الدراجات النارية في اليمن.. الإرهاب الحوثي يصل محطة "تاكسي الفقراء"
اقتنت سيدة يمنية لزوجها دراجة نارية بعد نزوحهم، كوسيلة للرزق، لكن بعد أشهر من عمله، لقي الرجل مصرعه جراء انفجار لغم حوثي، غربي البلاد.
ولم تكن تعلم العشرينية "آمنة محمد عمر"، أن زوجها عبدالله سينضم إلى مئات الضحايا من العاملين على "تاكسي الفقراء" إثر الإرهاب الحوثي في الطرق الرملية في محافظة الحديدة (غرب).
وتروي آمنة لـ"العين الإخبارية"، تفاصيل قصتها وهي تجلس على سرير خشبي متهالك يحيطها أطفالها الـ3، أنها باعت ما تبقى من مجوهراتها لاقتناء دراجة نارية لزوجها لكسب العيش، وذلك عند النزوح القسري من بلدة الجبلية جنوبي الحديدة إلى مناطق ريفية بعيدة عن خط النار في الساحل الغربي لليمن.
وطيلة 6 سنوات من عمر الانقلاب، اتجه آلاف اليمنيين، الكثير منهم يعملون بالسلك الحكومي ونازحون، للعمل على الدراجات النارية التي أصبحت مصدرا رئيسيا يعتمدون عليها لكسب غذاء أطفالهم، أحدهم أحمد نهاري، رب أسرة مكونة من 14 طفلا.
ذات صباح استقل المواطن، أحمد سالم نهاري، متزوج من امرأتين، دراجته النارية واتجه يشق رمال إحدى بلدات الساحل الغربي لليمن، إلا أن عبوة مموهة من مخلفات الحوثيين انفجرت به ومزقته إلى أشلاء.
تقول إحدى زوجاته، عائشة عبده إبراهيم، في شهادة وثقها مركز العمالقة الإعلامي، إن "المعيشة صعبة والأطفال مشردين بلا عائل ومأوى ويفتقرون للمأكل والمشرب".
وتؤكد عائشة أن هناك العديد أمثال "نهاري" يسقطون بشكل يومي وهم يعملون على دراجاتهم النارية في الطرقات الملغمة على امتداد مناطق الساحل الغربي لليمن.
وسيلة المواصلات الأولى
تعتبر الدراجات النارية وسيلة المواصلات الأولى في محافظتي الحديدة وتعز لذلك تجد آلاف الأسر تعتمد على الدراجات النارية كمصدر دخل رئيس لإعالة أفرادها.
وعندما اجتاحت مليشيا الحوثي هذه المدن سدت مئات الطرق الفرعية المختصرة بين قرى الريف والسهل التهامي المخصصة للدراجات النارية بحقول الألغام، واعتبرت ذلك بمثابة ثغرة أمنية واسعة، وفقا للناشط اليمني مروان محمود.
وأوضح في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن تلك الحقول تسببت بمقتل آلاف الضحايا حيث لا يمر يوم دون سقوط ضحية للألغام الحوثية وكثيراً ما يكون الضحايا من سائقي الدرجات النارية الذين يعولون أسرهم من أجرة النقل.
وتغرق مدن يمنية عدة أكبرها محافظتي الحديدة وتعز، بالدرجات النارية في صورة تجسد تفشي الفقر والمجاعة في نطاق واسع إثر استمرار حرب مليشيا الحوثي للعام الـ 6 على التوالي.
وتذهب تقديرات حقوقية يمنية إلى أن هناك أكثر من مليون يمني يستخدمون الدراجات النارية كمصدر دخل لإطعام أسرهم أو كوسائل مواصلات أجرة أو خاصة في شتى مدن اليمن.
ومؤخرا لجأت عشرات المنظمات الدولية والمحلية لتوزيع الدراجات النارية على ضحايا الحرب وذوي الاحتياجات الخاصة والمعدمين الفقراء في محافظات يمنية عدة لمساعدتهم في تغير ظروفهم المعيشية.
حيلة حوثية
ومع تزايد استخدام الدراجات النارية كوسيلة لكسب العيش في أوساط الفقراء والمعدمين، لجأت مليشيا الحوثي لاستخدامها كحيلة في الأعمال العسكرية.
وقالت مصادر أمنية يمنية لـ"العين الإخبارية"، إن المليشيات الانقلابية شنت حملات واسعة على تجار بيع الدراجات النارية ونهبت العشرات خصوصا في محافظة الحديدة وشرعت في توزيعها للمقاتلين في جبهات القتال.
وأوضح أن مليشيا الحوثي الانقلابية لجأت لشن حرب عصابات واسعة على نحو متزايد في نقاط التماس معتمدين على سرعة الدراجات النارية التي يستخدمها الفقراء في تنقلاتهم.
كما استغلت مليشيا الحوثي تاكسي الفقراء لتنفيذ عمليات التسلل صوب مواقع القوات اليمنية المشتركة في الساحل الغربي في حين حرمت مئات الأسر من مصدر رزقها.
وتستخدم مليشيا الحوثي الدراجات النارية في نقل المؤن والذخيرة والمناورة النارية الخاطفة لا سيما في مناطق الساحل الغربي، مستغلة التحرك بين المدنيين و لفعالية هذه الوسيلة في الطرقات الرملية، طبقا للمصادر.