بكل وضوح فإن قواعد العلاقات المشتركة بين السعودية والإمارات تصنع منعطفا استراتيجيا يتجاوز الكثير من تقاليد الدول.
ليس هناك شك بأن العلاقات السعودية الإماراتية لفتت الأنظار وعلى جميع المستويات، وخاصة خلال السنوات الماضية، وبدا أن العلاقة الاستراتيجية بين هاتين الدولتين تأخذ منحنى مختلفا وراسخا، وهذا ماحدث، حتى أصبح من الصعب فرز المواقف المشتركة التي تتخذها كل من الرياض وأبوظبي تجاه القضايا المشتركة، فمستوى التفاهم والتشاركية يصلان إلى أقصى درجاتهما من خلال مسار تنسيقي جندت له كل من الإمارات والسعودية الكثير من الجهود والإمكانات.
هذا النموذج المميز من العلاقات السعودية الإماراتية، تجسد بصورة استثنائية عندما أعلنت دولة الإمارات عن اعتماد شعار رسمي تشارك به الإمارات أشقاءها في السعودية بمناسبة اليوم الوطني التسعين للمملكة العربية السعودية، والهدف كما نشره المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات هو "تعزيزاً لروح الإخوة والتلاحم والتعاضد والمحبة بين البلدين، على مستوى القيادة والشعبين"، وهنا يجب أن ننظر إلى هاتين الدولتين من خلال الصورة الأكثر وضوحا والتي يعكسها وجود مجلس أعلى للتنسيق السعودي الإماراتي، حيث صمم هذا المجلس الكثير من صور العلاقة الاستراتيجية العميقة، والتي نرى أهم تجلياتها بأن تحتفل كل من السعودية والإمارات بيوم وطني واحد ولكنه في دولتين.
هذه التجربة السياسية في ترجمة العلاقات الثنائية لكل من السعودية والإمارات، تقف خلفها أهداف مهمة وخاصة لا يمكن تجاوزها، كونها تعكس تجربة دولية في العلاقات بين الدول، وخاصة أن السمات الاجتماعية والثقافية في كلا البلدين تشترك وأركان الحكومات في التكامل والتنسيق، هذا بالإضافة إلى أن المنطقة وتحولاتها أصبحت تتطلب إعادة هيكلة العلاقات السياسية بين الدول، وهذا ما تم استثماره من دولتين هما الأكثر فاعلية في المنظومة الخليجية من حيث التأثير والإمكانات، فالحقيقة الأكثر بروزا والتي يمكن الاستناد إليها في هذه العلاقة، أن إيماناً سياسيا تتشارك فيه المملكة والإمارات ينطلق من الاعتراف بأن التحولات السياسية في المنطقة والعالم لم تعد تحتمل التقليدية السياسية التي كانت سائدة في علاقات الدول.
بكل وضوح فإن قواعد العلاقات المشتركة بين السعودية والإمارات تصنع منعطفا استراتيجيا يتجاوز الكثير من تقاليد الدول التي كانت تعترف بالعلاقات الاستراتيجية، ولكنها لا تقدم صوراً بعمق كما يجري بين السعودية والإمارات، حيث تشعر كل دولة أنها جزء لا يتجزأ من الدولة الأخرى، وهذا ما جعل الرسالة السياسية التي تبعثها دولة الإمارات إلى السعودية بمناسبة اليوم الوطني السعودي، رسالةً واضحة لنموذج مميز من العلاقات، ينشأ ويتبلور في إطار يفرض نفسة كخيار سياسي استراتيجي اختارت كل من السعودية والإمارات السير فيه، لهذا فعلى الجميع فهم وقبول هذا النموذج وعلى الشعبين ترسيخ هذا التلاحم.
إن مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة في اليوم الوطني السعودي تعكسها وبعمق هذه الرسالة المباشرة التي تضمنها إعلان المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات بمناسبة احتفالات المملكة العربية السعودية بعيدها الوطني التسعين، والتي جاء فيها "تحولت العلاقات الإماراتية السعودية إلى نموذج للشراكة المبنية على روابط تاريخية متجذرة، وانسجام تام في الرؤى والأهداف والتكاتف والتلاحم بين قيادتي البلدين وشعبيهما".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة