بالفيديو.. احتفالات رسمية لأول مرة برأس السنة الأمازيغية في الجزائر
الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة أصدر في الـ28 من ديسمبر الماضي قرارا بجعل رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا وعطلة.
احتفلت الجزائر لأول مرة بشكل رسمي بعيد السنة الأمازيغية "1 ينار 2968"، الجمعة، الذي يصادف الـ12 من يناير/كانون الثاني من كل عام، بعد أن أصدر الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في الـ28 من ديسمبر/كانون الأول الماضي قراراً بجعل رأس السنة الأمازيغية عيداً وطنياً وعطلة مدفوعة الأجر، وتكليف الحكومة بإنشاء أكاديمية جزائرية للغة الأمازيغية وترقيتها وتطويرها وتعميمها في كافة البرامج التعليمية.
وأقيمت الاحتفالات الرسمية لأول مرة في جميع ولايات الجزائر الـ48، بعد أن كانت الاحتفالات تقتصر على المستوى الشعبي فقط، من خلال إقامة حفلات ومعارض تعرف بالموروث التاريخي والثقافي للحضارة الأمازيغية، "ببعد وطني"، كما أشار الوزيران الجزائريان للسياحة حسان مرموري والثقافة عز الدين ميهوبي خلال مشاركتهما في الاحتفالات.
وبجميع مديريات الثقافة في الجزائر نُظمت معارض وبرامج احتفالية أبرزت الموروث الثقافي الأمازيغي لكل منطقة جزائرية، وتم التركيز على الألبسة التقليدية الخاصة بالنساء والرجال، والتي تشتهر بها بعض المناطق الأمازيغية.
ففي منطقة القبائل تسمى الألبسة النسائية بـ"إواضين" و"أقوس"، و"المَلْحْفَة" النسوية عند الشاوية، و"القَشَّابِيَّة" و"البَرونوس"، وهي من الألبسة التقليدية الرجالية عند بني ميزاب والقبائل والشاوية، وألبسة أخرى لأمازيغ الطوارق وتلمسان وتيبازة.
كما شكلت المعارض فرصة لعرض أهم الأكلات والأطباق التقليدية الشعبية المشهورة في هذه المناطق، التي تحرص العائلات على تحضيرها ليلة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، مثل الكسكسي المعروف في منطقة القبائل بـ"السَّكْسو"، والخبز المنزلي المعروف باللغة الأمازيغية بـ"أغْروم"، و"الشَّرْشَمْ" و"الغْرايَف" في منطقة الشاوية.
إضافة إلى أطباق "القَشْقْشَة"، وهي مجموعة من المكسرات من الجوز واللوز مع الحلويات بمختلف أنواعها، وبعض الأكلات المصنوعة من زيت الزيتون الذي تشتهر به منطقة القبائل.
"المجوهرات الفضية" كانت بارزة أيضا في جميع المعارض، حيث تعتبر الفضة "كموروث ثقافي" جزائري، كان في القدم بمثابة "ذهب المرأة" الذي لا يمكنها الاستغناء عنه، على الرغم من أنه فقد بريقه اليوم عن السابق في مختلف المناطق، وبقيت منطقة القبائل الوحيدة في الجزائر المتمسكة بها، إلى درجة أنه "يعبر عن أنوثة" المرأة والفتاة القبائلية.
تلاميذ الجزائر احتفلوا بطريقتهم الخاصة في جميع المدراس بالعيد الأمازيغي، حيث ارتدى التلاميذ مختلف الألبسة التقليدية الأمازيغية، وجلبوا معهم أطباقا تقليدية حضرتها الأمهات في المنازل، كما شاركوا في عروض مسرحية مستمدة من التراث الشعبي والأساطير القديمة للأمازيغية.
ويعد "يَنَّار" الشهر الأول من السنة الأمازيغية، حيث يتم الاحتفال بيومه الأول، الذي كان ولا يزال عادة اجتماعية متوارثة في الجزائر والمغرب وتونس وليبيا.
