في أبياته الخالدة المحفورة في الذاكرة وصف الشاعر حافظ إبراهيم الأم باعتبارها الأساس في بناء الأجيال والمجتمعات، فالمرأة التي تُعد وتُهيئ بشكل صحيح تكون حجر الأساس لمجتمع متقدم وناجح. فكلنا نحفظ عن ظهر قلب هذه الأبيات:
الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها
أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا
بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ
الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى
شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ
لقد حملت المرأة الإماراتية على عاتقها منذ بداية دولة الاتحاد مسؤولية كبيرة في بناء الوطن، مدعومة برؤية استثنائية من القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. فقد آمن الشيخ زايد، منذ تأسيس الدولة، بأن المرأة هي نصف المجتمع وعمود البيت الأساسي، وسعى دائماً إلى تمكينها ومنحها الفرص لتحقيق ذاتها والإسهام الفاعل في مسيرة التنمية. وكثيراً ما كان يردد: "أنا نصير المرأة.. أقولها دائماً لتأكيد حقها في العمل والمشاركة الكاملة في بناء وطنها".
لقد كانت جهود الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في دعم المرأة الإماراتية استثنائية، حيث أرسى دعائم نهضة نسائية شاملة حظيت فيها المرأة بحقوق كاملة تضمنها الدستور. ومن أبرز تلك الحقوق التي كفلتها الدولة للمرأة الإماراتية حق التعليم والرعاية الصحية والمشاركة الاقتصادية والاجتماعية، وقد أُنشئت الجمعيات النسائية، بدءًا من "جمعية نهضة المرأة الظبيانية" في عام 1973، مروراً بتأسيس الاتحاد النسائي العام في عام 1975، الذي أصبح منصة لتعزيز دور المرأة في مختلف المجالات.
وتحت رعاية كريمة من الشيخة فاطمة بنت مبارك "أم الإمارات"، استمرت مسيرة تمكين المرأة الإماراتية لتصل إلى مستويات عالمية. فقد أطلقت العديد من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز دور المرأة في المجتمع، وكان من أبرزها "مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن"، التي جاءت تأكيداً لرؤية دولة الإمارات في دعم المرأة وتمكينها من المساهمة في نشر ثقافة الحوار والسلام وتحقيق الأمن والاستقرار.
إن جهود الشيخة فاطمة بنت مبارك، حفظها الله، لا تقتصر فقط على دعم المرأة الإماراتية داخل الدولة، بل تمتد لتشمل نساء العالم أجمع، من خلال تعزيز الشراكات الدولية وتقديم الدعم لمنظمات العمل الإنساني والخيري، وتوجيه الجهود نحو بناء كوادر نسائية قادرة على تحقيق السلام والتنمية في مختلف بقاع الأرض.
وقد شهدت السنوات الأخيرة تطورات كبيرة في تمكين المرأة الإماراتية على الأصعدة كافة، حيث أصبحت المرأة الإماراتية تشغل أعلى المناصب القيادية وتسهم بفاعلية في صياغة مستقبل الإمارات. ويُعد إطلاق الدفعة الرابعة من "مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن" في عام 2024، بالتعاون مع وزارة الدفاع ومكتب الاتصال لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، دليلاً على التزام الإمارات بتعزيز دور المرأة في المجالات الحيوية وتحقيق الرخاء والسلام على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
في الختام، تبقى المرأة الإماراتية رمزاً للعطاء والتضحية والإبداع، تسير على نهج آبائها المؤسسين الذين وضعوا أسساً راسخة لتحقيق التوازن بين الجنسين وتمكين المرأة في جميع مجالات العمل الوطني. ونحن اليوم، وبفضل دعم قيادتنا الرشيدة، نفخر بما حققته المرأة الإماراتية وما زالت تحققه من إنجازات عظيمة، تسهم في بناء مستقبل مشرق لدولة الإمارات العربية المتحدة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة