كلمة محمد بن زايد في "MEF".. خريطة طريق مناخية لمستقبل أفضل للبشرية

خريطة طريق شاملة للنهوض بالعمل المناخي، وحماية كوكب الأرض من التغيرات المناخية، وضمان جودة حياة أفضل للبشر وضعها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
جاء ذلك خلال مشاركة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ــ عن بعد ــ في منتدى الاقتصادات الرئيسية الخاص بالطاقة وتغير المناخ "MEF" الذي دعا إليه الرئيس الأمريكي جو بايدن، والذي شهد مشاركة عدد من قادة ورؤساء حكومات دول العالم.
وتأتي دعوة دولة الإمارات للمشاركة في هذا المنتدى كونها الدولة المضيفة للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ COP28 التي ستعقد نهاية العام الجاري، والذي يعد أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي بمشاركة قادة وزعماء العالم.
4 محاور
وخلال مشاركته في المنتدى، ألقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كلمة رسم من خلالها خريطة طريق شاملة لمواجهة التغيرات المناخية، التي تعد أكبر تحد للبشرية حاليا، تستند إلى 4 محاور وهي:
- إبراز التجربة الإماراتية الرائدة في مواجهة التغير المناخي والنهوض بالعمل المناخي.
- استعراض خطط الإمارات الهادفة لأن تكون الدورة الثامنة والعشرون من مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ COP28 التي تستضيفها نهاية العام الجاري أنجح مؤتمر بيئي عالمي.
- إبراز العلاقة الوثيقة بين الطاقة والتغير المناخي وهي موضوع المنتدى وخطط توظيفه لمواجهة التغيرات المناخية.
- التأكيد على أهمية التعاون الدولي والعمل الجماعي لمواجهة خطر التغير المناخي.
رسالة مهمة
حرص رئيس دولة الإمارات على المشاركة في المنتدى الذي دعا إليه الرئيس الأمريكي جو بايدن، والذي شهد مشاركة حضور رفيع المستوى من قادة ورؤساء حكومات دول العالم، ويحمل رسائل ودلالات عدة من أبرزها:
- تعكس المشاركة اهتمام القيادة الإماراتية بتعزيز جهود المجتمع الدولي لحماية الأرض من أقوى خطر يهددها، وهو التغير المناخي.
- تبرز تلك المشاركة حرص القيادة الإماراتية على الاستفادة من هذا الزخم الدولي لتعزيز العمل الجماعي المناخي، وتوظيف جهود الجميع لتحقيق أهداف cop28 لمواجهة التغيرات المناخية أكبر تحدٍّ يواجه البشرية في العصر الراهن.
- ترسخ تلك المشاركة المكانة المرموقة للإمارات عالميا في تعزيز العمل المناخي.
وتلعب الإمارات دوراً رئيسياً في قيادة الجهود العالمية لمواجهة أزمة التغيّرات المناخية، ولا تترك باباً للمساهمة وتقديم الحلول إلا وطرقته، وتأتي مشاركتها في هذا المنتدى تعزيزا لجهودها في هذا الصدد.
وشارك في المنتدى الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وألبرتو فرنانديز رئيس الأرجنتين وغابرييل بوريك رئيس تشيلي والمستشار الألماني أولاف شولتز وأنتوني ألبانيز رئيس وزراء أستراليا وجاستن ترودو رئيس وزراء كندا وأورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية وشارل ميشيل رئيس المجلس الأوروبي.
كما شارك في المنتدى جوكو ويدودو رئيس إندونيسيا وكيشيدا فوميو رئيس وزراء اليابان وهان دوك سو رئيس وزراء كوريا الجنوبية وأندريس مانويل لوبيز أوبرادور رئيس المكسيك ومحمد بخاري رئيس نيجيريا، وجوناس جار ستور رئيس وزراء النرويج، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأنطونيو غوتيريش أمين عام الأمم المتحدة، وعدد من ممثلي الدول والحكومات.
