قانون الأرصاد الجوية بمصر.. هل تنهي غرامة الـ5 ملايين جنيه فوضى أخبار الطقس؟ (خاص)
يناقش البرلمان المصري تشريعًا جديدًا لتنظيم هيئة الأرصاد الجوية، ويعاقب من ينشر معلومات خاطئة عن الطقس بغرامة تصل لـ5 ملايين جنيه.
وينظم التشريع الجديد هيئة الأرصاد الجوية كهيئة عامة خدمية تتولى إدارة مرفق الأرصاد وتقديم خدمات الأرصاد الجوية والطقس، وتتولى اقتراح السياسة العامة في هذا المجال على مستوى البلاد.
وتتراوح عقوبة نشر معلومات خاطئة عن الطقس بين 100 جنيه في حدها الأدنى، و5 ملايين جنيه كحد أقصى، وينص التشريع على أن تكون الهيئة مسؤولة عن إذاعة أخبار الطقس في وسائل الإعلام المختلفة.
ويجرم التشريع إنشاء أو تشغيل محطات أو مراكز تنبؤات أرصاد جوية عن غير طريق الهيئة أو دون الحصول على ترخيص منها، كما يجرم إصدار بيانات أو نشرات أو دراسات جوية ونسبها للهيئة على غير الحقيقة.
ويخضع للعقوبة ذاتها "كل من يقوم بشراء أجهزة أو محطات أرصاد جوية أو محطات متخصصة في قياس الإشعاع الشمسي أو الأوزون أو التنبؤات الجو زراعية دون موافقة الهيئة"، مع مصادرة أجهزة وأدوات الرصد لصالح الهيئة.
وأحدث التشريع المرتقب إقراراه من مجلس النواب نقاشًا في مصر، واعتبر متابعون أن الغرامة المالية المنصوص عليها "مبالغ فيها" و"لا تتناسب مع حجم الجرم"، فيما أيده آخرون لإنهاء فوضى أخبار الطقس والتنبؤات الجوية.
"أمن المواطن ومصلحة الدولة"
وترى الدكتورة منار غانم، عضو المركز الإعلامي لهيئة الأرصاد الجوية المصرية، أن العقوبة المنصوص عليها في مشروع القانون ليست مبالغًا فيها، وتقول: "لا مجال للحديث عن حجم الغرامة عندما يتعلق الأمر بأمن المواطن ومصلحة الدولة".
وتضيف لـ"العين الإخبارية" أن "الغرامة تبدأ من 100 ألف جنيه وتصل إلى 5 ملايين جنيه، وبعض الأخبار الكاذبة عن حالة الطقس تصب المواطنين بالفزع، وقد تسبب خسائر مادية فادحة لدى جهات الدولة الرسمية، فضلًا عن الخسائر في الأرواح".
وأردفت: "هناك تنسيق دائم بين هيئة الأرصاد وجميع الجهات الرسمية بشأن الأحوال الجوية، وفي حالات سقوط الأمطار تنفق الدولة ملايين الجنيهات من أجل الاستعداد لمواجهة الأمطار بعربات شفط المياه وغيرها من الاستعدادات، والتشريع يأتي للحفاظ على مقدرات الدولة وتقليل حجم الخسائر".
غرامة رادعة
وواصلت" غانم" حديثها قائلة: "لا بد من وجود عقوبة رادعة لمنع نشر الأخبار المغلوطة عن الأحوال الجوية، ويجب التصدي لكل من يتحدث وينشر أخبار الطقس بطريقة غير علمية وغير صحيحة"، مشيرة إلى أن "بعض المواقع الإخبارية تهتم فقط بنسب القراءة والمشاهدات، ولا تهتم بتأثير الأخبار المغلوطة على المواطنين".
وأشارت إلى أن "قطاعات كثيرة في الدولة تعتمد على التنبؤات الجوية بشكل أساسي مثل البترول والتعدين والنقل الجوي والملاحة البحرية والزراعة وغيرها، وبعض الشركات الخاصة قد تجلب أدوات رصد جوي دون علم الدولة والأرصاد الجوية، لذا يجرم القانون جلب أي أدوات رصد جوي دون علم ومعرفة الهيئة".
