خبراء فلسطينيون: الانتخابات قادمة والقضايا الخلافية "مؤجلة"
ذاهبون للانتخابات والملفات الشائكة مرحّلة، هذه هي النتيجة الأبرز لنتائج الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة، وفق تقديرات خبراء.
وحسمت الفصائل الفلسطينية مساء الثلاثاء، في اجتماعات استمرت يومين بالعاصمة المصرية القاهرة، آليات إجراء الانتخابات، وأزالت العقبات كافة أمام تنفيدها، مع وجود قضايا صيغت بصياغات فضفاضة تنتظر الحسم عند التنفيذ.
فرص نجاح قوية
ويرى نهاد أبو غوش، مدير مركز مسار الفلسطيني للدراسات، أن فرص نجاح اتفاق القاهرة قوية جدا، لا سيما أن الأطراف تجاوزات الكثير من العقبات الأساسية بتحديد مواعيد للانتخابات ومحكمتها وقوة حمايتها.
- الانتخابات الفلسطينية.. عباس يراهن على شباب "فتح"
- الانتخابات الفلسطينية.. تحدي "لعنة القوائم" في فتح يطارد عباس
وأضاف في حديثه لـ"العين الإخبارية" أنه "جرى تذليل معظم العقبات، ولم يبق إلاّ بعض تفاصيل صغيرة يمكن حلها في اجتماعات فنية بين الأطراف الفلسطينية المعنية".
ووفق مصادر فلسطينية لـ"العين الإخبارية"، فإن حركتي فتح وحماس اتفقتا على عقد لقاءات ثنائية وأخرى مع الفصائل، لمتابعة أي عقبات تظهر في تنفيذ البنود الـ 15 التي نص عليها البيان الختامي للحوار في القاهرة.
ترحيل ملف الانقسام
ونبه أبو غوش إلى أنه "جرى ترحيل الملفات المتعلقة بالانقسام ومنها ملف الموظفين، لأن تسويته يحتاج الدخول في تفاصيل لا يمكن البت فيها في جلسة أو اثنتين".
ونص البيان الختامي على معالجة الانقسام بكل جوانبه الإنسانية والاجتماعية والقانونية على أسس وطنية شاملة وعادلة خالية من كل مظاهر التمييز الجغرافي والسياسي.
وذلك عبر تشكيل لجنة مختصة بذلك بالتوافق وتقدم تقريرها للرئيس الفلسطيني الذي يحيلها للتنفيذ إلى حكومة ما بعد انتخابات المجلس التشريعي.
مدير مركز مسارات، اعتبر أيضاً أن "ما يهدد الاتفاق وجود قوى تتربص به وتريد تعطيله للحفاظ على مكتسباتها التي حققتها بالاستفادة من الانقسام، لكن المصلحة الوطنية سوف تتغلب في النهاية".
وهذا ليس الاتفاق الأول بين الفصائل الفلسطينية، ولكنه يختلف عنها لأنه اختص بترتيبات الانتخابات وليس معالجة ملف الانقسام، وهنا يوضح أبو غوش أن هذا الاتفاق "تطرق قليلا إلى التفاصيل، كتحديد مواعيد الانتخابات وإتاحة الحريات".
وفي 15 يناير الماضي أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوما بالدعوة إلى إجراء الانتخابات الفلسطينية على 3 مراحل، بحيث تجرى انتخابات تشريعية في 22 مايو/أيار من العام الجاري، تليها انتخابات رئاسية في 31 يوليو/تموز المقبل، واستكمال المجلس الوطني بالانتخاب أو بالتوافق في 31 أغسطس/آب القادم.
وهذه هي الانتخابات التشريعية الفلسطينية الأولى منذ العام 2006 والرئاسية الأولى منذ العام 2005.
دلائل نجاح الاتفاق
ويتفق الدكتور حسن خريشة وهو برلماني فلسطيني مستقل سابق، يستعد لخوض الانتخابات مع قائمة مستقلة، مع أبو غوش في تقديره بأن هناك قرارا ورغبة وإرادة لدى الأطراف الفلسطينية المختلفة لإجراء الانتخابات التشريعية بدرجة أولى.
ويرى خريشة في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن من دلائل نجاح الاتفاق أنه لأول مرة يتم تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بالتالي لا يستطيع كثيرون إفشال الاتفاق.
