نظرة تحليلية على اجتماع أوبك+ الأخير.. أهم 16 دقيقة في تاريخ النفط
كانت 16 دقيقة كافية لمنظمة أوبك وحلفائها من أجل حسم قرار الالتزام بما سبق وخططوا له من زيادة في الإنتاج.
يأتي ذلك بعد شهر قفزت فيه أسعار النفط حوالي 15%، وسط اندلاع توتر جيوسياسي في مناطق مختلفة من العالم،
تفاصيل اجتماع الأربعاء
لم تكن هناك مناقشات مطولة في اجتماع الأربعاء حول إخفاق دول أعضاء بمجموعة المنتجين في تحقيق مستهدفات إنتاجهم أو حول واحد من أكثر الشهور توترا على الصعيد الجيوسياسي منذ سنوات، تشمل حربا محتملة بين روسيا وأوكرانيا واضطرابات نادرة في كازاخستان، وتلميحات إلى إحراز تقدم في المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران وهجمات للحوثيين بطائرات مسيرة في الخليج.
وبدلا من ذلك، فضلوا إتمام اجتماعهم الشهري العادي في وقت قياسي، متجنبين أي مناقشات شائكة. واتفقت "أوبك+"، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاءها بقيادة روسيا، على زيادة طفيفة لشهر مارس، مما يرفع هدف إجمالي إنتاجهم النفطي 400 ألف برميل يوميا.
بلغت أسعار خام برنت أعلى مستوياتها في سبع سنوات عند 91.70 دولار للبرميل في 28 يناير/ كانون الثاني، وهي حاليا في حدود 90 دولارا.
وقال عدد من مندوبي "أوبك+" إن أحدث جولة من صعود النفط نجمت عن القلق بشأن احتمال تأثر الإمدادات بالصراع لا لمشكلة نقص في المعروض.
وقال أحد المندوبين: ارتفاع الأسعار لا لسبب في أساسيات السوق، وإنما لمسائل جيوسياسية.
غير أن المصدر قال إن التوتر الجيوسياسي لم يكن محل نقاش. وقال: لم تُثر أي مسألة سياسية.
تنفذ المجموعة نفس التعديل الشهري للمستهدفات منذ أغسطس/ آب، إذ تتخلى تدريجيا عن التخفيضات القياسية التي تبنتها في ذروة الجائحة عندما تبدد الطلب على الوقود في أنحاء العالم.
وأخفقت أوبك+ بفارق كبير في تحقيق هدف رفع الإنتاج ولم تتمكن من مواكبة التعافي في الطلب على الوقود لأن عددا من الأعضاء فشلوا في تنفيذ استثمارات ضرورية للإبقاء على حقول النفط في وقت الجائحة.
الأوضاع في أوكرانيا
وإلى جانب الأزمة الدولية بشأن أوكرانيا، شهد شبه الجزيرة العربية توترا أيضا هذا الشهر، إذ أطلقت مليشيا الحوثي – المدعومة من إيران- في اليمن طائرات مسيرة وصواريخ في الخليج.
وقال المحلل لدى بي.في.إم، ستيفن برينوك: صار ضمن الأسعار جزء مرتبط بالمسائل الجيوسياسية وسط استمرار المواجهة بين روسيا وأوكرانيا واستعداد المتمردين الحوثيين في اليمن المستمر للهجوم.
مشكلات الطاقة الإنتاجية
وردا على سؤال حول الدافع الرئيسي وراء القرار، قال مندوب آخر في أوبك+ "هذا القرار... يناسب الجميع، سواء من لديهم القدرة على زيادة إمداداتهم أو من لا يستطيعون ذلك".
وأضاف: بهذا القرار نحافظ على تماسك المجموعة ونترك المناقشات الصعبة لوقت لاحق، وذلك في إشارة إلى تضاؤل الطاقة الإنتاجية لبعض الأعضاء.
تُظهر بيانات أوبك+ أن إنتاج المجموعة في 2021 جاء دون مستهدفات إنتاجها بما يزيد عن 800 ألف برميل يوميا في المتوسط، إذ عانى بعض المنتجين من نقص الاستثمارات، وكان معظمهم في منطقة غرب أفريقيا.
وتسبب افتقار المجموعة للطاقة الإنتاجية الفائضة، وهي حقول نفط متوقفة جاهزة للتشغيل بسرعة للتعامل مع أي تعطل غير متوقع في الإمدادات العالمية، إلى جانب تعافي الطلب بعد أزمة الجائحة، إلى زيادة في أسعار الطاقة ودفع التضخم العالمي إلى الارتفاع.
ولا يمتلك سوى عدد قليل من المنتجين الغالبية العظمى من هذه الطاقة الفائضة العالمية، وهم السعودية والإمارات والعراق.
أسعار النفط تتجه إلى ما فوق 100 دولار
ويقول عدد من المحللين، منهم جولدمان ساكس، إن القلة الشديدة للطاقة الإنتاجية الفائضة قد تدفع أسعار النفط لأكثر من 100 دولار في وقت لاحق من العام الجاري.
كما تكبح عقوبات أمريكية ملايين البراميل من إنتاج إيران وفنزويلا.
ويتيح القرار السريع للمجموعة مزيدا من الوقت لترقب اتجاه المحادثات النووية الإيرانية مع الغرب، مما يمهد الطريق لرفع العقوبات عن صادرات النفط من البلد العضو بأوبك.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية هذا الأسبوع إن المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران تدخل "المرحلة الأخيرة" التي يتعين على جميع الأطراف فيها اتخاذ قرارات سياسية صعبة.
في غضون ذلك، نُقل عن وزير النفط الإيراني جواد أوجي القول إن طهران مستعدة للعودة إلى سوق النفط سريعا، مما قد يضيف للمعروض 1.5 مليون برميل يوميا.
وسجلت الجمارك الصينية هذا الشهر أول استيراد للخام الإيراني منذ عام رغم استمرار العقوبات، إذ أودعت ما يقرب من أربعة ملايين برميل من النفط الخام الإيراني في مستودعات احتياطيات البلاد.
وقالت حليمة كروفت من آر.بي.سي كابيتال: "يبدو بالفعل أن البيت الأبيض تخلى عن سياسة تنفيذ العقوبات القصوى، وهناك المزيد من النفط الإيراني (والفنزويلي) يشق طريقه إلى الصين".
وسيجبر أي اتفاق نووي مع إيران على الأرجح أوبك+ على إعادة ترتيب حصص إنتاجها لإفساح المجال للنفط الإيراني كما كان الأمر في السنوات السابقة.
غير أن أحد المصادر قال إن الإمدادات الإيرانية الإضافية قد تساعد في سد فجوة تخلف أوبك+ عن تحقيق مستهدفات إنتاجها.