ولاية جديدة للرئيس الصيني.. ماذا تغير خلال عقد وما أبرز التحديات؟
في تصويت احتفالي بقاعة الشعب الكبرى في بكين، أعيد انتخاب شي جين بينغ رئيسا للصين بالإجماع في المؤتمر الوطني لنواب الشعب، بعد سلسلة من النجاحات خلال ولايتين سابقتين في السلطة، فيما اعتبر مراقبون أن هناك تحديات سياسية واقتصادية كبيرة خلال الولاية الثالثة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، حصل شي على تمديدٍ لمدّة خمس سنوات على رأس الحزب الشيوعي الصيني واللجنة العسكريّة، وهما المنصبان الأهم في سلّم السلطة بالبلاد.
ورغم التحديات الكثيرة التي تواجه الصين سواء داخليا مع الأداء الاقتصادي الضعيف أو خارجيا مع تصاعد التوتر مع أمريكا والغرب، إلا أن "شي" عمل خلال 10 سنوات سابقة من حكمه على تقوية نفوذ الصين وتطوير قدرات الجيش ومحاربة الفساد وتحسين الأوضاع الاقتصادية، ما ساهم في تعزيز فرص انتخابه مجددا.
جيش أكثر احترافية
خلال 10 سنوات من حكم "شي" تمكن من بناء أكبر أسطول بحري عالميا وهيكلة أكبر جيش محترف وتطوير ترسانة نووية قادرة على إثارة قلق الأعداء.
ومن المحتمل أن تشهد الولاية الثالثة تسارع في السباق إلى التسلح في منطقة آسيا-المحيط الهادئ في ظل سعي الدول المجاورة للصين إلى اتباع هذا النمط.
وبحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (مقره لندن) فإن نفقات الدفاع بالصين تجاوزت التريليون دولار العام الماضي في منطقة آسيا-المحيط الهادئ.
وقبل تولي شي منصبه كان جيش التحرير الشعبي يعد قديما وغير فعال، حتى إن أحد المؤرخين وصفه بأنه "أكبر متحف عسكري بالعالم"، حيث كان مجهزا بمعدات عسكرية سوفياتية قديمة وينخره الفساد.
وفي عام 2013، بات شي القائد العام للقوات المسلحة، حيث بدأت الإصلاحات، حيث قال المستشار الاستراتيجي ألكسندر نيل في تصريحات سابقة لوكالة فرانس برس: "غير أنه مع وصول شي جين بينغ بدأت هذه الجهود تتحول إلى قدرات".
وفي عهده تضاعفت الموازنة العسكرية الصينية، حيث أعلنت بكين الأحد الماضي أن ميزانيتها العسكرية، الثانية في العالم بعد أمريكا، سترتفع بنسبة 7.2% خلال العام الجاري لتسجل 1.553,7 مليار يوان (225 مليار دولار).
زيادة نفوذ الصين
وعلى الساحة الدولية، دشن "شي" سلسلة من المبادرات الطموحة لتعزيز نفوذ بلاده عالميا كان أبرزها مبادرة "الحزام والطريق" ذات التكلفة الضخمة التي تقدر بمئات مليارات الدولارات، إضافة إلى علاقات واسعة مع دول أفريقيا والشرق الأوسط على حساب الغرب.
كما شرع الرئيس الصيني في توسيع هيمنة بلاده في بحر الصين الجنوبي، إضافة إلى استخدام القوة الاقتصادية للصين لتقوية نفوذها داخل أروقة الأمم المتحدة ضمن ما أُطلق عليه "دبلوماسية الذئب المحارب" التي أثارت قلقا كبيرا لدى واشنطن حتى اعتبرتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في استراتيجيتها للأمن القومي تمثل "التحدي الاستراتيجي الأكبر لأمريكا".
