"العين" تكشف دوافع الجزائر لإنقاذ اتفاق أوبك
الجزائر تقود مساعي حثيثة في سوق النفط الدولية، من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي قبيل اجتماع الغد الحاسم لدول منظمة أوبك. ما هي دوافعها؟
تقود الجزائر مساعي حثيثة في سوق النفط الدولية، مع كبرى العواصم المؤثرة في العالم، من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي قبيل اجتماع الغد الحاسم لدول منظمة أوبك في العاصمة النمساوية فيينا.
وتشعر الجزائر بمسؤولية تاريخية ملقاة على عاتقها، بإنجاح الاتفاق الذي رعته على أراضيها في 28 سبتمبر/ أيلول الماضي، والذي توصل إلى قرار تاريخي من جميع دول منظمة أوبك بتخفيض الإنتاج ما بين 32.5 و33 مليون يومياً.
وتعمل الجزائر من أجل التوصل إلى اتفاق جيد يقود إلى"توازن السوق والأسعار حول نطاق يتراوح بين 50 و55 دولاراً"، ولا تستبعد في حال نجاحه، بأن تصل الأسعار إلى 60 دولاراً في نهاية السنة.
لكن الشيطان كما يقال دائماً يسكن في التفاصيل، فبعد الاتفاق على العنوان العريض الذي هو تجميد الإنتاج عند مستوى معين في أوبك، أصبح الهاجس الأكبر هو في كيفية توزيع الحصص الجديدة على دول المنظمة، خاصة في ظل الخلافات الكبيرة التي تجمع رؤية كبار المنتجين وتحليلهم للسوق.
ومع اقتراب اجتماع فيينا، كثف وزير الطاقة الجزائري نور الدين بوطرفة، من جولاته إلى كبرى عواصم النفط العالمية، بدءاً بالرياض ثم طهران العاصمتين الفاعلتين في أوبك وانتهاء بروسيا أكبر منتج خارج المنظمة، والتي بإمكانها قلب كل الأوراق في حال عدم التنسيق معها مسبقاً، قبل ترسيم اتفاق الجزائر في العاصمة النمساوية غداً.
وتبدي السعودية وهي أكبر منتجي أوبك، تفاؤلاً بشأن الاجتماع القادم، مثلما أكد على ذلك وزيرها للطاقة خالد الفالح الذي تبادل هو ووزير الطاقة الجزائري الزيارة في الأسابيع المقبلة.
وتبحث السعودية وفق الفالح، على تحقيق "اتفاق عادل ومتوازن وبمساهمة جميع دول المنظمة مع الأخذ بعين الاعتبار الاستثناءات التي خصت بها كل من ليبيا ونيجيريا والسماح لهم برفع الإنتاج بعد الاستقرار الأمني والتجميد عند مستوى متفق عليه بالنسبة لإيران".
وفي طهران التي زارها بوطرفة السبت الماضي، قال وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنغنه، إنه واثق بالتوصل إلى اتفاق فيما يخص نتائج اجتماع أوبك في فيينا، مكتفياً بهذا الكلام العام دون الخوض في التفاصيل.
واللافت في زيارة بوطرفة إلى روسيا بعد إيران مباشرة، هو إصرار وزير الفنزويلي اولوخيو ديلبينو على مرافقته إلى موسكو، من أجل إعطاء زخم أكبر للوساطة الجزائرية مع دول خارج أوبك من أعضاء فاعلين داخل المنظمة.
وفي هذا الإطار، كانت الجزائر قد دعت على لسان وزيرها للطاقة على هامش اجتماع الدوحة للدول المصدرة للغاز، قبل أيام، إلى ضرورة الحصول على تعاون كلي والتزام من قبل دول خارج أوبيك (خاصة روسيا)، لدعم اتفاق الجزائر لضبط إنتاجها لصالح استقرار دائم لأسواق النفط.
من جانب آخر، لا تتحرك الجزائر دفاعاً عن اتفاق الجزائر لرغبتها في عدم فشله فقط، فهي تتخوف كثيراً من استمرار مستوى الأسعار الحالي، بسبب الخسائر الفادحة التي ستعود عليها على مستوى مداخيلها التي تتكون بنسبة 98% من النفط والغاز.
كما أن الجزائر تخشى كثيراً من بقاء مستوى الأسعار الحالي، لأنها بنت موازنة سنة 2017 على أساس سعر برميل يساوي 50 دولاراً، وفي حال لم يصل السعر إلى هذا المستوى فإنها عجزها سيتعمق أكثر مما هو متوقع بـ 8%، الأمر الذي سيهدد بجد استقرارها المالي.
تتخوف الجزائر وكثير من دول أوبك الصغرى من حيث مستوى الإنتاج، من فشل أوبك في تطبيق بنود اتفاق الجزائر، وهو ما سيعود عليها بخسائر فادحة في مداخيلها مما سيعمق العجز في ميزانياتها.
ويرى خبراء في سوق النفط، أن اتفاق الجزائر كان محدود التأثير على الأسعار بسبب تراجع حصة أوبك من الإنتاج العالمي وظهور لاعبين آخرين في السوق لهم تأثير قوي على توجهات الأسعار.