الانتخابات الفلسطينية.. 5 أسباب و3 تحديات أمام عباس
ما لم تظهر مفاجأة تغير مسارها فإن الانتخابات التشريعية والرئاسية الأولى منذ 15 عاما ستجري في فلسطين منتصف العام الجاري.
ولأن الانقسام الفلسطيني الداخلي دام 14 عاما فإن كثيرا من الفلسطينيين ما زالوا يشككون في جدية إجراء الانتخابات التشريعية في الثاني والعشرين من مايو/أيار المقبل، والرئاسية في 31 يوليو/تموز المقبل.
وبعيد صدور المرسوم الرئاسي بالدعوة إلى الانتخابات فإن الأنظار تتوجه إلى العاصمة المصرية القاهرة التي ستشهد في الأسبوع الأول من فبراير/شباط المقبل حوارات بين الفصائل الفلسطينية حول آلية هذه الانتخابات.
وبانتظار النتائج التي سيفضي إليها الحوار فإنه بالنسبة للكثير من الفلسطينيين المتشككين بفرض تنظيمها فعلا فإن "الشيطان يكمن في التفاصيل".
ومع ذلك فقد أجمع مسؤولون ومراقبون فلسطينيون في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" إلى أن ثمة 5 أسباب جعلت إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالدعوة إلى الانتخابات ممكنا الآن وكذلك ترحيب "حماس" بهذه الانتخابات.
وترصد "العين الإخبارية" في هذا التقرير 5 أسباب و3 تحديات أمام الانتخابات الفلسطينية، هي كالتالي:
5 أسباب لإجراء انتخابات فلسطين
أولا:محاولة فلسطينية لتوجيه رسالة إيجابية إلى الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بأن الفلسطينيين في طريقهم إلى الوحدة، وأن الغطاء الذي لطالما استخدمته الحكومة الإسرائيلية لعدم الدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين حول قيام دولة فلسطينية في طريقه إلى الزوال.
وكان المسؤولون الإسرائيليون برروا على مدى سنوات طويلة ماضية بأنه لا يمكن الحديث عن دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة طالما أن حركة فتح تحكم الضفة الغربية و"حماس" تدير قطاع غزة.
وقال مسؤول فلسطيني كبير لـ"العين الإخبارية"، إنه: "رسالتنا إلى الإدارة الأمريكية الجديدة هي أننا سنقوم بما علينا نحو توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال حكومة واحدة وبرلمان واحد".
وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أنه "رسالتنا الثانية لهذه الإدارة هي أنه آن الأوان لمفاوضات جادة بين فلسطين وإسرائيل من أجل تطبيق حل الدولتين بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية إلى جانب دولة إسرائيل".
وكانت المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية حول الحل النهائي توقفت منذ عام 2014.
ثانيا: رغبة الرئيس الفلسطيني بإنهاء الانقسام الفلسطيني في عهده:
بدأ الانقسام الفلسطيني بعام 2017 بعد السيطرة العسكرية لحركة "حماس" على قطاع غزة، أي بعد عامين على انتخاب الرئيس محمود عباس، رئيسا للسلطة الفلسطينية مطلع العام 2015.
وقال مسؤول مقرب من الرئيس الفلسطيني لـ"العين الإخبارية"إن "عباس يرغب بأن الانقسام الذي بدأ في عهده ينتهي في عهده أيضا".
وأضاف: "لطالما سعى الرئيس عباس من أجل الانتخابات خلال السنوات الماضية وهو يرى أنها قد تكون مواتية الآن".
ثالثا: دفع دول الاتحاد الأوروبي للاعتراف بفلسطين:
سعى الرئيس الفلسطيني عباس على مدى السنوات الماضية إلى حث الدول الأوروبية على الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ولكن مساعيه لم تنجح حتى الآن.
وقال المسؤول بالرئاسة الفلسطينية، إنه: "ردود المسؤولين في الدول الأوروبية كانت دائما: كيف لنا كدول أوروبية أن نعترف بدولة ليس بها برلمان؟".
وأضاف أنه: "نعتقد أن توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة ووجود برلمان سيشجع العديد من الدول الأوروبية على تنفيذ توصيات برلماناتها على الاعتراف بالدولة الفلسطينية".
وتابع المسؤول الفلسطيني أن "الاعتراف الأوروبي بالدولة الفلسطينية من شأنه أولا، أن يفتح الطريق أمام قبول فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة وثانيا، خلق معادلة سياسية جديدة تقوم على أساس دولة تحتل دولة أخرى وهو ما يفرض قواعد جديدة للمفاوضات مع إسرائيل".
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قبلت في عام 2012 بدولة فلسطين كدولة مراقب وليس كدائمة العضوية.
