30 يوما على معركة الموصل .. وبدأت "حرب الشوارع"
إدارة معركة الموصل وسط كتلة سكنية وتضاريس صعبة ، يجعل هناك صعوبة في اتباع سياسة "الأرض المحروقة"
ما أسهل أن يقتحم الجيش العراقي والقوات المتحالفة مدينة الموصل، وانتزاعها من تنظيم "داعش" الإرهابي خلال أيام معدودة بإتباع سياسة "الأرض المحروقة"، ولكن إدارة المعركة وسط كتلة سكنية من ناحية، ووسط تضاريس صعبة من ناحية أخرى، يجعل سياسة النفس الطويل هي الأنسب لتلك المعركة.
و"الأرض المحروقة"، إستراتيجية عسكرية أو طريقة عمليات يتم فيها "إحراق" أي شيء قد يستفيد منه العدو عند التقدم أو التراجع في منطقة ما، وهذه الإستراتيجية وإن كانت ملائمة في اقتحام أطراف المدينة، فإنها لا تبدو كذلك في العمق، حيث توجد الكتلة السكانية.
وخلال شهر منذ بداية العملية العسكرية لاستعادة مدينة الموصل، وفرت طائرات الأباتشي الأمريكية للجيش العراقي والقوات المتحالفة معه الغطاء الجوي اللازم لإتباع سياسة "الأرض المحروقة" من أجل اقتحام الأطراف، ولكن مع انتقال المعركة إلى قلب المدينة واحتماء التنظيم الإرهابي بالكتلة السكانية، فرض هذا التطور إستراتيجية "حرب الشوارع".
ويوفر وجود المدنيين وكثرة العوائق وصعوبة التنسيق بين القوات وصعوبة الإشراف على مسرح العمليات، الأساس لوجود تلك الإستراتيجية، التي استعد لها التنظيم الإرهابي، بالانسحاب التكتيكي من الأطراف والاتجاه إلى قلب المدينة لخوض المعركة بهذه الإستراتيجية.
وحذرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في 28 أكتوبر الماضي، من قيام التنظيم الإرهابي باحتجاز أكثر من ثمانية آلاف عائلة، تضم عشرات آلاف من الرجال والنساء والأطفال بمناطق حول مدينة الموصل لاستخدامهم كدروع بشرية تساعده على تنفيذ تلك الإستراتجية.
الجيش العراقي يتجه جنوب الموصل لإبطال سلاح "الدروع البشرية"
ومع بدء تنفيذها تعرضت القوات المهاجمة لخسائر جسيمة، زادت من كلفة معركة الموصل بشريا وماديا، ما أدى إلى تباطوء في وتيرة المعركة.
ووفقاً لتقديرات نشرتها عده صحف ووسائل إعلام عربية نقلا عن مصادر في وحدة الطبابة العسكرية، فإن " أكثر من ألفي قتيل من الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية وأفواج الطوارئ ووحدات التدخل السريع وقوات حرس نينوى (أبناء العشائر) وقوات البشمركة الكردية ومليشيات الحشد الشعبي، سقطوا خلال الشهر الأول من المعارك".
وتشير المصادر ذاتها إلى" نقل نحو 5 آلاف آخرين إلى مستشفيات في بغداد وأربيل والسليمانية وآخرين نقلوا إلى ألمانيا، وكذلك إلى طهران وتركيا".
في المقابل، فقد التنظيم الإرهابي أكثر من 1500 عنصر من مقاتليه غالبيتهم عراقيون وبينهم عناصر أجنبية قيادية ونحو ألف آخرين من الجرحى نقل أغلبهم إلى سوريا للعلاج، وذلك بحسب مصادر من داخل الموصل تحدثت إلى عده صحف عربية.
إنفوجراف.. حصيلة 25 يوما من معركة الموصل
أربعة محاور
ورغم أن مصادر عسكرية عراقية، توقعت انتهاء العملية العسكرية بالموصل بنهاية العام الجاري، إلا أن مجريات العملية العسكرية تشير إلى أنها ربما تستمر لأبعد من ذلك بكثير، لاسيما أن القوات العراقية وإن كانت تحقق تقدما في كل المحاور، إلا أنها لم تحسم أي منها نهائيا إلى الآن.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية اليوم الثلاثاء، أن القوات العراقية استعادت السيطرة على اكثر من ثلث المحور الشرقي لمدينة الموصل بعد نحو شهر من بدء عملية تحرير المدينة من تنظيم داعش.
والمحور الشرقي واحد من أربعة محاور رئيسية في المعركة، تشمل أيضا الشمالي، الذي تدور في محيطه المعارك حاليا بأحياء الكندي والكفاءات والحدباء ونيسان والنهضة، والجنوبي، الذي تستعد القوات العراقية إلى خوض معارك ضارية فيه لاستعادة المطار، والغربي ، حيث تستعد القوات للسيطرة على المناطق الريفية والقرى الواقعة غرب وجنوب غرب الموصل، وصولاً إلى مدينة تلعفر (غرب)، فضلاً عن إحكام الطوق العسكري على الموصل وقطع الطرق المؤدية إلى مناطق غرب العراق المحاذية للحدود العراقية مع سورية.
محلل أمريكي: جيش العراق يتقدم بـ"منهجية" في معركة الموصل
خسائر بشرية
ويتوقع أن يؤدي احتدام المعارك في المحاور الأربعة خلال الأيام المقبلة إلى مزيد من الخسائر البشرية، حيث تشير تقارير منظمات انسانية إلى بلوغ عدد القتلى والجرحى في صفوف المدنيين إلى 1257 مع نهاية الشهر الأول من العمليات، وبلغ عدد الجرحى 896 جريحاً.
وإضافة لذلك فإن الناجون من السكان يواجهون مشكلات انسانية في مخيمات النازحين التي لا تستوعب أعدادهم، إضافة إلى افتقارها للخدمات.
وأعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية في بيان لها صدر يوم الأثنين الماضي، ارتفاع أعداد النازحين من مدينة الموصل لأكثر من 50 ألف نازح خلال يومي السبت والأحد الماضيين، مع استمرار موجات النزوح من مناطق الموصل، بما ينذر بوقوع كارثة إنسانية كبيرة.
اليوم الـ 29 لمعركة الموصل.. اشتعال الجنوب واقتحامات شرقا وشمالا