وأشار إلى أن "هناك مراسيم رئاسية صدرت لا يمكن التراجع عنها بالتالي الفرص للنجاح كبيرة"، مستدركا "لكن هذا لا يمنع أن هناك حالة عدم يقين بنجاح الاتفاق عند جزء من الشارع".
ووفق خريشة؛ فهناك ثغرات موجودة مثل "عدم الاتفاق على المحكمة الدستورية واختصاصاتها وعدم وضوح أفق حل القضايا التي أجلت لما بعد انتخابات التشريعي وهي قضايا تؤدي لعدم اليقين وتشرع المخاوف".
وكان هناك مطالبات من بعض القوى الفلسطينية بتجميد المحكمة الدستورية، كونها شكلت دون توافق، ولدورها في حل المجلس التشريعي السابق.
ويذهب خريشة إلى أن ترحيل بعض القضايا لاجتماع مارس المقبل يهدف لإجراء توافقات بين الفصائل، خصوصا فتح وحماس، على نسب كل فصيل في المجلس الوطني وغيرها من القضايا غير المرتبطة بالمجلس التشريعي.
ونص اتفاق الفصائل في القاهرة على عقد اجتماع خلال شهر مارس القادم بحضور رئاسة المجلس الوطني ولجنة الانتخابات المركزية، للتوافق على الأسس والآليات التي سيتم من خلالها استكمال تشكيل المجلس الوطني الجديد، بهدف تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية وتعزيز البرنامج الوطني المقاوم.
صياغات فضفاضة
المقلق في وثيقة البيان الختامي، وجود بنود بصياغات فضفاضة، وأخرى تنتظر توافق أو تشكيل لجان، وهي تفاصيل يمكن أن تنفجر في أي لحظة.
ويقول خريشة: "هناك تفاصيل عديدة يمكن أن تثير إشكالات مستقبلا لكن أعتقد لوجود جدية وإرادة يمكن التغلب عليها."
ومن هذه القضايا، آلية التوافق على أعضاء محكمة الانتخابات، والمقصود بالشرطة الفلسطينية في الضفة وغزة، وعما إذا كانت تعني شرطة حماس، على سبيل المثال.
ومع ذلك يحدد خريشة 3 عوامل تدلل على إجراء الانتخابات، أولها؛ وجود إدراك عالٍ بين فتح وحماس على أن الزمن يسابقهم وكل طرف منهم يريد تجديد شرعيته، والثاني؛ أن هناك حالة سخط في الشارع تجاه الوضع القائم وكل طرف يريد تخفيف الاحتقان، أم العامل الأخير؛ فهو وجود ضمانات حقيقية إقليمية ودولية لإجراء الانتخابات وتسهيل عمليتها.
مرونة وتأجيل وترحيل
أما الحقوقي الفلسطيني صلاح عبد العاطي، فقد أشار إلى أن الاتفاق اتسم بالمرونة والتأجيل والترحيل، مقدرا بأن الاتفاق يحتاج إلى سلسلة اتفاقات لضمان التوافق من حيث الاتفاق على أي انتخابات نريد سلطة أم دولة أم سلطة خدمية.
ونص البيان الختامي على مصطلح "انتخابات رئاسة السلطة"، في حين نص المرسوم الرئاسي على مصطلح انتخاب رئيس دولة فلسطين.
كما أشار عبد العاطي إلى أن البيان الختامي نص على تفاهمات عامة منها مثلا الاتفاق على أسماء القضاة وإصدار المرسوم بالتشكيل، وهي قضية يكمن خلافات عميقة في تفاصيلها، وكذلك التوصيات للرئيس بالنظر في تعديل بعض المور في القانون.
وقال: "على ما يبدو لم يكن بالإمكان إبداع أكثر من ذلك وأنه تم ترحيل بعض القضايا إلى مرحلة قادمة وفق استراتيجية الاتفاق علي الممكن ما يضع الأمور أمام سيناريو أن ترفض إسرائيل إجراء الانتخابات في القدس، فيتم التأجيل للانتخابات، وفي هذه الحالة يتم مواكبة العملية باتفاقيات إنعاشية لتجاوزها وفق سياسة خطوة بخطوة ويقوم بذلك فريق إزالة العقبات غير المحدد حتى الآن".
ومع ذلك يؤكد على "ضرورة إجراء الانتخابات أفضل من بقاء هذا الحال الكارثي، على أمل أن تولد ديناميات جديدة وقيادات جديدة وسياسات جديدة، بما يساهم في تغيير خارطة القوى وضمان أن تعزز الشراكة هذا احتمال قائم".