تجربة رائدة
آثر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمته أن يقدم إضاءة حول التجربة الإماراتية الملهمة في مواجهة التغير المناخي على الصعيدين المحلي والدولي، والتي حققت خلالها الإمارات والسبق في مجالات عدة.
وأوضح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمته بهذا الصدد، جهود الإمارات الرائدة في هذا الصدد، مشيرا إلى أن الإمارات تعد أول دولة خليجية تصدق على "اتفاق باريس" عام 2015، الذي يستهدف الحد بشكلٍ كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى ما دون درجتين مئويتين وتكثيف الجهود لتقليلها إلى 1.5 درجة مئوية.
وأوضح أن الإمارات هي أول دولة في المنطقة تلتزم بخفض الانبعاثات في جميع القطاعات الاقتصادية بحلول عام 2030 .
وأشار إلى أن الإمارات أعلنت مبادرتها الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، حيث أطلقت الإمارات في أكتوبر/ تشرين الأول 2021 مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي تستهدف تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 وتعزيز النمو الاقتصادي الفعال إلى جانب التأثير الإيجابي على البيئة.
وقال إن الإمارات قامت باستثمار ما يزيد على 150 مليار دولار في العمل المناخي، كما تملك خططا طموحة لمزيدٍ من الاستثمارات المستقبلية في العمل المناخي، مؤكدا أن دولة الإمارات وضعت العمل المناخي في صميم استراتيجيتها الهادفة إلى تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام بالتزامن مع الالتزام بمسؤوليتها تجاه البيئة والأجيال القادمة.
كوب 28.. خطط طموحة
نقاط مضيئة تبرز تجربة الإمارات الرائدة في النهوض بالعمل المناخي، تعد قواعد وأسس تنطلق منها الإمارات نحو تحقيق أهدافها خلال استضافتها cop28 نهاية العام الجاري.
وأبرز رئيس دولة الإمارات في كلمته خطط الإمارات الطموحة وأهدافه الرائدة خلال استضافتها مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "cop28".
وتعهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في هذا الصدد بأن دولة الإمارات وخلال رئاستها الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف "COP28" ستبذل جميع الجهود المتاحة لتحقيق تقدم جذري في العمل المناخي"، وأشار في هذا الصدد إلى أنه:
- سيتم الانتقال من وضع الأهداف إلى تحقيقها.
- سيتم التوصل إلى خطة عمل شاملة لصالح البشر وكوكب الأرض.
- دولة الإمارات ستحرص على أن يكون مؤتمر الأطراف "COP28 " نقطة التحول الكبرى في هذا المجال.
الطاقة والتغير المناخي
وعلى صعيد ذي صلة بجهود مواجهة التغيرات المناخية ، قام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمته بإبراز العلاقة الوثيقة بين الطاقة والتغير المناخي كونه موضوع المنتدى الرئيسي.
وأكد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة أن هناك علاقة وثيقة بين الطاقة والتغير المناخي، مشددا على أهمية تسريع الانتقال العالمي المنطقي والواقعي والمتوازن في قطاع الطاقة من خلال زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة بما لا يقل عن ثلاث مرات، ومضاعفة إنتاج الهيدروجين.
على أرض الواقع لم تقف طموحات دولة الإمارات عند حدود نشر وتطوير حلول الطاقة المتجددة الاعتيادية بل تبنت أحدث التوجهات العالمية لمصادر إنتاج الطاقة حيث أطلقت أول مشروع صناعي للهيدروجين الأخضر في المنطقة خلال شهر مايو/ أيار 2021، كما عملت على زيادة إنتاج الهيدروجين الأزرق بهدف تنويع مزيج الطاقة، واعتمدت كذلك حلول التقاط الكربون المستندة إلى الطبيعة، إذ تعتزم الإمارات زراعة 100 مليون شجرة مانغروف بحلول عام 2030.
وتحتضن الإمارات اليوم 3 من أكبر محطات الطاقة الشمسية وأقلها تكلفة في العالم.