وتضغط الدول الأوروبية، المانح الأكبر للفلسطينيين، منذ سنوات على السلطة الفلسطينية لإجراء انتخابات.
رابعا: فشل حماس في إدارة قطاع غزة.
يرى مراقبون ومسؤولون كبار في حركة "فتح" أن "حماس" تريد الهروب من فشلها في إدارة قطاع غزة إلى الانتخابات بعد فشلها في تأمين احتياجات سكان القطاع.
وقال مسؤول بحركة "فتح" لـ"العين الإخبارية": إن :"حماس تدعي سيطرتها على قطاع غزة ولكنها تنتقل من فشل إلى فشل أكبر وهي غير قادرة على تلبية احتياجات السكان وتحاول إلقاء المسؤولية على السلطة الفلسطينية".
وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أنه :"تعاني حماس من عزلة عربية فضلا عن العزلة الدولية، فهي تتلقى مساعدات من إيران ولكن هذه المساعدات مخصصة للجناح العسكري في الحركة وما عدا ذلك فإن الدول العربية والإسلامية ترفض دعمها ماليا".
وتابع: "تريد حماس أن يكون لها تمثيل ملحوظ في المجلس التشريعي من أجل البقاء وفي المقابل أن تلقي بما تسميه عبء قطاع غزة على السلطة الفلسطينية".
خامسا: محاولة لإرضاء الشارع الفلسطيني:
يشتكي الفلسطينيون منذ سنوات من غياب المؤسسة البرلمانية الفلسطينية في ظل اشتداد قوة المؤسستين الرئاسية والحكومية الفلسطينيتين.
وعلى مدى سنوات تبادلت حركتا "فتح" و"حماس" الاتهامات بشأن المسؤولية عن عدم إجراء هذه الانتخابات.
وبعد المؤشرات الإيجابية التي ظهرت بين الحركتين إثر توحدهما في رفض خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ومخطط إسرائيل لضم مساحات من الضفة الغربية فإنه لم يكن هناك من مبرر لاستمرار رفض الانتخابات.
3 تحديات أمام الانتخابات
غير أن تعدد الأسباب الموجبة للانتخابات لا تخفي وجود تحديات قد تعرقل إجراءها وهي:
أولا: الموقف الإسرائيلي من الانتخابات في القدس الشرقية
وكان ئيس الوزراء الفلسطيني محمد إشتية أعلن أن السلطة الفلسطينية بصدد توجيه رسالة إلى إسرائيل بعدم عرقلة الانتخابات في مدينة القدس الشرقية.
وجرت الانتخابات في المدينة على مدار أعوام 1996 و2005 و2006.
وفي حين أن الحكومة الإسرائيلية لم تعلن حتى الآن معارضتها لإجراء الانتخابات في مدينة القدس فإنها أيضا لم تعلن موافقتها عليها.
ودعا إشتية الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة "لبذل كل جهد ممكن لتسهيل إجرائها ومطالبة اسرائيل بتمكين المقدسيين من المشاركة فيها بالترشح والتصويت" بحسب بيانات لمكتبه تلقتها "العين الإخبارية".
ثانيا: تأمين الانتخابات
أعلنت الحكومة الفلسطينية أنها ستتولى مسؤولية أمن العملية الانتخابية التي تشرف عليها لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية.
ولكن في حين تسيطر السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية فإن المسلحين التابعين لحركة "حماس" يسيطرون على قطاع غزة.
ويقول مراقبون إن على "فتح" و"حماس" الاتفاق على الترتيبات المتعلقة بأمن الانتخابات وإلا فإن فرص إجرائها قد تكون ضعيفة.
ثالثا: محكمة الانتخابات
تبحث الفصائل الفلسطينية في اجتماعها بالأسبوع الأول من فبراير/شباط المقبل في العاصمة المصرية القاهرة، عددا من القضايا بما فيها محكمة الانتخابات وترتيبات إنجاح العملية الانتخابية.
وسبق أن أدى خلاف حول محكمة الانتخابات إلى عدم إجراء انتخابات بلدية في قطاع غزة.
وقال إشتية، إنه :" نتطلع لنجاح الحوار الوطني الفلسطيني- الفلسطيني الذي سيعقد الشهر المقبل في القاهرة، وسيناقش ضمان نجاح إجراء الانتخابات".
وأضاف رئيس الوزراء الفلسطيني في اجتماع مع دبلوماسيين أجانب في رام الله، أنه: "ندعو المجتمع الدولي إلى إرسال مراقبين دوليين ودعم احتياجات العملية الانتخابية".
aXA6IDMuMTQ2LjE3OC44MSA= جزيرة ام اند امز