دعم عسكري قطري لبوركينا فاسو.. محاولة لإخفاء تمويل الإرهاب في الساحل
موريتانيا تعد من أبرز دول الساحل والصحراء التي واجهت مؤامرات قطر لسنوات عدة.
كشف تلفزيون بوركينا فاسو، الجمعة، أن قطر قدمت 24 آلية لنقل الجنود للجيش للتصدي لهجمات الجماعات المسلحة التي تواجهها بوركينافاسو منذ سنوات عدة.
الدعم القطري لبوركينافاسو أعاد إلى الأذهان محاولة فاشلة عديدة قامت بها الدوحة للتمويه على دعمها للإرهاب، في المنطقة عبر هذه "المساعدات" وهي المعروفة في شبه المنطقة بدعمها للحركات الإرهابية المسلحة التي عاثت في الأرض فسادا.
وكانت الدوحة قد منحت مساعدات مماثلة قبل أشهر لدولة مالي، وسخرت الصحف الفرنسية حينها من تقديم قطر، راعية الإرهاب في العالم، لهذه المساعدات، معتبرة أن خطوة الدوحة انفصام يعاني منه النظام الحاكم، بعد ثبوت دعمه لشبكات إرهابية في شمال باماكو.
وأنشأت كل من بوركينافاسو ومالي وموريتانيا والنيجر والتشاد في عام 2014 تجمعا إقليميا لمواجهة الإرهاب في الساحل والتصدي لخطر الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي.
وتعد موريتانيا من أبرز دول الساحل والصحراء التي واجهت مؤامرات قطر لسنوات عدة، قبل أن تقرر نواكشوط منتصف عام 2017 قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، على غرار دول الرباعي العربي التي قطعت أيضا علاقتها الدبلوماسية مع الدوحة للأسباب ذاتها.
زيارة تميم لأفريقيا تكشف المستور
وكشف اللقاء الحميمي في مطار "كيغالي" الرواندي، قبل أسبوعين، لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، مع أبرز المطلوبين على لائحة الإرهاب في موريتانيا، المصطفى ولد الإمام الشافعي، عن حجم الانخراط القطري في تمويل ودعم الحركات الإرهابية في منطقة الساحل.
صور المصافحة بين تميم والموريتاني "ولد الشافعي"، الذي لا يحمل أي صفة رسمية في روندا، فضحت ما وصفها المراقبون بالتدخلات التخريبية القطرية ليس ضد موريتانيا فحسب بل في المنطقة بشكل شامل بدعمها للحركات الإرهابية والمليشيات الخارجة على القانون في الساحل.
وعرف عن المصطفى ولد الإمام الشافعي المطلوب للقضاء الموريتاني علاقاته مع الجماعات الإرهابية التي تنشط في شمال مالي ومنطقة الساحل مثل جماعة "عمر بلمختار"؛ وظفها في التفاوض حول تحرير رهائن كانت تلك الجماعات قد اختطفتهم لتفرج عنهم مقابل فديات مالية كبيرة.
وتعود تفاصيل إدانة الإرهابي الموريتاني إلى 29 ديسمبر/كانون الأول 2011، حين أصدر قاضي التحقيق المكلف بالإرهاب في نواكشوط مذكرة اعتقال دولية بحق المصطفى ولد الإمام الشافعي، برفقة 3 أعضاء من تنظيم القاعدة الإرهابي، تتهمهم السلطات الموريتانية بالضلوع في عمليات إرهابية وتهديد أمنها واستقرارها الداخلي.
واتهم تقرير النيابة الموريتانية، آنذاك، ولد الإمام الشافعي بتمويل الإرهاب والتخابر لصالح الجماعات الناشطة بمنطقة الساحل والصحراء الكبرى، وبتوفير الدعم المالي واللوجستي لها لضرب أمن واستقرار البلاد.
وأكد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، في مقابلة مع صحيفة "لوبنيون" الفرنسية، بتاريخ 16 مايو/أيار 2016، أن الدعوى صادرة من العدالة الموريتانية ضد ولد الشافعي في قضايا تتعلق بالإرهاب، مضيفا: "وجهنا مذكرة اعتقال دولية بخصوصه وما زلنا ننتظر تنفيذها، وهو الدور الذي يقع ضمن مسؤوليات الدول".
الاستثمار في الإرهاب
الكاتب محفوظ الجيلاني، أوضح أن قطر تستثمر منذ سنوات عدة في الإرهاب بالمنطقة عبر أشخاص مرتبطين بها في موريتانيا، ومن خلال ما وصفها بفبركات إعلامية هدفها استجداء التدخل الدولي الغربي المسلح في هذه المنطقة، وإيهام الغرب بـ"دورها" المزيف في مكافحة الإرهاب"، مضيفا أن قطر كانت في المقابل تقدم الدعم والعون السياسي والإعلامي للحركات الإرهابية نفسها التي تضرب أمن واستقرار المنطقة.
