حدود الدم الكردية.. نينوى الآن ولما لا؟
نجاح الأكراد في محافظة نينوى بعد تحرير الموصل سيعزز المشاريع الاستقلالية الكردية.
يناور الأكراد في المساحة الهشة لتناقضات الإقليم؛ ضد داعش بدعم وغطاء دوليين، في مواجهة انزعاج إيراني مؤجل، وفرصة لكسر عناد الأتراك المستنفرين، في ضوء هذه المعطيات يرسم المراقبون ملامح المشهد العراقي بعد شهر من بدء معركة تحرير الموصل من داعش.
منذ بدء معركة الموصل، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدا واضحا للمراقبين أن إعصارا جديدا في ضوء التشكل بفعل الفراغ الذي يخلفه خروج أبناء الخليفة المزعوم من عاصمة السراب.
أول نذر الإعصار تجلى في تصريحات رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني يوم الأربعاء الماضي، حينما أعلن أن قوات البيشمركة الكردية لن تنسحب من المناطق التي حررتها من داعش منذ بدء عملية تحرير الموصل، وذلك حسب اتفاق مع الحكومة العراقية والولايات المتحدة.
ويرى المراقب السياسي العراقي، علي الكليدار، أنه يجب التعامل مع هذا التصريح بالجدية الواجبة، قائلا لـ"العين": إن "خطر التمدد الكردي قائم بالفعل.. لقد ابتكروا نظرية جديدة، الأرض التي نحررها تصير ملكنا.. عينهم الآن على محافظة نينوى وأجزاء من ديالا وصلاح الدين حتى.. أخشى من أننا أمام مستقبل مظلم للعراق".
- التحالف الدولي لا يدعم الهجوم التركي على "الباب السورية"
- القوات العراقية على أعتاب مطاري "الموصل" و"تلعفر"
مخاوف الكليدار يعززها تصريح برزاني المتحدي. وتحدث رئيس إقليم كردستان العراق في بلدة بعشيقة التي حررتها قوات البيشمركة مطلع هذا الشهر محذرا منظمات حقوق الإنسان التي اتهمت القوات الكردية بهدم بعض المنازل في المناطق المحررة من أن الذين تعاونوا مع مسلحي داعش ليس لهم مكان بين الأكراد الذين سيحتضنون كل الآخرين.
ويعتقد الكليدار أن الرهان الكردي يستند على حماس دولي لهزيمة داعش، رغم إدراكهم للعراقيل الإقليمية التي تضعها أنقرة وطهران أمام أحلام التوسع، ويضيف أنه من حسن حظ العراق أن هناك وجودا كرديا في كل من تركيا وإيران، وإلا كنا رأينا دولة كردية منذ زمن طويل.
ويشير الكليدار إلى أن الإيرانيين رغم انزعاجهم من التمدد الكردي، إلا أنهم ربما على استعداد لتأجيل الحسم إلى ما بعد تحرير الموصل.. هزيمة داعش تفيدهم في سوريا، كما أن ملالي طهران ما زالوا قادرين على قمع أكراد إيران وغيرهم من القوميات، بالإضافة لإصرارهم على حشر قوات الحشد الشعبي في المعركة للحد من أطماع الأكراد من جهة ولمواصلة استهداف عروبة العراق من جهة أخرى.
ويتفق محمد عباس ناجي، الخبير في الشؤون الإيرانية، مع ما يذهب إليه الكليدار، ويضيف قائلا لـ"العين" إن الخيارات الإيرانية الواسعة في العراق تبقي خطر الأكراد أقل حدة منه في تركيا التي لن تسمح بتمدد كردي يدغدغ أحلام الأكراد لديها".
ويرى ناجي، أن الأكراد يدركون أنهم أمام إدارة أمريكية جديدة لا بد من تثبيت وضع على الأرض يكون على الإدارة الأمريكية وضعه في حسبانها مع إعادة تقييمها لمشاركتها في المعركة ضد داعش.
لكن من وجهة نظر تركية، سيعني أي نجاح للأكراد في محافظة نينوى بعد تحرير الموصل وجود اتصال فعال بين كردستان العراق والمواقع الكردية في سوريا، وما يعزز المشاريع الاستقلالية الكردية، في سوريا والعراق، وهو ما يتيح لأكراد تركيا في النهاية الاستفادة من المتغيرات الإقليمية الجديدة غير المرغوب فيها.
- إنفوجراف.. خسائر داعش في 30 يوما بمعركة الموصل
- قوات البشمركة تستعيد السيطرة على بعشيقة القريبة من الموصل
ويعتقد المراقبون أن الأكراد يدركون أن اللحظة القائمة تسمح لهم بمواجهة العناد التركي منفردا على الأقل مؤقتا، مستفيدين برغبة دولية وإقليمية في مواصلة الحرب على داعش، ما يفتح بابا لتغيير الحدود التي رسمت منذ قرابة القرن. وقد رفعوا شعارهم الجديد للمرحلة؛ "الحدود الجديدة ترسم بالدم".
وبينما ينتظر جند الدواعش هزيمتهم على يد حلفاء تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، يترقب الجميع اللحظة التي ينهار فيها التحالف الهش، فيما فوهات المدافع تغيير وجهتها.
aXA6IDE4LjIyMi4xNTUuNTgg جزيرة ام اند امز