القضاء على الفقر المدقع
مع تولي الرئيس الصيني منصبه في 2013، أعلنت الحكومة استثمار 1.6 تريليون يوان (230 مليار دولار) بين عامي 2013 و2021 لتحسين مستويات المعيشة، عبر بناء المنازل وتعبيد الطرق وتحسين البنية التحتية، كما جرى نقل ملايين الأسر الريفية إلى القرى ذات الفرص الاقتصادية الأفضل.
في 2014، كان هناك 82 مليون صيني يعيشون في فقر مدقع، حسب بيانات البنك الدولي، إلا أنه بحلول عام 2019 أصبح الرقم ستة ملايين فقط. ورغم ذلك حذر شي مؤخرا من أن "مهمة تعزيز وتوسيع إنجازات التخفيف من حدة الفقر لا تزال صعبة".
كما ارتفع متوسط الدخل المتاح لكل أسرة في المناطق الحضرية بمعدل 66% من عام 2013 لـ2020، بحسب الإحصاءات الرسمية، وصعد في الأسر الريفية بـ82% خلال نفس الفترة.
قمع الفساد
بعد توليه منصبه قبل عقد، تعهد الرئيس الصيني باتخاذ إجراءات صارمة ضد "الذباب والنمور" في إشارة لموظفي الخدمة المدنية المحليين والمسؤولين رفيعي المستوى على حد سواء.
ومن موظفي الخدمة المدنية إلى أكبر وزراء الحكومة، وأيضا جنرالات الجيش إلى مديري البنوك، تلقى نحو 11.3 مليون شخص تحذيرات بشأن قضايا الانضباط بين عامي 2012 و2022، بحسب اللجنة المركزية لفحص الانضباط.
كما جرى التحقيق مع 4.7 ملايين شخص لسوء سلوك أكثر خطورة، وتمت معاقبة ما لا يقل عن 1.5 مليون شخص، وكانت أكثر المحاكمات تطرفاً تصل إلى الإعدام.
3 تحديات رئيسية بالولاية الجديدة
ومع انتخاب نواب الحزب الحاكم للرئيس شي جين بينغ رئيسا للصين بالإجماع في ولاية جديدة، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن هناك عدة تحديات تواجه "شي" أبرزها ضمان انتصار بلاده أمام أي صراع محتمل مباشر مع الغرب وهو الذي يراه شي أمرا مرجحا.
وأوضحت الصحيفة أن الرئيس الصيني يعلم ذلك جيدا، ما جعله ينفذ سياسته الصارمة في توسيع الجيش وتعزيز قدراته وتطوير تقنياته ومضاعفة ميزانيته وتقليل الاعتماد على التقنيات الغربية.
كما يعد ملف تايوان شائكا، في ظلّ تكهنات أمريكية بأن شي سيسعى إلى استعادتها أثناء ولايته الثالثة وهو الأمر الذي سيشعل المواجهة إذا ضمتها الصين بالفعل.
وأشارت إلى أن شي بات حاليا القائد الأقوى في الصين من خلال حملة مكافحة الفساد التي أكسبته تأييد واسعا داخليا وأبعدت المعارضين، وقللت التحديات المحتملة لسلطته.
ويتعرض الرئيس شي لضغوط لتقديم بعض الوصفات الجديدة لثاني أكبر اقتصاد في العالم، الذي يواجه نموا بمعدل أبطأ من بقية آسيا للمرة الأولى منذ أكثر من 30 عامًا، وفق البنك الدولي.
وخلال الأشهر الأخيرة، عانت الصين من تباطؤ النمو الاقتصادي، إذ انخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال النصف الأول من 2022 إلى 2.5%، أي أقل من نسبة 5.5% التي كانت الحكومة الصينية ترغب في تحقيقها، بعد أشهر شهدت إغلاقات وقيودا صارمة بسبب وباء كورونا خاصة في شنغهاي، المركز الاقتصادي الأكبر في الصين، فضلا عن تجاوز نسبة بطالة الشباب عتبة 19.9٪ في يوليو/تموز الماضي وهي تعد الأعلى في البلاد منذ 2018.
aXA6IDE4LjExOC4xNTQuMjM3IA== جزيرة ام اند امز