مبادرة "100 مليون صحة" ضمن الأبرز في مصر خلال 2018
مبادرة "100 مليون صحة" في مصر تهدف إلى خفض معدلات الإصابة بمرض فيروس (سي) إلى أقل من النسب العالمية بنهاية عام 2020
تعتبر مبادرة "100مليون صحة" ضمن أهم ما يميز عام 2018 في مصر، حيث أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في إطار ما أسماه "بناء الإنسان المصري"، استكمالا لأهداف فترته الرئاسية الثانية، التي بدأت في يونيو/حزيران الماضي، والتي تعهّد خلالها بتنفيذ إصلاحات في قطاعي الصحة والتعليم.
وانطلقت المبادرة تحت رعاية وزارة الصحة والسكان، بدور رقابي من جانب منظمة الصحة العالمية، في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ومن المقرر أن تستمر حتى نهاية أبريل/ نيسان 2019.
- "الصحة العالمية" تدرس قصة نجاح مصر في علاج فيروس الكبد "سي"
- "الواقعة الكبرى".. فيروس إلكتروني يعطل مستشفيات بريطانية
وتهدف هذه المبادرة الرئاسية إلى خفض معدلات الإصابة بمرض فيروس (سي) إلى أقل من النسب العالمية بنهاية عام 2020، كما تشمل أيضا الكشف عن الأمراض غير السارية (السكر، وارتفاع ضغط الدم، والسمنة)، للحد من الوفيات الناتجة عنها، حيث كانت هذه الأمراض مسؤولة عن نسبة بلغت 84٪ من إجمالي الوفيات في عام 2016.
وتنفيذ الحملة يتم من خلال فحص الأشخاص، ومن تثبت إصابته بفيروس (سي) يتم تحويله إلى مركز علاج لإجراء تحاليل إضافية، وفي حال ثبوت المرض يتم صرف العلاج له مجانا، إما على نفقة الدولة، أو على نفقة التأمين الصحي، وصرف الأدوية للمرضى المكتشفة إصاباتهم خلال المبادرة الرئاسية بالضغط والسكر مدى الحياة على نفقة الدولة.
المبادرة في أرقام
وانتهت وزارة الصحة المصرية، رسميا، من مسح ما يقرب من 40% من إجمالي المستهدف من المسح الشامل لفيروس "سي" والأمراض غير السارية، حيث تستهدف المبادرة الوصول إلى أكثر من 50 مليون مواطن في جميع محافظات الجمهورية، وقد تم الانتهاء من فحص 20 مليون مواطن منذ انطلاق المبادرة في أكتوبر/تشرين الأول، وحتى ديسمبر/ كانون الأول 2018.
ووفقا لتصريحات وزيرة الصحة المصرية الدكتورة هالة زايد، في الأسبوع الثاني من المرحلة الثانية التي بدأت مطلع ديسمبر/ كانون الأول الجاري، فقد أظهرت نتائج المسح حتى الآن أن نسبة المصابين بفيروس (سي) تتراوح ما بين 4.5 إلى 5٪ والسكر 4.5٪ وارتفاع ضغط الدم 22٪.
وأضافت أن السيدات كن الأكثر إقبالا من الرجال، بينما كان الشباب من سن 26 إلى 35 الفئة الأكثر إقبالا على الإطلاق، بنسبة وصلت إلى65%، ويشمل المسح المواطنين من سن 18 سنة فأكثر.
وأظهر المسح أيضا أن نسبة السمنة والسمنة المفرطة بمصر تصل إلى 75٪، في حين أن النسب العالمية تبلغ أقصاها عند 34٪.
ويتم تنفيذ الحملة من خلال تقسيم محافظات مصر إلى 3 مراحل متتالية، حيث تم إطلاق 1488 نقطة مسح ثابتة، و322 نقطة متحركة بالمرحلة الأولى، شملت الإسكندرية، والبحيرة، ومطروح، وبورسعيد، ودمياط، والقليوبية، وجنوب سيناء، والفيوم، وأسيوط.
وتغطي المرحلة الثانية التي بدأت مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، وتنتهي فبراير/شباط المقبل، 11 محافظة وهي: القاهرة وسوهاج والمنوفية وكفر الشيخ وبني سويف والإسماعيلية وشمال سيناء والبحر الأحمر والسويس والأقصر وأسوان، وشهدت القاهرة وحدها 1877 نقاط مسح ثابتة، و857 نقاط متحركة، يعمل بها 6 آلاف و486 فريقا طبيا، ذلك لأن القاهرة من أكبر المحافظات المصرية في الكثافة السكانية.
وتنطلق المرحلة الثالثة والأخيرة للمبادرة في الأول من مارس/ آذار المقبل، وتنتهي في 30 أبريل/نيسان 2019، بمحافظات الوادي الجديد والجيزة والغربية والدقهلية والمنيا وقنا.
"السمنة" في مبادرة السيسي
الرئيس المصري أيضا أطلق عبارات قوية وموجهة لصالح حملة 100 مليون صحة، التي تركز أيضا على الأمراض غير السارية، فقد تحدث في أكثر من محفل عن أنه ينبغي على المصريين إعادة النظر في أوزانهم المتزايدة، وأشار مؤخرا إلى أن أكثر من 11 مليون مواطن من إجمالي 17 مليون تم فحصهم يعانون من مشكلة صحية ما، لافتا إلى ضرورة زيادة الوعي الصحي لدى المواطنين، وخاطب آنذاك كلا من وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والصحة، والكنائس والمساجد، بأهمية التركيز على مسألة التوعية الصحية، من خلال تفعيل برامج ترفع من مستوى اللياقة البدنية والصحية للمواطن.
