وقد لفت نظر الرأي العام العالمي ذلك الموقف الشجاع الذي أمر فيه سموه بتقديم المساعدة للحكومة الإيرانية.
منذ أن تداولت وسائل الإعلام العالمية خبر إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، استعداد دولة الإمارات لتقديم المساعدة لجمهورية الصين الشعبية في مواجهة فيروس كورونا، أدرك أغلب المراقبين والمسؤولين الدوليين وعلى رأسهم مدير عام منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غبريسيوس، أنهم أمام شخصية رفيعة فيما تمتلكه من قيم سياسية ذات بعد إنساني، لذا لم يكن غريباً أن توالت عليه طلبات الكثير من الجاليات العربية العالقة في الصين، للتدخل من أجل إجلائها بعدما تقطعت بهم السبل هناك.
أكاد أجزم بأنها فلسفة سياسية نادرة لا يجيدها إلا من كان لديه فهم خاص للنظام الدولي ويمتلك رؤية لمكانة الإنسان واحتياجاته الأساسية أو أنها محاولة لصياغة نظرية اجتماعية جديدة للعالم بأكمله، وهي ما تجعل من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان واحداً من مؤثري السياسة ليس بالدول العربية فقط ولكن هناك في دوائر صنع القرار بالدول المتقدمة.
وقد لفت نظر الرأي العام العالمي ذلك الموقف الشجاع الذي أمر فيه سموه بتقديم المساعدة للحكومة الإيرانية، التي لم يكن البعض (ممن وضعوا أنفسهم في "قوالب أيديولوجية") يصدقون ما يرونه ويتابعونه في مواجهة هذا الوباء العابر للحدود، متناسياً سموه أي أبعاد أخرى سوى أنها دولة جارة وضمن عالمنا ويهمنا الإنسان الذي يعيش هناك، الأمر الذي جعلنا -نحن وغيرنا- نكتشف أن بعض السلوكيات التي يقوم بها السياسيون في العالم تعد صياغة جديدة في مفاهيم العلاقات الدولية لأنها -بحكم تفردها- تغير ممارسات معينة من الناحية النظرية ومن ناحية الممارسة التطبيقية.
فإذا كان الرئيس الجنوب الأفريقي نيلسون مانديلا وضع بممارساته فهماً جديداً في العلاقات الإنسانية، جعله ملهماً للعديد من السياسيين في العالم في نهاية معالجة أعقد المشكلات، وإذا كان جوزيف ناي أستاذ العلاقات الدولية الأمريكي، قد اكتشف أن هناك قوة مؤثرة في العلاقات الدولية تفوق القوة الصلبة، وهي القوة الناعمة والموقفين، اعتبرا في لحظتهما وإلى الآن ثورة حضارية واكتشافاً علمياً جديداً، فإن الذي يفعله سمو الشيخ محمد بن زايد من خلال مواقفه الإنسانية التي وصلت لتخصيص "مدينة الإمارات إنسانية" متكاملة تتم فيها استضافة شعوب دول من خارج الإمارات، لإجراء لهم الفحوصات الطبية والتأكد من خلوهم من أعراض هذا الوباء، الذي أرهب العالم قبل إيصالهم الى بلدانهم الأصلية، وكذلك تلك البادرة الإنسانية لوثيقة أبوظبي الإنسانية، لهو سلوك جديد في عالم السياسة ممزوج ببعد إنساني يمارس لأول مرة، أو هكذا أعتقد.
ولو وضعنا جملة الممارسات التي تقدم بها سمو الشيخ محمد بن زايد في المجال الإنساني، بدءاً من تطعيم أطفال أفريقيا وباكستان من مرض شلل الأطفال بالتعاون مع "مؤسسة بيل وميليندا جيتس" التي قضت على هذا المرض، بعد أن كانت نسبة الوفيات فيه عالية، ومروراً بحالة الطفلة العراقية، مؤخراً، التي ذكرت في أنها لما سألت عمن يمكن أن يساعدها في علاج أمها من مرض السرطان، كانت الإجابة –حسب ما ذكرت الطفلة- محمد بن زايد ووصولًا إلى موقفه من دعم إطفاء حرائق أستراليا الدولة التي كانت تمثل "مستودعاً" للحياة الطبيعية والآن فيروس كورونا، لو وضعنا كل هذه الممارسات بجانب السياقات الدولية للعديد من نظريات العلاقات الدولية، فإن سموه يكون قد وضع مبدأ جديداً في العلاقات الدولية يمكن اعتماده من المنظمات الدولية والكليات المتخصصة في علم السياسة؛ خاصة أن هناك إدراكاً عالمياً لحاجة الإنسانية لقيادات لديها مثل المواقف السياسية.
وبالملاحظة فإن للشيخ محمد مجموعة من المواقف الإنسانية داخل دولة الإمارات وخارجها، وهي في مضمونها تسير وفق نمط واحد: إنه إنسان، وبشكل يدعو إلى تقديم يد المساعدة من أجل تحقيق استقرار المجتمعات الإنسانية ومحاربة كل الأفكار والسلوكيات المدمرة لحياة الإنسان سواء كانت طبيعية أو بفعل أشخاص مثلما حدث مع الطفلة الباكستانية ملالا يوسف. ومن أجل النهوض بدول العالم من خلال خلق بيئة متعاونة في تحقيق الاستقرار.
أكاد أجزم بأنها فلسفة سياسية نادرة لا يجيدها إلا من كان لديه فهم خاص للنظام الدولي ويمتلك رؤية لمكانة الإنسان واحتياجاته الأساسية أو أنها محاولة لصياغة نظرية اجتماعية جديدة للعالم بأكمله، وهي ما تجعل من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان واحداً من مؤثري السياسة ليس بالدول العربية فقط، ولكن هناك في دوائر صنع القرار بالدول المتقدمة؛ حيث يدركون مكانته في السياسة الدولية.
لقد تتلمذ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد على يد والده مؤسس دولة الاتحاد، حكيم العرب، وتعلم منه أن الإنسان في أي مكان في العالم هو الثروة الحقيقية لتعمير الأرض، وأن الإنسان العربي تحديداً ليس بذلك الفرد "الرخيص" في العلاقات مع الدول الأخرى، ولم يكن ذلك بالكلام النظري وإنما بالفعل والمواقف، ويدرك الكثير من المراقبين في العالم مواقفه، واليوم دولة الإمارات بفضل هذه النوعية من القيادات "أيقونة" عالمية في كل المجالات الحضارية كلها؛ ومنها منهج خدمة الإنسانية.
لجوء بعض المواطنين العرب لطلب المساعدة من الشيخ محمد بن زايد، وشكر أكبر منظمة صحية في العالم لجهوده، هو تعبير عن إدراكهم مكانة الإنسان في فكر محمد بن زايد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة