نيجيرفان بارزاني "الرجل الأول" الجديد لإقليم كردستان
رئيس وزراء كردستان يواجه مهمة صعبة بعد انهيار طموح الأكراد في إقامة دولة لهم، وفقد الإقليم بعضا من مكاسبه السابقة
أفل نجم مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان مع عدم قدرته على تطبيق نتائج استفتاء انفصال الإقليم عن العراق، وصعد بدلاً منه نجم ابن أخيه نيجيرفان وسط غموض مستقبل صلاحيات الإقليم.
ونيجيرفان بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان زادت مهام منصبه بعد إعلان عمه ترك منصب رئيس كردستان؛ وتصديق برلمان الإقليم على قانون يسري بداية من الشهر الجاري يحيل سلطات رئيس الإقليم إلى الحكومة والقضاء والبرلمان، وذلك لحين إجراء انتخابات جديدة منتصف العام المقبل.
قال عنه هوشيار زيباري، وزير الخارجية السابق للعراق والمنتمي للأكراد، إن "رئيس الوزراء سيصبح الشخصية الرئيسية خلال هذه الفترة الانتقالية".
وبالرغم من أزمة استفتاء انفصال الإقليم عن العراق تسببت في فقد عائلة بارزاني والإقليم عموماً نفوذاً اقتصادياً وسياسياً تمتعوا به بشكل غير مسبوق قبل الاستفتاء، إلا أن الأزمة ذاتها أفسحت الطريق أمام نيجيرفان (51 عاماً) لخلافة عمه بارزاني بدلاً من أبناء الأخير الذين تلاحقهم اتهامات فساد، وأصابهم الضرر من تراجع شعبية والدهم بعد فشله في تطبيق نتائج الاستفتاء.
ونيجيرفان رئيساً لحكومة الإقليم منذ يونيو/حزيران 2014، ولد عام 1966 في قرية بارزان الجبلية التي أخذت منها عائلته لقباها، وهو حفيد الزعيم الكردي الراحل مصطفى بارزاني مؤسسة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وابن إدريس بارزاني الذي واصل مسيرة والده في بناء الحزب.
وقضى نيجيرفان جزءاً من حياته في إيران حين استقبلت الأخيرة عائلته ضمن آلاف الكرد عام 1975 كلاجئين في إطار الصراع الإيراني مع العراق.
واقتداء بمسيرة والده وجده انخرط نيجيرفان كناشط سياسي في صفوف ما يصفها الأكراد بالحركة التحررية، وهدفها فصل الإقليم عن العراق، ضمن طموح الأكراد بإقامة وطن قومي لهم.
ورغم صغر سنه لكنه تقدم بسرعة في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتم ترشيحه في المؤتمر العاشر عام 1989 لعضوية المكتب السياسي للحزب، وهو المنصب الذي حافظ عليه في المؤتمرات اللاحقة.
وتقدم بسرعة في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني، حيث تم ترشيحه في المؤتمر العاشر عام 1989 لعضوية المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني حين كان عمره 23 عاماً، وتم إعادة ترشيحه في المؤتمرات اللاحقة للحزب.
وفي عام 1996 وهو يبلغ من العمر 30 عاماً شغل منصب نائب رئيس الوزراء في حكومة إقليم كردستان التي تشكلت بعد حصول الإقليم على الحكم الذاتي في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وفي عام 1999 تم تكليفه لأول مرة رئيساً للوزراء، وهو المنصب الذي تولاه عدة مرات بعد ذلك.
له دور حيوي في إدارة ملفات اقتصادية وسياسية أسهمت في تعزيز ابتعاد إقليم كردستان عن الحكومة الاتحادية في بغداد، خاصة في إحكام سيطرة الإقليم على قطاع النفط والغاز، وتعزيز العلاقات مع تركيا.
ومتوقع أن علاقاته الطيبة لحد كبير مع تركيا قد تساعده في تخفيف التوتر الذي ساد الإقليم بسبب التهديدات التركية والإيرانية السابقة لأربيل، إثر إجرائها استفتاء الانفصال عن العراق.
وكان نيجيرفان وصف العلاقة مع تركيا في سبتمبر/أيلول الماضي بقوله: "نحن بدأنا بعلاقات جيدة مع تركيا منذ عام 1991، وتركيا ساعدتنا في الأيام الصعبة ونشكر تركيا دائماً على مساعداتها ومساندتها للإقليم، وقد أثبتنا لتركيا خلال 25 عاماً أننا لم نكن عامل تهديد لأمنها ولأمن أي دولة مجاورة".
وبجانب مساعيه للحفاظ على علاقات طيبة مع تركيا، فإن نيجيرفان نشط جداً في تنظيم لقاءات مع سفراء الدول الممثلة في الإقليم لحشد تأييد دولي لمواقفه.
كذلك يرتبط نيجيرفان بعلاقات طيبة مع إيران، بالرغم من اللهجة العدائية التي بدت من طهران تجاه الإقليم في ذروة أزمة الاستفتاء، ولكنها تبدو أزمة عابرة في تاريخ العلاقات بين البلدين، والتي كشف عنها مسعود بارزاني في وقت سابق حين قال إن إيران كانت أول من قدم السلاح للمقاتلين الأكراد في إقليم كردستان لصد داعش عام 2014.
لين من بعد شدة
ومواقف نيجيرفان لم تختلف كثيراً عن مواقف عمه مسعود بارزاني فيما يخص علاقة الإقليم مع بغداد.
فقد كان داعماً لموقف عمه في الإصرار على إجراء استفتاء الانفصال رغم الضغوط العراقية والدولية، والذي تم بالفعل في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، وانتهى لدعم الأغلبية بالإقليم للانفصال.
كما أنه بعد تشديد اللهجة ضد بغداد في رفض مطالبها بإلغاء نتيجة الاستفتاء عادت لهجته للين قليلاً- مثل مسعود أيضاً- بعد الضغوط المحلية والدولية، عارضاً الحوار مع بغداد وتسليم مقرات الحكم والنفط شرط تخصيص نسبة 17% من الموازنة العراقية العامة للإقليم.
وفي ذلك عبّر عن أسفه من أن الحكومة العراقية خفضت حصة الإقليم من 17% إلى 12,6% بعد إجراء الاستفتاء.
كما انتقد أن مشروع الميزانية العراقية وصف كردستان كمحافظة وليس كإقليم.
وبذلك فإن نيجيرفان يتولى مهمة صعبة تتعلق بطبيعة العلاقة المستقبلية مع بغداد، والأهم مع الأكراد أنفسهم، خاصة بعد انهيار طموح الكثير من الأكراد بانفصالهم عن العراق، بل وخسارة الإقليم للكثير من مكاسب الحكم الذاتي، وهو الطموح الذي شارك نيجيرفان في تغذيته مع عائلته والحزب الديمقراطي الكردستاني، إضافة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني المنافس في مرحلة سابقة.