وأشار الشيخ محمد بن زايد إلى ضرورة تعزيز التعاون الدولي في نقل التكنولوجيا وتوفير التمويل اللازم لدعم الانتقال في قطاع الطاقة ومعالجة الخسائر والأضرار خاصةً في دول الجنوب والمجتمعات الأكثر تعرضاً لتداعيات تغير المناخ، مؤكدا أهمية أن تنفذ الدول المتقدمة تعهدها بتقديم 100 مليار دولار إلى الدول النامية
وأكد على الحاجة إلى تطوير أداء المؤسسات المالية الدولية لضمان مواكبة هذه المتطلبات، وتأمين التمويل اللازم لتحفيز الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة.
وقد استثمرت الإمارات 50 مليار دولار في مشروعات للطاقة المتجددة في مختلف أنحاء العالم، وستستثمر 50 مليار دولار إضافية خلال الفترة القادمة.
التعاون الدولي.. نافذة أمل
وفتح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نافذة أمل أمام العالم في كلمته، مشددا على إنه " رغم تفاقم خطر التغير المناخي فإن العالم لم يفقد فرصته بعد لمواجهة هذا الخطر بشرط توفر الإرادة الحقيقية لتحرك جماعي دولي عاجل للتعامل معه".
وأكد أن دولة الإمارات ستحرص على أن يكون مؤتمر الأطراف"COP28 " نقطة التحول الكبرى في هذا المجال.
ووجه دعوة مفتوحة إلى العالم لمشاركة دولة الإمارات من الآن في الجهود والمبادرات الهادفة إلى تحقيق نقلة نوعية في العمل المناخي، معبراً عن ثقته وتفاؤله بالاستجابة لهذه الدعوة.
تجربة ملهمة
خارطة طريق واقعية وطموحة تستند على تجربة إماراتية رائدة وعميقة في تعزيز العمل المناخي.
وتمتلك دولة الإمارات مسيرة حافلة في العمل من أجل البيئة والمناخ منذ تأسيسها على يد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قبل 51 عاما.
وتتواصل تلك الجهود الرائدة في ظل القيادة الحكيمة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
وانطلقت تلك الجهود بعد 6 أشهر فقط من تأسيس دولة الإمارات عام 1971 من خلال مشاركة وفد رفيع المستوى في المؤتمر الأول للأمم المتحدة المعني بحماية البيئة والعمل من أجل استدامة الموارد الطبيعية، ثم صدور أول قانون وطني في المنطقة يستهدف حماية البيئة في العام 1975.
ووقعت دولة الإمارات بروتوكول مونتريال الخاص بالمواد المسببة لتأكل طبقة الأوزون في عام 1989.
وفي مطلع تسعينيات القرن العشرين تم الاتفاق بشكل دولي على إطلاق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ، لتمثل أول تحرك عالمي لمواجهة هذا التحدي الهام وفي 1995 انضمت دولة الإمارات للاتفاقية للمشاركة في الحراك الدولي للعمل المناخي.
وبعد إطلاق واعتماد بروتوكول كيوتو الملزم للدول المتقدمة بأهداف خفض الانبعاثات صدقت دولة الإمارات في العام 2005 على البروتوكول كأول دولة من الدول الرئيسية عالمياً لإنتاج النفط.
ومثل العام 2006 نقطة فارقة في مسيرة عمل دولة الإمارات من أجل البيئة والمناخ والذي شهد إطلاق شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" كنموذج إماراتي عالمي لقطاع الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة والتطوير العمراني المستدام.
كما تم إطلاق مشروع "براكة" للطاقة النووية عام 2012 والذي من المتوقع مع دخول كامل المحطات الخدمة أن يوفر ما يصل إلى 25% من الاحتياجات المحلية من الطاقة الكهربائية.
ونظراً لأهمية موضوع التغير المناخي محلياً وعالمياً، أدرجت دولة الإمارات التصدي لهذه الظاهرة كأحد أهدافها الرئيسية، لتحقيق التنمية المستدامة.
واعتمدت دولة الإمارات باقة واسعة من التشريعات والاستراتيجيات الداعمة للعمل من أجل البيئة والمناخ، ومنها التحول نحو منظومة الاقتصاد الأخضر.