واختتمت: "نحن لا نمنع جلب أدوات الرصد، ولكن يجب أن يكون الأمر بعلم وبمعرفة الهيئة، وكل دول العالم تسن تشريعات لتحديد اختصاصات هيئاتها، وهيئة الأرصاد الجوية مختصة ومسؤولة عن الرصد الجوي والتنبؤات الجوية، ونحن لا نختص بدرجات الحرارة ورصد الأمطار والسحب فقط، ولكن نرصد أيضًا نسب التلوث في الهواء ونسب الأوزون والانبعاثات الضارة".
"غرامة مبالغة"
في المقابل، يرى وحيد سعودي، خبير الأرصاد الجوية في مصر، أن الغرامة "مبالغ فيها، ولن يقدر على سدادها أحد"، قائلا: "من يملك مليون جنيه لن يشغل باله بالحديث عن الأرصاد، وأغلب من يكتبون عن أحوال الطقس شباب وهواة، ويجب على الدولة تشجيعهم ورفع وعيهم عبر قنوات رسمية مثل المناهج التعليمية".
وأضاف لـ"العين الإخبارية": "متلقي أخبار الطقس يجب أن يتحقق ويتأكد من مصدر الخبر"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أضرار الأخبار الكاذبة على القطاعات الاقتصادية للدول: "خبر مغلوط قد يضر الاقتصاد ويضيع المليارات، وقد يرجئ رحلات سياحية وعمليات اقتصادية".
النشرة الجوية
من جهة أخرى، دعا خبير الأرصاد المصري إلى ضرورة الاهتمام بالنشرات الجوية في وسائل الإعلام الرسمية: "النشرة الآن لا تبث على قنوات قطاع الأخبار سوى مرة واحدة في اليوم في نشرة التاسعة مساء، وهي ليست على المستوى المنشود ولا تقدم المعرفة الجيدة بأحوال الطقس للمشاهد، ومن يقدمها غير متخصص وتكون موجزة جدًا وترصد درجات الحرارة فقط".
وأضاف: "منذ عام 1989 وحتى 2018 كانت النشرات الجوية توضح بالتفصيل التوقعات الجوية في المحافظات، وتقدم نصائح للمواطنين لمواجهة الطقس. ويجب بث النشرة أكثر من 4 مرات يوميا، خاصة في الفصول الانتقالية، الربيع والخريف، اللذان يشهدان تقلبات جوية حادة وسريعة".
الغرامات.. الاتجاه السائد في التشريع
من جهته، يرى المستشار أحمد عبدالرحمن، عضو مجلس القضاء الأعلى السابق في مصر، أن "الاتجاه السائد في التشريع الجنائي حاليا هو النص على العقوبات والغرامات المالية بدل العقوبات السالبة للحرية، وأمام انخفاض القيمة الشرائية للجنيه باتت معظم الغرامات لا تتناسب مع الجرم نفسه".
ويضيف لـ"العين الإخبارية": "منظمات حقوق الإنسان والاتجاه العالمي فرض ذلك الاتجاه، وحاليا العقوبات المقيدة للحرية لم تعد رادعة، والغرامات المالية أحيانًا تكون مشددة، والأمر متروك لسلطة القاضي التقديرية حسب حجم الجرم"، موضحًا أن "الأحوال الجوية مسألة نسبية وغير قابلة للقياس الدقيق، لذا تقدير الغرامة سيكون متروكا لسلطة القاضي، وأرى أن حصر أخبار وبيانات الطقس على هيئة الأرصاد يمنع الفوضى".
وعلى غرار مشروع قانون تنظيم الأرصاد الجوية، يرى "عبدالرحمن" أن المنظومة التموينية في البلاد تحتاج إلى تشريعات مماثلة لتجريم التلاعب بأسعار السلع، لكنه يقول: "قد يكون الأمر مردودا عليه بأن الأسعار تخضع للعرض والطلب، ووزير التموين قال بنفسه إنه لا يستطيع فرض تسعيرة جبرية، لكن قديمًا كانت هناك تسعيرة جبرية ومن يخالف الأسعار كان يحال إلى القضاء، وكان الردع شديدا، ولكن اليوم لا يوجد إعلان عن السلعة ولا تحديد للسعر، ونتمنى أن ينتبه المشرع الجنائي والمشرع المدني لهذه الأمور".
aXA6IDE4LjExOS4xMDcuMTU5IA==
جزيرة ام اند امز