علي نسمان.. فلسطيني يحارب دور قطر المشبوه في غزة بالأغاني الساخرة
"العين الإخبارية" التقت نسمان لتسليط الضوء على كواليس أغنيته الأخيرة التي تناولت طريقة إدخال قطر للأموال إلى غزة
علي نسمان، فنان فلسطيني أشعل مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا بأغنية ساخرة انتقدت إدخال الأموال القطرية عبر معبر بيت حانون، لدفع رواتب موظفي حماس، فتعرض للتوقيف من قبل الحركة، والضغط عليه من أجل الاعتذار للدوحة، وهو ما رفضه.
يعتبره الفلسطينيون كلمة حرة تتخذ من السخرية وسيلتها للعبور نحو الناس وملامسة مشاغلهم وقضاياهم، ومن أغانيه المعتمدة على الحوار الداخلي أو ما يعرف بـ"المونولوج"، طريقا نحو الدفع بمعاناة القطاع نحو دائرة الضوء.
- غضب حقوقي في غزة إثر اعتقال حماس لباحث ومعلمين
- أموال إيران المشبوهة في غزة.. تعميق للانقسام الفلسطيني
"العين الإخبارية" التقت نسمان لتسليط الضوء على هذا النوع من الفن الساخر في ظاهره، الضارب في عمق الجدية في باطنه، علاوة على دوافعه الكامنة وراء توجهه لمثل هذا النوع من الأغاني، وجميع كواليس أغنيته الأخيرة التي تناولت طريقة إدخال قطر للأموال إلى غزة.
نسمان قال إنه "كممثل فلسطيني أتأثر بما يعيشه أبناء شعبنا في غزة، فأقوم بتحويل بعض الأغاني الموجودة أصلاً، وأضيف عليها كلمات من وحي الأحداث ومما يتناقله الناس، وليس اجتهاداً شخصياً".
واعتبر أن "الغرض من هذا المزج توصيل صوت المواطن البسيط بطريقة ساخرة إلى صناع القرار والسياسيين والجهات العليا".
فضح الدور القطري المشبوه
وتطرق إلى أغنيته الأخيرة أو مونولوج "الوضع في خطر يا قطر"، والتي تناولت الأموال القطرية، وطريقة إدخالها وتوزيعها "المهين" على موظفي "حماس" في غزة، وهي الأغنية التي أثارت ضجة كبيرة.
الأغنية التي أداها نسمان على ألحان أغنية الأطفال الشهيرة "اغسل وشك يا قمر"، تضمنت كلمات ساخرة وتهكماً من الدور القطري في غزة.
وأشارت الأغنية بطريقة كوميدية ساخرة إلى أن الأموال التي تدفعها قطر شهريا لغزة عن طريق سفيرها محمد العمادي تؤدي إلى تهدئة مسيرات العودة على حدود القطاع.
وتقول كلماتها: "يلا بسرعة يا قطر، وين السولار والدولار، يلا يا قطر"، ليرد آخر يمثل قطر بالقول "نبغي هدوء"، في إشارة للكلمة التي قالها السفير القطري للقيادي في حماس خليل الحية أثناء مغادرته غزة، بعد تقديمه المنحة المالية الأولى للقطاع.
نسمان قال أيضاً لـ"العين الإخبارية" إن الأغنية تسببت في توقيفه لمدة "9 ساعات لدى عناصر حماس، والضغط عليه من أجل الاعتذار لقطر، ولمحمد العمادي شخصياً، الأمر الذي رفضته، ودافعت عن فني بطريقة لا لبس فيها".
ورأى أن "ربط الهدوء بالأموال القطرية والنضال مقابل الطعام والكهرباء تناوله عامة الناس بالندرة والسخرية، وكلمة العمادي (نبغي هدوء)، سمعها الجميع وهو يرددها في أذن القيادي في حركة حماس".
متسائلا: "لماذا يأخذ (العمادي) موقفاً من كلام هو قاله وعلى مسمع من الرأي العام ولم أضعه على لسانه؟ هو من تعمد وقتها إحراج حماس بطلبه هذا".
وتابع "هذه الجملة كشفت دور قطر (المشبوه) في قطاع غزة، ولعبها دور الوسيط بين إسرائيل وحماس، وأضف إلى ذلك مشهد الحقائب المليئة بالأموال القطرية، وهي تعبر معبر بيت حانون، فالملايين شاهدوا ذلك، والناس بدأت تتناول هذا المشهد بطرق مختلفة، منها الأغنية الأخيرة التي نفذتها ونشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
ولفت إلى أن "رفض حماس الأموال القطرية مؤخراً يؤكد مشهد المهانة الذي مارسته قطر بحق سكان غزة، والوقوف في الطوابير لفترات طويلة أمام مراكز البريد، وهذه الحالة لا تفيد سوى أن قطر مستخدمة لتمرير الأموال مقابل الهدوء على الحدود".
وقال نسمان إن هذه الأحداث تطرح سؤالا يتداوله الناس بكثرة، وهو "كيف تقبل قطر على نفسها هذا الدور، وإذا كانت الدوحة مناصرة للشعب الفلسطيني حقاً، فليس بهذا الأسلوب المذل والمهين لنضال الشعب الفلسطيني".
اعتقال إرضاء لقطر
استعرض نسمان ما تعرض من تنكيل عقب إطلاق أغنيته، قائلا "مشكلتي لا تكمن في أني غنيت مونولوجاً وانتشر بسرعة البرق، ووجدت معظم الذين يتناولونه يكرهون قطر ودورها في غزة، بل ما يهمني هو أني تعاملت مع الأغنية كانعكاس حالة يعيشها شعبنا، ولم أقصد الإساءة لأي طرف".
أما استدعاؤه إلى أحد المقرات الأمنية في غزة، فلفت إلى أنه "تزامن مع دخول السفير القطري العمادي إلى القطاع، وكان من المقرر توقيفي لمدة 24 ساعة، ولكن أثيرت ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب اعتقالي، فتم الاكتفاء بإيقافي لمدة 9 ساعات".
وتابع "خلال الإيقاف تم الضغط عليّ من أجل الاعتذار للعمادي وقطر، فرفضت ذلك، لأني لم أرتكب خطأ، وفكرة الاحتجاز بحد ذاتها أمر غريب، من أجل الاعتذار لدولة تدعي أنها دولة الرأي والرأي الآخر، وأكاد أجزم أن احتجازي جاء لمرضاة قطر والعمادي".
أغانٍ تعبر عن هموم الفلسطينيين
في سياق متصل، أكد نسمان أن الإفراج عنه جاء بقرار جماهيري، وبعد تدخل من مراكز حقوق الإنسان، وحماة حريات الرأي والتعبير.
وبخصوص مشواره الفني عقب ما تعرض له، قال "سأواصل فني بالطريقة ذاتها، وسأغني المونولوج وأمثل مشاهدي بما تقتضيه الحالة الشعبية في غزة".
وشدد في ختام حديثه لـ"العين الإخبارية": "لن أخذل شعبي، وأدواتي ليست مدينة إنتاج تلفزيوني ولا كاميرات خارقة ولا استديوهات مكيفة، أدواتي التي أستخدمها في صناعة الفيديوهات والمونولجات، تليفوني الخاص وكاميرته البسيطة والمتواضعة، ورغم كل هذا سأستمر وأواصل نقل هموم شعبي إلى العالم".