نتنياهو بين سندان الداخل ومطرقة الخارج.. الائتلاف على «حافة الانهيار»
سلسلة من المواجهات والانقسامات والإنذارات، دفعت حكومة الطوارئ التي شكلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى حافة الانهيار.
فبعد مرور ثمانية أشهر على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، وسط انقسامات تعصف بالمشهد السياسي في تل أبيب، يرى مراقبون أن كل ذلك قد يؤدي إلى انتخابات جديدة، وفق تحليل طالعته "العين الإخبارية" في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
داخل إسرائيل، يتعرض نتنياهو المحاصر لضغوط متزايدة لإعادة الرهائن المتبقين إلى بلادهم، وتمردات من قبل الحلفاء والمعارضين على حد سواء.
خارج إسرائيل، يواجه أيضا ضغوطا من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس.
وعلاوة على ذلك، يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه محاصرا بتهديدات اليمين المتطرف الذي هدد بإسقاط حكومته إذا وافق على الصفقة التي روّج لها بايدن على أنها اقتراح إسرائيلي.
وهددت الأحزاب الدينية بسحب دعمها من الائتلاف بشأن أحكام المحكمة، المتوقع صدورها خلال أيام، والتي قد تلغي الإعفاء من الخدمة العسكرية الممنوح للشباب اليهود المتشددين منذ فترة طويلة.
كما طالب يوآف غالانت، وزير الدفاع (من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو)، رئيس الوزراء بـ"الالتزام علنا بتجنب احتلال غزة إلى أجل غير مسمى".
التحدي الأكبر
لكن التحدي الأكثر إلحاحا يأتي من بيني غانتس، زعيم المعارضة الذي يعد، إلى جانب نتنياهو وغالانت، أحد الأعضاء الثلاثة الذين لهم حق التصويت في حكومة الحرب.
وأمهل غانتس نتنياهو حتى يوم السبت المقبل، للخروج بخطة استراتيجية طويلة المدى لغزة أو يقول إنه سيتنحى عن حكومة الحرب ويسحب حزبه من الحكومة.
ورغم أن رحيل غانتس، المنافس السياسي الرئيسي لنتنياهو، لن يؤدي إلى إسقاط الحكومة نفسها، إلا أن محللين سياسيين يتساءلون إلى متى سيتمكن نتنياهو من الحفاظ على كل شيء معا؟
يقول غايل تالشير، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية: “لقد بدأت كرة الثلج تتدحرج”.
مضيفا “خطوة غانتس لن تضع حدا مباشرا لهذا الائتلاف، لكن الائتلاف بدأ ينهار على نفسه”.
ويضم الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) 120 مقعدا، يسيطر ائتلاف نتنياهو على أغلبية مريحة بواقع 64 مقعدا، في حين يحظى تحالف غانتس بثمانية مقاعد فقط.
وتشكيل حكومة في إسرائيل يلزمه الحصول على تأييد 61 نائبا على الأقل.
لا نية للتنحي.. وانتظار انتخابات أمريكا
والجمعة الماضية، بدأت الضغوط على نتنياهو تتصاعد أكثر، بعد أن أعلن بايدن عن اقتراح قدمه مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي مؤخرًا لوقف القتال في طقاع غزة، لمدة ستة أسابيع وتبادل الرهائن مع الأسرى الفلسطينيين، والذي يهدف إلى تمهيد الطريق لإنهاء الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
لكن نتنياهو سعى إلى النأي بنفسه عن الاقتراح، وكان شركاؤه من اليمين المتطرف واضحين بشكل لا لبس فيه في أنهم إذا تم التوصل إلى اتفاق، فسوف يحاولون إسقاط ائتلافه.
وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريش، أمس الإثنين، إنه إذا قبلت الحكومة “عرض الاستسلام هذا، فلن نكون جزءا منه، وسنعمل على استبدال القيادة الفاشلة بقيادة جديدة”.
كذلك أبدى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وهو شريك أيضا في ائتلاف نتنياهو ، استعداده لـ”تفكيك الحكومة”.
ووفق مقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي، يأمل الأخير في تأخير أي انفصال لأطول فترة ممكنة، خوفا من أن يؤدي الغضب الشعبي بسبب فشله في منع هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، الذي شنته حماس، وإطلاق سراح المزيد من الرهائن إلى محو الانتخابات.
ويشير البعض إلى أن رئيس الوزراء يريد الاستمرار في منصبه حتى الانتخابات الأمريكية، المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، على أمل أن يحل الرئيس السابق دونالد ترامب محل بايدن في البيت الأبيض.
لكن رئيس الوزراء يشعر بالارتياح إزاء تسارع وتيرة التطورات السياسية ومستعد للاستفادة القصوى من الظروف، وفقا لمسؤول إسرائيلي تحدث للصحيفة الأمريكية، بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة المداولات الداخلية.
وقال المسؤول إنه "ليس لدى نتنياهو أي نية للتنحي، وإذا جرت انتخابات، فسوف يقوم بحملته على نفس المواضيع اليمينية التي جعلت منه الزعيم الأطول خدمة في إسرائيل".
وأضاف "قد لا يتفوق في الاستراتيجية العسكرية، لكنه يتفوق في المناورة السياسية".
استطلاعات عكس التيار
وبعد تأخره في استطلاعات الرأي لعدة أشهر، تقدم نتنياهو بفارق ضئيل على غانتس في استطلاع حديث حول تفضيل الإسرائيليين لمنصب رئيس الوزراء، على الرغم من أن أيا من السياسيين لم يحصل على أكثر من 36%، وما زال "بيبي" لا يحظى بشعبية على نطاق واسع.
وبالاستشهاد بهذه الأرقام المحسنة في استطلاعات الرأي، يشكك المسؤولون الأمريكيون بشدة في أن الإنذار النهائي الذي وجهه غانتس وحده سيؤدي إلى رضوخ رئيس الوزراء لمطالبه.
وبغض النظر عن ذلك، يأخذ المسؤولون تهديد غانتس بالخروج من حكومة الحرب على محمل الجد، ويتوقعون أن يؤدي ذلك إلى جعل ديناميكياتها المنقسمة أكثر صعوبة.
وفي ظل أحد السيناريوهات، يمكن أن يُترك نتنياهو ليحكم مع ائتلافه من الوزراء المحافظين، مما يؤدي إلى ميل عملية صنع القرار نحو اليمين.
من جهته، يعتبر مستشار الأمن القومي السابق لنتنياهو، ياكوف عميدرور، أن حكومة الحرب حققت إجماعا إلى حد كبير على القضايا الرئيسية، بما في ذلك الهجوم الإسرائيلي الأخير على مدينة رفح جنوب غزة.
واعتبر أن إنذار غانتس لن يكون له أي تأثير على مواصلة الحرب.
وأضاف عميدرور: "سيقومون بتعيين حكومة حرب أخرى". "ما يفعله لا يتعلق بالحرب، بل يتعلق بالسياسة".
لكن محللين إسرائيليين يرون أن خطوة غانتس قد تدفع منافسي نتنياهو الآخرين داخل حزبه إلى السعي للحصول على السلطة.
وقد تآكل الدعم الأساسي لرئيس الوزراء، وفقا لاستطلاع أجرته الجامعة العبرية صدر هذا الشهر، وأظهر أن 17% من ناخبي الليكود مستعدون لحجب أصواتهم إذا قاد نتنياهو الحزب في انتخابات جديدة.
aXA6IDMuMTQ1Ljk3LjIzNSA= جزيرة ام اند امز