"أحلام المنفي".. رحلة الـ9 أشهر الصعبة إلى ليبيا الجديدة
ملفات محلية ودولية، وعقبات أمنية واقتصادية تقطع طريق السلطة الانتقالية الطويل إلى ليبيا الجديدة، وتبشر برحلة حالمة وصعبة.
وتخوض ليبيا في 9 أشهر تبدأ من الآن وحتى إجراء الانتخابات في ديسمبر/كانون الأول المقبل، مسارا صعبا على المستويات كافة لتوحيد مؤسسات الدولة ووضع أسس "ليبيا الجديدة"، وطي صفحة الصراعات والتجاذبات السياسية التي استمرت قرابة عقد من الزمان، وفق خطة وضعها رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي.
لكن رغم جدية السلطة الجديدة، وأهمية الأهداف المرجوة، فالطريق لن يكون مفروشا بالورود، بل يجب أن تتجاوز البلاد عدة عقبات رئيسية في مجالات عدة لطي صفحة الماضي الصعب.
وضع اقتصادي صعب
وتعاني ليبيا وضعًا اقتصاديًا صعبًا، فضلا عن ملفات اقتصادية وصفها المنفي في خطابه الأخير بـ"النازفة" تستدعي حلولا خارج الصندوق، وتهديدات أمنية محلية، وتدخلات خارجية في شؤونها.
ووفق الخطة التي أعلنها المنفي، مساء الجمعة، فإن رئيس المجلس الرئاسي تعهد بالعمل على دعم مسار اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) بُغية توحيد المؤسسة العسكرية "على أُسسٍ مهنية وعقيدة وطنية خالصة"، فيما يعتبر الخطوة الأهم والأصعب في طريق تجاوز الماضي.
وانبثقت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5 +5) عن اتفاق جنيف لوقف إطلاق النار الموقع في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
واتفقت اللجنة في عدة اجتماعات عقدتها مؤخرًا، بحضور دولي، على إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب وسحبهم من خطوط التماس وفتح الطريق الساحلي وتأمين حركة المدنيين وتبادل الأسرى وتسليم الجثامين والاستمرار في محاربة الجماعات المصنفة إرهابيا دوليا (القاعدة وداعش وأنصار الشريعة ومجالس الشورى وغيرها).
طريق الديمقراطية
وبحسب مراقبين، فإن المنفي مطالب بالعمل على الوصول بالمسار السياسي الحالي إلى بر الأمان، كونه مفتاح الحل في ليبيا، خاصة أن مشكلة ليبيا أمنية قبل أن تكون سياسية.
ويرى هؤلاء المراقبون أن النجاح في المسار الحالي يدفع بالبلاد إلى إنهاء المرحلة الانتقالية وصولا إلى انتخابات ديسمبر/كانون الأول المقبل، وتسليم السلطة إلى سلطة منتخبةـ ما يضع أسس دولة ديمقراطية مرجوة.
خطة المنفي تضمنت، كذلك، معالجة الملفات "النازفة والضرورية" كمكافحة فيروس "كورونا" وتوفير اللقاح الفعال ضد الفيروس، بأقصى سرعة ممكنة، وإيجاد حلول لأزمة الكهرباء، وتوفير السيولة النقدية للمواطنين، وهي إصلاحات اقتصادية وصحية لطالما عبر الليبيون عن ضجرهم من تأخر وضع حلول لها.
فمن الكهرباء التي لا يراها المواطنون إلا ساعات يوميًا وأحيانًا تكون ضيفا لدقائق قليلة، مرورًا بالسيولة النقدية الشحيحة في المصارف والتي لا تمكن الليبيين من صرف مدخراتهم، إلى جائحة كورونا التي فاقمت كل الأزمات.
الأمن ومكافحة الفساد
وأكد مراقبون أن الملف الخدمي يحتاج إلى جهد مضاعف من المجلس الرئاسي والحكومة الجديدة، مناشدين المنفي الضرب بيد من حديد على جذور الفساد في ليبيا حتى يستطيع تحقيق تقدم في هذا الملف.
ولم تغفل خطة المنفي تحقيق الأمن الذي غاب عن شوارع ليبيا، خاصة المنطقة الغربية نتيجة سيطرة المليشيات المسلحة على المؤسسات، وأكد أنه سيعمل على بذل الجهود الممكنة لتحقيقه.
إلا أن ملف الأمن يستدعي، بحسب مراقبين، السيطرة على جموح المليشيات المسلحة والعمل على تفكيكها، وإدماج من يصلح منهم في المؤسسات الأمنية، وقصر السلاح حصرًا على المؤسسات الأمنية، مؤكدين أن غياب تلك الآليات سيضع المنفي نفسه في مأزق، كون تلك العناصر المسلحة لن ترضى بالقليل بعد حصولها على الكثير من المكاسب الفترة الماضية.
ثم يأتي ملف المصالحة الوطنية الذي ورد في خطة التسعة أشهر، إذ أكد المنفي أنه "ضمن أولوياته خلال الفترة المقبلة" بهدف معالجة شرخ الانقسام السياسي الذي أدمته الأزمات المتلاحقة منذ ثورة 2011.
ورغم أن المنفي اتخذ خطوات فعلية على أرض الواقع في هذا الملف، بزيارته الأماكن المهمشة، ولقائه المكونات الاجتماعية واستماعه لمطالبهم، إلا أنه بحسب المراقبين، يحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك، عبر تحويل هذا الاهتمام بالمناطق المهمشة إلى خطة فعلية للمصالحة على أرض الواقع.
ولإدراكه تأثير التدخلات الدولية في الأزمة الليبية، ناشد المنفي المجتمع الدولي الإيفاء بالتزاماته تجاه الشعب الليبي وتنفيذ قرارات مجلس الأمن والتقيد بها، ووضع حدا للتدخلات الخارجية السلبية وحظر توريد الأسلحة والحفاظ على الأموال والأصول الليبية المجمدة، وتقديم الدعم الفني الذي تتطلبه المرحلة.
وأكد مراقبون ضرورة ممارسة مجلس الأمن الدولي دوره للحفاظ على المكتسبات الوطنية التي تحققت في ليبيا، ومنع تركيا من تأجيج وتفخيخ الملف الليبي لتحقيق مصالحها في الاستيلاء على الثروات الليبية، ما يمكن أن بعيد الأزمة إلى المربع الأول.
تسليم السلطة
أما الملف الأخير في خطة المنفي، فيتمثل في ضرورة إجراء العملية الانتخابية في موعدها من أجل ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة وتعزيز قيمة إلزامية النصوص القانونية لضمان نجاح العملية الديمقراطية.
ذلك التعهد الذي على أساسه منح مجلس النواب الثقة لحكومة عبدالحميد الدبيبة، لن يكتمل بنيانه إلا بإنهاء كل المسارات السابقة عليه، بحسب المراقبين الذين أكدوا أن النجاح في العملية التراكمية الماضية، سيؤدي بدوره إلى اكتمال البناء الذي سيتوج بالمسار الانتخابي وصولا إلى تسليم السلطة لأخرى منتخبة.
ومنح مجلس النواب الليبي، الأربعاء، الثقة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، بعدد أصوات وصل إلى 132 نائبا، لتحل محل الحكومة المنتهية ولايتها بزعامة فايز السراج، وتقود بالتعاون مع المجلس الرئاسي المرحلة الانتقالية.
aXA6IDE4LjE4OC4yMjMuMTIwIA== جزيرة ام اند امز