ثراء لغوي وثقافي
تشكل الثقافة الأمازيغية جزءا كبيرا ومهما من التاريخ الجزائري، التي يرجع تاريخها إلى آلاف السنين، ونجدها في مختلف مناطق البلاد، ففي شرق البلاد يوجد "الشًّاوِيَة" الذين يتكلمون اللهجة "الشًّاوِيَة"، خاصة في: باتنة، تبسة، أم البواقي، خنشلة.
كما يوجد أيضا القبائل الذين يتكلمون اللهجة "القبائلية"، ويتمركزون في ولايات: تيزيوز، بجاية والبويرة.
وبوسط الجزائر يوجد "الشْنَاوة" وينطقون باللهجة "الشناوية"، خاصة في مناطق تيبازة وبومرداس، وفي الغرب يوجد "الشَّلْحَة" أو "الشْلوح" ويتمركزون في مدينة تلسمان.
وفي شمال الجنوب الجزائري يوجد "بنو ميزاب" في مدينة "غَرْدَايَة"، الذين يتحدثون اللهجة "الميزابية" في مدينة غرداية، وبأقصى الجنوب الجزائري يوجد "الطوارق" الذين يتكلمون اللهجة "التارقية"، ونجدهم في مدن تمنراست وأدرار.
تاريخ السنة الأمازيغية
تعددت الروايات التاريخية والشعبية حول بداية التقويم الأمازيغي، لكنها تشترك في شخصية الملك الأمازيغي "شيشنق" الذي يعد من أهم الشخصيات التاريخية في منطقة شمال أفريقيا.
بعض الروايات الأمازيغية ربطت بداية التقويم الأمازيغي بما تقول "إنه انتصار الملك الأمازيغي على الملك الفرعوني رمسيس الثالث سنة 950 قبل الميلاد، في معركة بمنطقة تلمسان الجزائرية، ومن ثم تنقل الملك شيشنق إلى مصر واحتلها".
لكن دراسات تاريخية من الجزائر والمغرب ومصر أكدت أن شيشنق لم يعاصر فترة رمسيس الثالث بالكامل، إذ تشير أن "الملك رمسيس الثالث حكم مصر من 1186 إلى 1155 قبل الميلاد خلال عصر الأسرة الـ20".
بينما الملك الأمازيغي شيشنق أسس الأسرة الـ22 سنة 950 قبل الميلاد، ما يعني أن رمسيس الثالث بعيد زمنيا بـ200 سنة عن شيشنق.
وتؤكد تلك الدراسات التاريخية أن الملك الأمازيغي شيشنق من "مصر" وأن أصوله من "ليبيا"، كون جده الثامن ليبي الأصل، إضافة إلى أنه كان من جنود الجيش الفرعوني الذين تدرجوا في المناصب، إلى أن أصبح مستشارا عسكرياً في عصر الملك المصري "بسوسنس الثاني"، وهو آخر ملوك الأسرة الـ21، لينتقل الحكم إلى شيشنق بعد زواجه من ابنة الملك المصري.
ورغم التباين في الدراسات والروايات التاريخية السابقة، إلا أنها أجمعت على ربط الحضارة الأمازيغية بالفرعونية، وأن بداية التقويم الأمازيغي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحضارة الفرعونية.
بينما تنفي دراسات أخرى علاقة التقويم الأمازيغي بالحضارة الفرعونية، حيث تربطه بالإرث الروماني، وأن بداية التقويم الأمازيغي مرتبط بالزراعة وببداية السنة الفلاحية.
ويستند مؤرخو هذه الدراسات إلى مسميات الشهور عند الأمازيغ مع التقويم "الجولياني"، مثل شهر يناير الذي يسمى بالأمازيغية "يَنَّار أو يَنَّايَر"، وفبراير يسمى "فورار".
يذكر أن أمازيغ الجزائر يتبادلون التهنئة بكلمة خاصة على غرار بقية الأعياد الدينية، حيث يقولون باللغة الأمازيغية "أسڤاس أمڤاز" وتعني باللغة العربية "عيد سعيد".
aXA6IDE4LjIyNC43My4xNTcg
جزيرة ام اند امز