وأضافت وزيرة الصحة أن زيادة الوعي الصحي لدى المواطن المصري يحسن من جودة الحياة، ويزيد من إنتاجيته، وقالت في تصريحات لها مؤخرا أن بهذه المبادرة تُوجَّه مخصصات الدولة المالية للصحة بالطريقة المُثلى، وتُمكِّن الحكومة من رسم سياسة صحية مبنية على الدليل العلمي.
الداء وطريق الشفاء
وهدد مرض التهاب الكبد الوبائي الفيروسي (سي) المصريين لعقود طويلة، فكانت التقديرات العالمية تشير إلى أن شخصا من بين كل 7 أشخاص مصاب بالفيروس، بينما هناك شخص من بين كل 10 مصابين، إصابته مزمنة.
ووفقا للتقديرات الرسمية، أظهر مسح لعينة عشوائية عام 2008 أن 9.8٪ من إجمالي عدد السكان مصابون بالمرض، علماً بأن المريض الواحد يمكن أن يقوم بنقل العدوى إلى 4 أشخاص، وبالرغم من أن هذه النسبة قد انخفضت لتصل إلى 4.4٪ في مسح مماثل أجري عام 2015، تهدف مبادرة 100 مليون صحة إلى القضاء على المرض نهائيا خلال عامين فقط.
وسلكت مصر طريقا طويلا في التصدي للإصابة بفيروس سي، بدأت عام 2006 بمنح المريض عقار الأنترفيرون وحده لمدة عام كامل، لكن النتائج جاءت ضعيفة جدا، بعد ذلك اعتمد العلاج على الأنترفيرون والرايبافيرن، وتراوحت نسبة الشفاء بين %30 و40%، لكن العلاج كان مكلفا للغاية، وله آثار جانبية كثيرة.
ثم أدخلت مصر عقار السوفالدي في أكتوبر 2014، بعد تعاقدها على استيراده بما يعادل 1% فقط من ثمنه في الخارج، ضمن حملة استمرت حتى نهاية 2015، وأحدثت تأثيرا ملموسا بالفعل.
وتستكمل مبادرة "100 مليون صحة" ما بدأته الحكومة المصرية من جهود لمكافحة فيروس (سي)، بدءا من 2014 وحتى مطلع 2016، عندما كلّف الرئيس المصري "صندوق تحيا مصر" بالتدخل لمساعدة وزارة الصحة والسكان في القضاء على قوائم الانتظار التي وصلت إلى 900 ألف مريض آنذاك.
كان بعد ذلك التصريح الشهير لوزير الصحة المصري آنذاك الدكتور أحمد عماد الدين، عندما قال "قوائم انتظار مرضى فيروس سي انتهت"، وذلك خلال اجتماع مجلس الوزراء في يوليو 2016، ليعلن بذلك أن كل المصابين باتوا يخضعون بالفعل للعلاج.
وفي أكتوبر 2016، بعثت منظمة الصحة العالمية، خطاب شكر إلى الجهات المعنية التي ساعدت في القضاء على قوائم الانتظار الخاصة بفيروس (سي) في مصر.
وجاء الإنجاز الأكبر في بداية عام 2017، بنجاح مصر في الحصول على حق الإنتاج المحلي لعقاقير علاج فيروس (سي)، والذي نجح بدوره في تخفيض سعره حينها من 12 ألف جنيه إلى 1527 جنيها مصريا، لتصبح تكلفة العلاج الأرخص بالعالم.
وقد تعاون أيضا صندوق "تحيا مصر"- المبني على تبرعات المصريين- فِي فبراير/شباط الماضي، مع مشيخة الأزهر، لإطلاق حملة "القضاء على فيروس سي 2020"، وأسهمت بدورها في تخفيض تكلفة التحليل من 800 جنيه مصري إلى 125 جنيها فقط.
شهادات عالمية
وفي وقت سابق، أشاد كل من مديرة منظمة الصحة العالمية مارجريت تشان، وجون جابور، ممثل المنظمة في القاهرة، بالتجربة المصرية الرائدة، وأبدوا حرصهم على توثيقها لتكون مرجعا عالميا.
كما صرّح في وقت سابق أيضا رئيس اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية بوزارة الصحة الدكتور وحيد دوس، أن هناك عددا من الدول قد اطلعت على التجربة وطلبت نقلها، مثل أستراليا ودولة فرسان مالطا والكونغو والسودان ولبنان والصين وإندونيسيا.
وأشاد بالتجربة المصرية أيضا وفد من البنك الدولي مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، حيث أكد أرنست ماسيا مدير الصحة والتغذية في البنك الدولي، أنه يتطلع إلى نقل التجربة المصرية بـهذه الحملة وتطبيقها في دول أخرى، ودعا وزيرة الصحة إلى عرض تلك التجربة أمام المؤتمر السنوي لمنظمة الصحة العالمية بجنيف.
وتعد "100مليون صحة" هي الأكبر من نوعها منذ مشروع مكافحة "البلهارسيا" بمصر (1996- 2003)، وحملة "القضاء على شلل الأطفال"، التي نجحت بدورها في فرض السيطرة تماما على شلل الأطفال عام 2006.
aXA6IDE4LjExOC4xMTkuMTI5IA== جزيرة ام اند امز