مصدر سوداني يكشف لـ«العين الإخبارية» مهام «البراء بن مالك» الإخواني

كشف مصدر أمني في السودان، الكثير من الخفايا وفكك الألغاز التي تدور حول طبيعة المهام العسكرية لـ"لواء البراء بن مالك" الإخواني.
وهذا اللواء هو الذراع العسكرية لتنظيم الإخوان الإرهابي، ويقاتل إلى جانب الجيش السوداني.
وقال المصدر الأمني لـ"العين الإخبارية" إن لواء "البراء بن مالك" يشكّل الآن معضلة حقيقية لكثير من كبار الضباط في الجيش السوداني "بسبب التطور السريع لهذا الفصيل العسكري، الذي استفاد من ظروف الفوضى الأمنية الحالية في السودان، وخرج عن سيطرة القيادة المركزية للجيش السوداني، وأضحى لاعبًا مؤثرًا في طبيعة القرارات العسكرية الخاصة بيوميات الحرب في السودان، ومستقبلها وتداعياتها".
البداية
وطبقًا لتقارير صحفية متعددة، فإن "البراء بن مالك" هو في الأصل إحدى كتائب ما يُعرف بـ"الدفاع الشعبي" التي أنشأتها الحركة الإسلامية في السودان خلال حقبة التسعينيات في عهد الرئيس السابق عمر البشير، لمساعدة الجيش السوداني في حربه الموسومة بـ"الجهادية" في أدبيات الإخوان في السودان، ضد الحركة الشعبية في جنوب البلاد.
إلا أن كتيبة البراء بن مالك التي حافظت على وجودها بعيدًا عن الأضواء طيلة حكم الرئيس السابق عمر البشير، عادت مجددًا إلى الساحة السودانية عقب اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023.
وأعلن اللواء انحيازه للجيش السوداني في الحرب ضد قوات الدعم السريع، وسرعان ما طغى ظهوره في ساحة المعارك بقيادة شاب سوداني يُدعى المصباح أبوزيد طلحة، تقول التقارير الصحفية إنه جاء خلفًا لرئيس حزب المؤتمر الوطني في ولاية الخرطوم، أنس عمر، الذي اعتقلته قوات الدعم السريع في الأيام الأولى لاشتعال الحرب في السودان.
وعُرف أنس عمر في الأوساط السودانية بتطرفه الشديد في الانتماء إلى التنظيم الإخواني، فضلًا عن مغالاته في عداء القوى المدنية السياسية التي قادت الثورة السودانية ضد نظام الإخوان في أبريل/نيسان 2019.
طبيعة المهام العسكرية
وكشف المصدر الأمني الذي تحدث لـ"العين الإخبارية" عن طبيعة المهام العسكرية التي يهدف لها التنظيم الإخواني عبر إشراك "البراء بن مالك" ضمن القوات التي تتحالف مع الجيش السوداني في حربه ضد قوات الدعم السريع.
وقال إن "كبار القيادات في الحركة الإسلامية السودانية خططوا منذ الوهلة الأولى لاشتعال الحرب في السودان للسيطرة على قرارات القيادة المركزية للجيش السوداني، خوفًا من أي تنازلات محتملة تقدمها قيادات الجيش السوداني الحالية، بسبب الضغوط المحلية والإقليمية والدولية الداعية إلى إيقاف الحرب عبر عملية سياسية تفاوضية تقود إلى حكم مدني يمكن أن يعيد حكومة الثورة السودانية إلى المشهد من جديد".
وأضاف أن لواء البراء بن مالك "استفاد من شبكة العلاقات الكبيرة التي تديرها قيادات عسكرية ومدنية رفيعة في صفوف التنظيم الإخواني في السودان، وهي التي أغدقت على اللواء أموال التبرعات، وقامت بتسهيل عمليات حصوله على الأسلحة النوعية، سواء المملوكة لجهاز الأمن والمخابرات السوداني، أو أخذ نصيبه العيني من أي عمليات شراء للسلاح تقوم بها منظومة الصناعات الدفاعية المملوكة للجيش السوداني، بطرق غير مشروعة".
وتابع قائلا: "تمكّن البراء بن مالك في فترة وجيزة من تجنيد آلاف المقاتلين الجدد إلى صفوفه، مستغلًا الحملات الدعائية الخاصة بضرورة الاستنفار الشعبي لمساندة الجيش السوداني عبر ما يُعرف بـ"المقاومة الشعبية"، وهو ما جعله فصيلًا مؤثرًا في قرار المعارك الحربية الخاص بالجيش، خصوصًا بعد مشاركة عسكرية كبيرة قدمها في حماية سلاح المدرعات الخاص بالجيش السوداني في منطقة الشجرة جنوبي الخرطوم، خلال معارك شرسة مع الدعم السريع في أغسطس/آب 2023".
ولخّص المصدر الأمني طبيعة المهام العسكرية للواء البراء بن مالك، الذي تحوّل إلى "فيلق"، بأنها تنحصر في "قطع الطريق أمام قيادة الجيش السوداني الحالية في الدخول في أي تفاهمات تعيد قوى الثورة السودانية إلى مشهد الحكم مجددًا، فضلًا عن منع قيادات الجيش السوداني من ترسيم أي خارطة علاقات دولية بمعزل عن توجهات التنظيم الإخواني في السودان".
عين على كوريا الشمالية
ومع التطور النوعي الذي تشهده الحرب في السودان، بدخول سلاح المسيّرات الاستراتيجية وتقنية المضادات الدفاعية الأرضية، برز "البراء بن مالك" في المشهد الجديد كأحد القوات المتحالفة مع الجيش السوداني التي ترفض مبدأ إيقاف الحرب، مهما كانت نتائجها الكارثية على الدولة السودانية.
ومؤخرًا نقلت صحف محلية سودانية عن مقرّبين من قائد فيلق البراء بن مالك قول الأخير، إنهم كقوة مدعومة من دولة إيران الإسلامية أصبحوا "فيلقًا" بعد أن كانوا كتيبة، وإن قتالهم بجانب الجيش السوداني يأتي "ضمن مشروع الدولة الإسلامية الكبرى".
وأوضح المصباح أبوزيد طلحة أن "لديهم علاقات متينة مع الكتائب الجهادية في العالم الإسلامي، وأنهم ينتظرون الفراغ من معارك السودان للانتقال إلى معارك في المحيط الإسلامي".
تصريحات المصباح وصفها المصدر الأمني السوداني بأنها تأكيد جديد على أن "فيلق البراء بن مالك أضحى الآن الرهان الأخير للتنظيم الإخواني في السودان للإبقاء على خلاياه الإرهابية، ونقل مركز ثقل الإرهاب العالمي إلى السودان".
وأضاف المصدر الأمني أن "هناك إشارات كثيرة تؤكد بأن التنظيم العالمي للإخوان بدأ يفكر جديًا في تقوية نفوذ مثل هذه التشكيلات العسكرية، مستغلًا حالة الضعف التي تنتاب الجيش السوداني، وكذلك البيئة الفوضوية داخل السودان، والتي تسمح بتدفّق السلاح عبر الطرق غير المشروعة".
وضرب المصدر الأمني مثالًا بأن "التنظيم الإخواني هو من يقف وراء فتح جسور التعاون مع كوريا الشمالية من أجل الحصول على الأسلحة النوعية، ما يعني أن البراء بن مالك بات يمد عينيه بعيدًا إلى نصيب معتبر من أي صفقات".
aXA6IDE4LjIyMy4xMTQuMjUxIA== جزيرة ام اند امز