انقلاب النيجر ونقطة "اللاعودة".. سيناريو مالي وبوركينا فاسو الأقرب
يسود الغموض مسار الأحداث في دولة النيجر، بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المدني محمد بازوم قبل أيام.
لكن خبراء ومراقبين يرون أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء في هذا البلد الأفريقي وسينفذ القادة العسكريون مخططهم بالاستيلاء على السلطة رغم الضغوط الدولية، على غرار ما حدث في دولتي مالي وبوركينا فاسو.
كما أن التدخل العسكري من فرنسا ومجموعة إيكواس مستبعد، كونه يلقى معارضة من دول الجوار، نظرا لما سيجره على المنطقة من مخاطر، ناهيك عن نفي باريس نيتها القيام بهذه الخطوة.
وتسارعت الأحداث في النيجر منذ الأربعاء الماضي، تاريخ إعلان الإطاحة بالرئيس بازوم، من قبل قائد الحرس الرئاسي عبدالرحمن تشياني بشكل مفاجئ.
سيناريو مالي وبوركينا فاسو
وتوالت ردود الفعل الدولية المنددة بالانقلاب، وسط دعوات إلى عودة المسار الدستوري، حيث كان الموقف الأكثر تشددا من مجموعة غرب أفريقيا – إيكواس- والتي تضم النيجر، والمدعومة أيضا من فرنسا.
وطالبت المجموعة بـ "الإفراج الفوري" عن الرئيس و"العودة الكاملة إلى النظام الدستوري في جمهورية النيجر"، وحذّرت من أنه في حال "عدم تلبية المطالب ضمن مهلة أسبوع"، ستقوم "باتخاذ كل الإجراءات الضرورية، وهذه الإجراءات قد تشمل استخدام القوة" في إشارة إلى التدخل العسكري.
كما قررت المنظمة "تعليق جميع المبادلات التجارية والمالية" بين الدول الأعضاء والنيجر، وفرضت عقوبات مالية أخرى منها "تجميد أصول المسؤولين العسكريين المتورطين في الانقلاب".
ولاقت مواقف المجموعة دعما فرنسيا، وسط اتهامات لباريس من قبل المجلس العسكري في نيامي بالتحضير لتدخل عسكري في النيجر، وهو ما نفاه الإليزيه.
وسار النظامان الحاكمان في مالي وبوركينافاسو عكس تيار دول مجموعة إيكواس، وحذرا من أن أي تدخل عسكري في النيجر يعد بمثابة إعلان حرب عليهما، وأنه سيجر كوارث على المنطقة.
كما شهدت النيجر مظاهرات داعمة للمجلس العسكري الجديد، كان البارز فيها شعارات مناهضة لفرنسا، وصلت حد محاولة اقتحام السفارة واستبدال العلم بآخر لروسيا، وهي تطورات تشبه إلى حد كبير ما حدث في الدولتين الجارتين مالي وبوركينافاسو عامي 2020 و2022 تواليا، في سياق ما سمي موجة جديدة رفض النفوذ الفرنسي في القارة الأفريقية.
القطيعة مع فرنسا
وحول مآلات هذا الوضع في النيجر، يقول المحلل السياسي التشادي عيسى جبرين لـ"العين الإخبارية"، إنه لا يعتقد "أن الجيش سيتراجع عن موقفه من الرئيس محمد بازوم ، لأنه وصل الآن إلى نقطة اللاعودة".
وبحسب جبرين "هناك مؤشرات كثيرة تدل على ذلك، منها قيام الفرنسيين بإرسال أو مطالبة الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي بالتوجه إلى نيامي للقاء قادة الانقلاب وكذلك الرئيس محمد بازوم والرئيس السابق محمد إيسوفو".
ويضيف أن "وضع محمد ايسوفو وهو رجل فرنسا لسنوات في النيجر تحت إقامة جبرية ومنعه من التحرك دليل آخر على وصول الأمور إلى نقطة اللاعودة".
وأشار جبرين إلى أن " ايسوفو هو مهندس كل ما يحدث في النيجر منذ 13 عامًا، ووضعه تحت المراقبة يعني أن دور فرنسا في النيجر قد انتهى".
التدخل العسكري مستبعد
وتابع: وبالنسبة لخيار التدخل العسكري من قبل مجموعة إكواس وحتى فرنسا فستكون له عواقب وخيمة على دول الجوار، وستعارضه الجزائر التي لديها الحدود البرية طويلة مع النيجر "قرابة 1000 كلم".
وأوضح "لا أعتقد أيضا أن المجتمع الدولي، وخاصة الدول التي تخوض حربا ضد الإرهاب، مثل الولايات المتحدة، ستقبل التدخل العسكري المباشر لفرنسا، وبالنسبة للمجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا، لا أعتقد أن لديها القوة العسكرية الكافية للتدخل، فضلا عن أن بعض دولها لديها الحدود الطويلة مع النيجر وستتأثر كثيرا بتداعيات أية مواجهة عسكرية".
ويخلص هذا المحلل السياسي إلى أن "الانقلاب سيتواصل وستطبق بعض العقوبات، والوضع يسير كما حدث من سيناريو في مالي وبوركينا فاسو سابقا، وأعتقد أن الروس سيأتون إلى النيجر عما قريب، والأمور ستسير ضد فرنسا، ولا أعتقد أن هذه آخر دولة فرانكفونية ستخسرها باريس، وهذه الموجة ستتواصل مستقبلا إلى أن تصحو فرنسا والدول الغربية الأخرى من سياساتها المنتهجة في القارة الأفريقية وتبدأ مقاربات مختلفة تجاه الوضع في أفريقيا".