"العناية المركزة" للصواريخ النووية الأمريكية.. "خدش" يبدأ الكارثة
"خدش بسمك شعرة واحدة قد يخرج القنبلة عن مسارها ويقود للكارثة".. هذا هو السيناريو الأسوأ الذي قد يحدث حينما يتم تجديد الرؤوس النووية.
وفي غرفة شديدة التعقيم تشبه "العناية المركزة"، بمصنع آمن بمدينة كانساس سيتي، يتولى فنيو الحكومة الأمريكية مهمة بالغة الحساسية، ألا وهي تجديد الرؤوس الحربية النووية للبلاد.
- القصة الغريبة لكسر مطرقة الجمعية العامة للأمم المتحدة
- أغرب طائرات حلقت على الإطلاق.. إحداها قابلة للنفخ (صور)
ويحتوي كل رأس حربي على آلاف النوابض والتروس والوصلات النحاسية التي ينبغي أن تعمل جنبًا إلى جنب لإطلاق انفجار نووي، ويمكن لخدش بسمك شعرة واحدة على المخروط الأسود المصقول للرأس الحربي أن يخرج القنبلة عن مسارها، وفقا لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.
وتنفق الولايات المتحدة أكثر من 750 مليار دولار خلال العقد المقبل لإصلاح ترسانتها النووية واستبدال الصواريخ التي تجاوز عمرها 50 عاماً.
وفي قواعد الأسلحة النووية المنتشرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، يحتفظ الجنود بالرؤوس الحربية التي يبلغ عمرها 50 عامًا حتى تصبح البدائل جاهزة.
ورغم مرور نحو 8 عقود على إطلاق سلاح نووي في الحرب. إلا أن القادة الأمريكيين يحذرون من أن مثل هذا السلام قد لا يدوم. ومن ثم ينبغي استبدال الأسلحة النووية القديمة لضمان عملها.
وبموجب معاهدة منع الانتشار النووي، تحتفظ الولايات المتحدة بـ1550 رأسًا نوويًا نشطًا، وتخطط الحكومة لتحديثها جميعًا. وفي الوقت نفسه، يجب على الفنيين والعلماء وأطقم الصواريخ العسكرية التأكد من استمرار تشغيل الأسلحة القديمة حتى يتم تركيب الأسلحة الجديدة.
المشروع طموح للغاية لدرجة أن الهيئات الرقابية تحذر من عدم قدرة الحكومة على تحقيق أهدافها، ناهيك عن انتقادات المدافعين عن حظر الانتشار النووي والخبراء الذين يرون أن الترسانة الحالية كافية، رغم قدمها، لتلبية احتياجات الولايات المتحدة.
من أين يبدأ المشروع؟
قلب كل رأس حربي نووي عبارة عن تجويف على شكل كرة أرضية صنعها مهندسون في مختبر وزارة الطاقة في لوس ألاموس، بولاية نيو مكسيكو، مسقط رأس القنبلة الذرية.
وتعود العديد من تجويفات القنابل المستخدمة حاليًا إلى السبعينيات والثمانينيات، وهو ما قد يمثل مشكلة، لأن هناك الكثير من الأمور المتعلقة بعملية شيخوخة البلوتونيوم والتي لا يزال العلماء لا يفهمونها.
وقد دفع عدم اليقين هذا الإدارة إلى استئناف إنتاج تجويف البلوتونيوم داخل PF-4، وهو مبنى سري للغاية في لوس ألاموس والمحاط بطبقات من الحراس المدججين بالسلاح والأبواب الفولاذية الثقيلة وأجهزة مراقبة الإشعاع.
وفي الداخل، يتعامل العمال مع البلوتونيوم داخل صناديق فولاذية، تتيح لهم تنظيف ومعالجة البلوتونيوم دون التعرض للإشعاع القاتل.
تتم حماية تجويف القنابل في منشأة تابعة لوزارة الطاقة في كانساس سيتي. داخل هذا المصنع المكون من ثلاثة طوابق دون نوافذ، حيث يقوم العمال بترميم واختبار أجزاء الرؤوس الحربية، وهو العمل الذي قالت هيئة رقابية حكومية إنه يتطلب "قدرًا كبيرًا من التصنيع الدقيق وفقا للمواصفات الدقيقة".
وهناك آلاف الأجزاء الصغيرة داخل كل رأس حربي، لذا فإن الأيدي الثابتة هي المفتاح. ولهذا السبب يخضع الفنيون لتقييم المهارات الذي يتضمن تفكيك وتجميع ساعة اليد الميكانيكية.
وقالت مولي هادفيلد، المتحدثة باسم مصنع كانساس سيتي: "كل شيء يتم تحت المجهر باستخدام الملقط". "وإما أن تنجح (أو) تفشل. إما أن تعمل الساعة أو لا تعمل".
وسيظل هذا المصنع مشغولاً حتى وإن لم تكن هناك عملية تجديد شاملة. جميع الرؤوس الحربية تخضع لصيانة منتظمة، إذ يتقادم عمر المواد البلاستيكية، وتضعف التروس المعدنية والأسلاك بمرور السنين وبسبب التعرض للإشعاع.
ويعمل المصنع أيضًا على تصنيع رؤوس حربية لطائرة B-21 Raider، وهي قاذفة شبح مستقبلية، بينما يمكن أيضًا لصاروخ سنتينيل Sentinel، وهو صاروخ باليستي جديد عابر للقارات، حمل رؤوس حربية لفئة جديدة من الغواصات.
صواريخ قديمة وقوات شابة
تكشف الترسانة النووية الأمريكية عن قدمها في كل مرة تقوم فيها القوات بإصلاح صاروخ. ويمكن أن يحدث ذلك مرتين في الأسبوع، هذا إن لم تكن الأدوات القديمة، أو الشاحنة التي تحمل الأدوات، أو الشاحنة اللازمة لنقل الصاروخ معطلة هي الأخرى، وهو ما يحدث غالبًا.
فغاليا ما يواجه الفنيون صعوبة في فتح باب صومعة الصاروخ، التي يبلغ وزنها 110 أطنان، لرفع الرأس الحربي للصاروخ ونقله بالشاحنات إلى القاعدة للعمل.
بعد ذلك، يقوم عمال الصيانة بفك الرأس الحربي من الصاروخ ووضعه في شاحنة متخصصة. ثم ترافقها قوات الأمن التابعة للقوات الجوية إلى حظيرة شديدة الحراسة في قاعدة مالمستروم الجوية في مونتانا.