في انتخابات أفسدها تأخير إعلان النتائج وهجمات مسلحين، ووسط مستقبل سياسي مأزوم، أعلن نواز شريف وعمران خان، رئيسا الوزراء السابقان في باكستان، الجمعة فوزهما بالاستحقاق الديمقراطي.
وفاز حزب شريف بأكبر عدد من المقاعد لحزب واحد في الانتخابات التي أجريت يوم الخميس، بينما فاز أنصار خان المسجون حاليا بأكبر عدد من المقاعد إجمالا، بعد أن دخلوا الانتخابات كمرشحين مستقلين بدلا من ترشحهم في تكتل واحد بسبب حظر حزب خان من دخول الانتخابات.
وقال شريف أمام داعميه المحتشدين أمام منزله في مدينة لاهور شرق البلاد: «الرابطة الإسلامية الباكستانية هو الحزب الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات بعد الانتخابات وواجبنا أن نخرج هذا البلد من الدوامة».
جاء إعلان شريف إثر فرز نتائج أكثر من ثلاثة أرباع المقاعد البالغ عددها 265 مقعدا، بعد أكثر من 24 ساعة من نهاية الاقتراع الذي سقط خلاله 28 قتيلا جراء هجمات مسلحين.
وحصل حزب شريف على 69 مقعدا، في حين حصل حزب الشعب الباكستاني بقيادة بيلاوال بوتو زرداري، نجل رئيسة الوزراء التي اغتيلت بينظير بوتو، على 51 مقعدا.
وقال شريف إن حزبه، حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح نواز شريف، سيجري محادثات مع أحزاب سياسية أخرى عن تشكيل حكومة ائتلافية بعد أن فشل في الفوز بأغلبية واضحة بمفرده.
وتوقع محللون ألا يتمكن أي طرف من الحصول على أغلبية واضحة، مما قد يزيد من مشاكل الدولة التي تكافح للتعافي من أزمة اقتصادية بينما تواجه عنفا متزايدا من متطرفين في بيئة سياسية شديدة الاستقطاب.
وقال شريف أمام داعميه المحتشدين أمام منزله في مدينة لاهور شرق البلاد "الرابطة الإسلامية الباكستانية هو الحزب الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات اليوم بعد الانتخابات وواجبنا أن نخرج هذا البلد من الدوامة".
فمن هو نواز شريف؟
ولد نواز شريف عام 1949 لعائلة صناعيين شهيرة في لاهور. ورغم أنه يعرف بكفاءته الإدارية العالية أكثر من قدراته السياسية، فإنه دخل معترك السياسة في الانتخابات المحلية.
كان بداياته السياسية في السنوات الأولى لحكم ضياء الحق، بتعيينه وزيرا للمالية في إقليم بنجاب، ثم رئيس وزراء الإقليم من 1985 إلى 1990.
وفي عام 1990، تولى منصب رئيس الوزراء، إلا أنه بعد 3 سنوات من الحكم (1993)، أبعد عن المنصب، ليفسح المجال لحكومة بينظير بوتو.
وبعد 4 سنوات وتحديدًا في عام 1997، عاد إلى رئاسة الوزراء مرة أخرى بأغلبية برلمانية، أعطته الفرصة لبسط سيطرته على مختلف مؤسسات البلاد باستثناء الجيش.
سجن ثم نفي بعد الانقلاب العسكري عام 1999، لكنه ترقب الفرصة السانحة وعاد للمعارضة عام 2008، وفاز بالانتخابات البرلمانية عام 2013.
ويعد شريف من أبرز السياسيين الباكستانيين في الثلاثين عاما الأخيرة، وتعرض مثل العديد من السياسيين في البلاد إلى تهم الفساد خلال فترة حكمه.
ويتزعم حزب الرابطة الإسلامية، كما يملك مجمع اتفاق الصناعي المتخصص في الحديد، ويعد من أكثر الصناعيين الباكستانيين ثراء، ويعرف بقربه من الحاكم العسكري السابق، الجنرال ضياء الحق، الذي حكم البلاد من 1977 إلى 1988.
ويرتبط اسمه أكثر في الخارج بأنه الرجل الذي أمر بإجراء تجارب باكستان النووية الأولى عام 1998. وانتقد شريف في السنوات الأخيرة سياسة الولايات المتحدة في أفغانستان وباكستان. كما دأب على نفي تسامحه مع المتشددين.
ويستغل شريف خبرته ونجاحه في إدارة أعماله الخاصة في إصلاح اقتصاد البلاد وتشجيع الاستثمار، وحل مشاكل البلاد المستعصية مثل الأزمة الأمنية وانتشار الفساد بشكل واسع، وانقطاع الكهرباء المتكرر.
وشريف هو مؤسس حزب «رابطة مسلمي باكستان - جناح نواز»، وكان يقضي حكما بالحبس لإدانته بالفساد عندما غادر البلاد في العام 2018 لتلقي رعاية طبية في بريطانيا، وقد تجاهل أوامر قضائية عدة بالعودة إلى البلاد.
كان شريف قد عُزل من منصبه بتهمة الفساد في عام 2017 من قبل المحكمة العليا، بعد الكشف عن عقارات فاخرة تملكها عائلته عبر شركات قابضة خارجية.
ومنعته المحكمة العليا نفسها من شغل أيّ منصب سياسي مدى الحياة. غير أنّه نفى أن يكون ارتكب أيّ مخالفات، مندّداً بمؤامرة من قبل الجيش تهدف إلى تسهيل فوز عمران خان في الانتخابات. وقد أصبح خان بعد ذلك رئيساً للوزراء.
وبعد إدانته في ديسمبر/كانون الأول 2018، سُجن نواز شريف لمدّة 10 أشهر. ثمّ أُطلق سراحه لأسباب طبية وسُمح له بالسفر إلى لندن لعدّة أسابيع لتلقّي العلاج.
وانضم حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح نواز» إلى منافسه القديم "حزب الشعب الباكستاني" التابع لعائلة بوتو، الذي يهيمن أيضاً على السياسة الباكستانية منذ عقود، للإطاحة بخان من خلال مذكرة حجب الثقة في أبريل/نيسان 2022.
ونجح الحزب في إيصال شقيق نواز، شهباز شريف، إلى السلطة، فأشرفت حكومته على تعديلات قانونية، شملت تحديد الفترة التي يمكن خلالها تجريد النواب من أهلية خوض الانتخابات بخمس سنوات، تمهيدا لعودة شقيقه.
وشهدت فترة حكم شقيقه القصيرة تضخّما جامحا وشحا في احتياطي العملات الأجنبية، ما دفع البلاد إلى شفير تخلف عن السداد، وأثر على مصداقية الحزب.