وفي عام 2016، قامت دولة الإمارات بتوسيع دور وزارة البيئة والمياه لتدير جميع الجوانب المتعلقة بشؤون التغير المناخي الدولية والمحلية، وأعادت تسمية الوزارة لتصبح وزارة التغير المناخي والبيئة، وتعمل هذه الوزارة على قدم وساق لتعزيز جهود دولة الإمارات في معالجة مشكلة التغير المناخي، وحماية النظم البيئية الفريدة.
وتعد دولة الإمارات أول دولة في المنطقة تعلن عن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
وكانت دولة الإمارات قد أطلقت في أكتوبر/تشرين الأول 2021 مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي تستهدف تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 وتعزيز النمو الاقتصادي الفعال إلى جانب التأثير الإيجابي على البيئة.
ولا تقتصر جهود دولة الإمارات على الصعيد المحلي فقط، وإنما تكثف جهودها على الصعيد الدولي لتعزيز العمل المناخي وتحفيز وقيادة عمل جماعي شامل وفعال من أجل المناخ عالميا.
على صعيد جهودها الدولية لمواجهة تغير المناخ، استثمرت دولة الإمارات ما يزيد على 50 مليار دولار في مشروعات للطاقة النظيفة في 70 دولة.
أيضا أطلقت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مبادرة شاملة بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية للاستثمار في الطاقة النظيفة وتعزيز الأهداف المناخية المشتركة وأمن الطاقة العالمي، سيتم بموجبها استثمار 100 مليار دولار لتوليد 100 غيغاواط إضافية من الطاقة النظيفة في دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة والاقتصادات الناشئة حول العالم بحلول سنة 2035.
كما تقوم دولة الإمارات بجهد بارز في حشد الجهود العالمية لمواجهة تحديات التغير المناخي من خلال استضافتها لكبرى الفعاليات والأحداث التي شكلت منصة جامعة لكبار المسؤولين وصناع القرار والخبراء من حول العالم ومن أبرزها مؤتمر أسبوع أبوظبي للاستدامة و"كوب 28."
وتستضيف دولة الإمارات مؤتمر COP28 في مدينة إكسبو دبي خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023 وذلك تزامناً مع إعلان دولة الإمارات 2023 عاماً للاستدامة تحت شعار "اليوم للغد".
وسيشهد مؤتمر COP28 أول حصيلة عالمية لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ أهداف اتفاق باريس، مما يتيح محطة مهمة وحاسمة لتوحيد الآراء والاستجابة للتقارير العلمية التي تشير إلى ضرورة خفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030 للتقدم في تحقيق هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض فوق عتبة الـ1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050، وسيسهم إنجاز الحصيلة العالمية في تحقيق الزخم اللازم لمفاوضات هذا المؤتمر ومؤتمرات الأطراف المستقبلية.
ومع استضافة دولة الإمارات لفعاليات مؤتمر COP2، بدأت في إطلاق مبادرات نوعية لحشد الجهود وتبادل التجارب والخبرات تعكس في مجملها وجود إرادة قوية ورؤية واضحة وخطة شاملة ومتكاملة بأن يكون مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 هو أنجح مؤتمر بيئي عالمي، عبر تحقيق أهدافه ورسم خارطة طريق للعالم لمواجهة التحدي الأكثر تهديداً لمستقبل كوكب الأرض، وهو تغير المناخ، بما يصب إجمالا في مستقبل أفضل للعالم والبشرية.
ضمن أحدث تلك المبادرات، تم في مارس/ آذار الماضي، إطلاق أولى فعاليات "الطريق إلى COP28"، بهدف تعزيز الجهود الوطنية لرفع وعي مختلف شرائح المجتمع بأهمية دعم مبادرات حماية البيئة وإيجاد الحلول المناسبة لتحديات التغير المناخي.
وبصفته الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28"، يقوم الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة بدولة الإمارات بجولات مكوكية حول العالم خلال الفترة الحالية لتقريب وجهات النظر وتوفيق الآراء للوصول إلى إجماع عالمي لرفع سقف الطموح المناخي.