام منصبه دعا لاستكمال الأعمال في قانون الإعلام الموحد، مشيرًا إلى أنه قد أبلغ رئيس الوزراء أن مشروع قانون الإعلام الموحد حاز على تأييد جميع الصحفيين، وأنه أبلغ مجلس نقابة الصحفيين بنية رئيس الوزراء وما جرى في لقائه معه.
وأوضح رشوان أن الجماعة الصحفية قد وصفت قانون الإعلام بالموحد لأن نقابة الصحفيين والحكومة وعدد من الإعلاميين قد أسهموا في إعداده ليخرج بمواد متفق عليها.
وقال نقيب الصحفيين السابق، إن هنالك خلطا بين مواد قانون الإعلام الموحد، مؤكدًا أنه عندما تم البدء في إعداد مشروع القانون كان الهدف الرئيس إخراج منتج يوافق كل ما جاء الدستور.
رشوان أكد أن القانون يتضمن مواد متعلقة بالهيئات الثلاث المختصة للصحافة والإعلام ومواد خاصة بالحريات، بينما تعبر مواد أخرى عن حرية تداول المعلومات والحصول عليها بحسب المادة ٧٢ في الدستور والتي وصفها بالمتقدمة والمتفردة عن باقي المواد في دساتير العالم.
وطالب نقيب الصحفيين الأسبق، بإصدار القانون بالشكل الذي وضعته الجماعة الصحفية سواءً تم تقسيمه أم لا، على أن يتضمن ٢٧١ مادة، معتبرًا أن تشكيل الهيئات الوطنية الثلاث كلًا على حدة سيحدث لغطا.
من جانبه، قال الكاتب الصحفي صلاح عيسى، الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة إن الحكومة خرجت عن الاتفاق الذي أجرته مع اللجنة الوطنية للتشريعات الإعلامية والصحفية، بعد تقسيم قانون الإعلام الموحد إلى عده قوانين متفرعة، متسائلًا: "كيف نناقش القانون مع حكومتي إبراهيم محلب وشريف إسماعيل، ثم تتلاعب الحكومة بالقانون وتقدم لمجلس النواب قانونا مختلفا دون التوافق مع الجماعة الصحفية؟".
وأكد عيسى، في تصريحات لـ"العين"، أنه تلقى دعوة لحضور جلسات استماع وتحاور لجنة الإعلام في مجلس النواب حول قانون الإعلام الموحد، لكن المجلس الأعلى للصحافة لن يشارك في الحوار إذا كان يتعلق بقانون الهيئات فقط.
وشدد عيسى على تمسك المجلس الأعلى للصحافة بقانون الإعلام الموحد بالشكل الذي توافقت عليه الجماعة الصحفية مع الحكومة، مشيرًا إلى أن مجلس الدولة لم يطلب تقسيم القانون أو يوصي بإنشاء الهيئات الـ3 قبل إقرار الإعلام الموحد، على حد قوله.
فيما اتهم النائب مصطفى بكري عضو مجلس النواب، القائمين على المجلس الأعلى الصحافة، بتعطيل قانون الهيئات الإعلامية من أجل الحفاظ على استمرارهم في مناصبهم.
وقال بكرى، في تصريحات لـ"العين"، إن الدستور قد نص على تعيين رئيس الجمهورية لأعضاء الهيئة الوطنية للإعلام، مشيرًا إلى أن تعيين الرئيس لأعضاء الهيئة الوطنية للإعلام لا يعد تدخلا من السلطة التنفيذية في عمل باقي السلطات؛ لأن رئيس الجمهورية لا يمثل السلطة التنفيذية لكنه الحكم بين السلطات.
واعتبر عضو مجلس النواب أن المجلس الأعلى للصحافة بلا صلاحيات، وانتهت مدة صلاحيته المتعلقة برؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير منذ يناير/كانون ثاني الماضي، معتبرًا أن المجلس الأعلى للصحافة يتعمد تعطيل قانون الإعلام الموحد.
النائب أسامة هيكل رئيس لجنة الإعلام في بمجلس النواب، قال إنه وجه دعوة إلى نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة لحضور مناقشة قانون الإعلام الموحد، ولكنهم تغيبوا عن الحضور ولذلك لن يتم دعوتهم مرة أخرى.
واستنكر هيكل، في تصريحاته لـ"العين"، رد فعل نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة عل قانون الإعلام، مؤكدًا أن النقابة والمجلس الأعلى للصحافة قد شاركا في وضع مواد القانون ولا معنى لاعتراضهم عليه الآن.
وقال رئيس لجنة الإعلام في مجلس النواب، إن قانون الإعلام الموحد أصبح مطلبًا دستوريًا وجماهيريًا، ولذلك سعت لجنة الإعلام في البرلمان إلى مناقشته تمهيدًا لعرضة بالجلسة العامة لمجلس النواب لإقراره.
وعن اعتراض نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة على فصل الهيئات عن مواد تنظيم العمل الصحفي والإعلامي، قال هيكل إن مجلس الدولة هو من طرح فكرة الفصل وفقًا لنص الدستور، مؤكدًا أن من يفتعل الأزمة هو المعرقل لإصدار قانون الإعلام الموحد رغم حاجة المناخ الإعلامي في مصر إليه الآن.
في النهاية، يبدو أن قانون الإعلام الموحد قد أثارت جدلاً جديدًا بين الجماعة الصحفية والبرلمان، فهل يخرج قانون الإعلام الجديد في شكل توافقي يرضي الطرفين؟ أم يستمر الخلاف بين الصحفيين والنواب، هذا ما ستجيب عنه الأيام القليلة المقبلة.
aXA6IDMuMTQ1LjM0LjIzNyA= جزيرة ام اند امز