نصف المغاربة يعانون اضطرابات نفسية.. "العين الإخبارية" تفند دراسة رسمية
"نصف المغاربة تقريبًا يعانون أو سبق لهم أن عانوا من اضطراب نفسي أو عقلي".. هذا ما خلصت إليه دراسة رسمية حديثة في المغرب.
وأكدت الدراسة الصادرة عن المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي (جهة حكومية) أن نحو 50% من المغاربة البالغين اختبروا في حياتهم اضطرابًا نفسيًا أو عقليًا.
وأرجعت الدراسة السبب وراء انتشار الأمراض النفسية بين المغاربة إلى قلة أعداد الكوادر النفسية في البلاد، مشيرة إلى أن عدد الأطباء النفسيين في المغرب لا يتجاوز 454 طبيبًا.
واعتبرت أن هذا الرقم مؤشر على "ضعف استثمار الدولة في منظومة الرعاية النفسية"، داعية إلى التدخل لتحسين مستوى المحددات الاجتماعية والثقافية المؤثرة في الصحة النفسية.
وخرجت الدراسة بمجموعة توصيات، منها: "مكافحة التمييز والعنف والتحرش، والعمل على خفض معدل الفقر والوحدة، والرصد المبكر للأفكار والسلوكيات الانتحارية لدى الأطفال والشباب بالأسرة والمدرسة".
"أرقام عادية"
ويرى إدريس الهلالي، إخصائي علم النفس في المغرب، أن الأرقام الواردة في الدراسة "عادية"، باعتبار أن أي شخص هو عرضة للإصابة باضطراب نفسي أو عقلي، مشيرا إلى أن الاضطرابات تنقسم لنوعين من حيث مدة استمرارها.
وقال "الهلالي" لـ"العين الإخبارية" إن الاضطرابات النفسية قد تكون مرحلية، ويمكن لأي شخص أن يصاب بها، كما يمكن تجاوز هذا النوع من الاضطرابات في يوم واحد.
وأضاف أن بعض الاضطرابات قد يستمر لفترة طويلة، معتبرا أن "أي إحصاء لكي يكون أكثر دقة فإنه يحتاج إلى عين خبيرة، فبعض الاضطرابات قد تكون عابرة، وبعضها قد يكون مرضيا".
واتفق معه الدكتور عمراني خليل، إخصائي علم النفس في المغرب، ويقول: "لم أطلع على الدراسة، ولكن مع الأرقام المذكورة لا بد من تحديد نوع الدراسة، سواء كانت اجتماعية أو نفسية مرضية، بالإضافة إلى توضيح منهجية الدراسة".
"الجميع عرضة للاضطرابات"
وأضاف "خليل" لـ"العين الإخبارية" أن الاضطرابات النفسية أنواع، بعضها قد يتلاشى سريعا، وبعضها قد يستمر مع الشخص ويتطلب زيارة الطبيب، وليس هناك أسباب خاصة للاضطرابات النفسية، فكل إنسان معرض لهذه الاضطرابات.
واتفق الإخصائيان على أن أسباب الاضطرابات النفسية واحدة في جميع المجتمعات، والأمر ليس مقتصرا على المغرب، ويقول "الهلالي": "أحيانا تكون هناك أسباب خاصة بزيادة الاضطراب في المغرب، مثلما هناك أسباب في الخليج وأخرى في مصر والعراق وهكذا".
وأضاف "الهلالي": "لسنا بصدد ظاهرة مقتصرة على المغرب، والأسباب هي واحدة بصفة عامة، وما قد يصيب إنسانا في بلد يمكنه أن يصيب إنسانا في بلد آخر"، مشيرا إلى أن هذه النسب ترتفع بشكل كبير في البلدان الأوروبية والولايات المتحدة.
وأوضح الإخصائي النفسي: "في المجتمعات الغربية قد تكون الاضطرابات النفسية مرتفعة عنها في المغرب والعالم العربي عموما بحكم أن الأشخاص هناك معرضون أكثر للحياة المعاصرة وأدواتها الحديثة، وهو الأمر الذي يتوفر لدينا ولكن بنسب أقل".
ويقول الدكتور عمراني خليل: "في بعض الأوقات، قد ترتفع معدلات الشعور بالقلق، مثلما حدث في جائحة كوفيد - 19 بسبب الإغلاق، وبسبب الذعر الذي أصاب العالم، وهذا الأمر أيضًا لم يكن مقتصرًا على المغرب، ولكنه كان ظاهرة عالمية بسبب الجائحة".
نقص الكوادر النفسية
وفنّد الأخصائيان الإشارة الواردة في الدراسة حول تراجع عدد الأطباء النفسيين في المغرب، ويقول إدريس الهلالي: "لا يوجد نقص في عدد المشتغلين بالطب النفسي في المغرب، والجامعات المفتوحة تتيح لجميع الطلاب الالتحاق بكليات وأقسام الطب النفسي في جميع الأقاليم بدون أي اختبارات للقبول".
وأضاف "الهلالي" أن معظم المغاربة يفضلون اللجوء إلى الإخصائيين النفسيين على الأطباء النفسيين، مشيرًا إلى أن هناك فرقا بين الاثنين، والأمر متروك للعرض والطلب وطبيعة السوق، مؤكدًا أن أكثر العيادات المنتشرة في عموم البلاد هي لإخصائيين وليس لأطباء نفسيين.
بينما يقول الدكتور عمراني خليل: "لا يمكنني إعطاء إحصائية دقيقة بطبيعة الحال، ولكن مجال الطب النفسي في المغرب لا يعتبر جاذبًا بالقدر الكافِي، ولكن هناك إخصائيون نفسيون، والبعض يفضل اللجوء إليهم على الأطباء النفسيين".
ومن بين التوصيات التي قدمتها الدراسة للحكومة المغربية النهوض بمهنة الإخصائي النفسي، وذلك بوضع نظام أساسي وضريبي واضح وموحد لهذه الفئة، ووضع سجل رسمي للإخصائيين النفسيين والحرص على تطبيق تعريفة مناسبة للعلاج.
وفي هذا السياق، أطلقت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في المغرب حملة لمكافحة وصم الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية والعقلية خلال الفترة ما بين 17 و27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وجاءت تحت شعار ”الاضطرابات النفسية حالة طبية.. الكرامة والحقوق ليك وليّ“.
aXA6IDMuMTI5LjM5Ljg1IA== جزيرة ام اند امز