وكشف الجيلاني عن أن حكومات وشعوب المنطقة أصبحت تدرك أن قطر وأدواتها هي التي تحرض الغرب على التدخل في المنطقة وعلى التمركز فيها رغم الكلفة الإنسانية لذلك.
وقال إن قطر الآن تبحث عن بدائل في ظل عزلتها إلى جانب عزلة الحليف التركي وانحسار دور تنظيم الإخوان، معتبرا أن هذه الزيارات التي وصفها بالكرنفالية لأمير قطر إلى أفريقيا هي نوع مما وصفه بـ"تبديد أموال الشعب القطري الذي عانى ويلات القهر والظلم في بلده وتحت بطش نظام سلطوي قائم على الغدر والتآمر والخداع".
ثالوث الشر القطري
الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني أحمد ولد الشاش يرى، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن قطر أصبحت تبحث عن استغلال نفوذ بوسائلها المادية، وباستخدام ما وصفها بـ"الوسائل غير المباحة من إثارة النعرات وسفك الدماء واستغلال المارقين عن جادة الطريق".
وأوضح ولد الشاش أن الدوحة لعبت هذا الدور التدميري في المنطقة العربية، وبدأته بشق الصف الفلسطيني، ثم أدعمته بتأليب الانفصاليين في كل قطر عربي ضد بعضهم.
أموال قطر تدعم الإرهاب
وأشار الكاتب ولد الشاش إلى أن قطع موريتانيا علاقاتها الدبلوماسية مع قطر يعود لأسباب من أهمها دعم وتجييش الساحة عبر التعاون مع الأطياف الأكثر تطرفا بما في ذلك الأشخاص الذين يبدون مواقف معارضة لا رغبة في الإصلاح وإنما لنزوات فردية تغذيها الانتفاعية والمصالح الشخصية".
واعتبر أن المحور السياسي المشكل مما وصفه بـ"ثالوث الشر" الذي تديره قطر وتركيا وإسرائيل، وتستخدم له بيادق محلية مشكّلة من لفيف من حركة الإخوان الإرهابية ومن حالفهم من الانتهازيين" على حد تعبيره.
وكشف ولد الشاش أن هذا العمل التصعيدي الذي يقوم به "الثالوث"، امتد أفقيا في المنطقة ويحاول الضغط على موريتانيا عن طريق جماعات مدعومة من قطر، تمثل ما يسمى بإخوان السنغال الذين أصبحوا يتحالفون مع الحركات العرقية والعنصرية في موريتانيا.
أما في جمهورية مالي، يضيف ولد الشاش "هناك نجد الدعم القطري الواضح لخلايا الإرهاب التي تدعي الجهاد محولة المنطقة إلى ساحة دائمة التوتر، بجماعات تعيش في البراري، وتتخذ الجبال مأوى وملاذا لها".
وربط ولد الشاش بين الدور "التخريبي" لقطر في المنطقة وما يجري في ليبيا حاليا، معتبرا أن الأزمة التي تعيشها طرابلس وإدامة الصراع المسلح فيها، تقف خلفها كل من قطر وتركيا عبر إمداد الحركات والمليشيات المسلحة بالمال والسلاح لإطالة أمد المأساة، مبينا أن "القذائف في طرابلس والضحايا في صفوف المدنيين، لكن الصراخ في قطر وتركيا" في إشارة إلى بوادر هزيمة الإرهاب في ليبيا.
الحمدين يبحث عن موطئ قدم
ويأتي ظهور الإرهابي الموريتاني المصطفى ولد الإمام الشافعي في طليعة مستقبلي أمير قطر برواندا في وقت تستعد فيه نواكشوط لانتخابات رئاسية يوم 22 يونيو/حزيران المقبل.
وقبل أسابيع، حذّر عدد من المسؤولين والكُتّاب في موريتانيا من خطر استغلال تنظيمي الإخوان و"داعش" الإرهابيين المدعومين من قطر وتركيا لانتخابات الرئاسة، لتحقيق أهدافهما بزعزعة أمن واستقرار البلاد وجعلها معقلا للإرهابيين بعد هزيمتهما في سوريا والعراق.
ويكثف تنظيم الحمدين من محاولاته لوضع موطئ قدم له في المنطقة لخدمة أيديولوجيته السياسية ومليشياته، وذلك بعد مقاطعة موريتانيا للدوحة عام 2017.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن قطر سعت إلى اختراق مؤسسات الدولة الموريتانية لتنفيذ انقلاب على نظام الرئيس محمد ولد عبدالعزيز سنة 2012 إبان ما عرف بثورات الربيع العربي لصالح حلفائها من أصحاب الأجندات المرتبطة بالإسلام السياسي، قبل أن تصدم نواكشوط سفير الدوحة حينها في البلاد بالأدلة والبراهين التي تدين دعم الدوحة للشبكات الإرهابية المسلحة في المنطقة، مما أوقع، بسحب المحللين، في تلك الفترة الدوحة في ورطة وجعلها تفشل في مخططها ضد الأمن القومي الموريتاني.
aXA6IDE4LjE5MS45Ny4yMjkg جزيرة ام اند امز