فلسطين 2019.. الفصائل تتقدم ببطء نحو الانتخابات وتنتظر إسرائيل
محلل سياسي فلسطيني يتوقع إجراء الانتخابات في الضفة وغزة في نهاية النصف الأول من عام 2020 بعد الانتخابات الإسرائيلية المزمعة.
حتى ما قبل عدة أشهر لم يكن المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري متفائلا بأي إمكانية لإجراء انتخابات فلسطينية لكن تطورات الشهرين الماضين جعلته أكثر قناعة بأن الأمر بات قريباً.
مبعث تفاؤل المصري، الذي ينشط في الاتصال مع الأطراف الفلسطينية لتحقيق المصالحة الوطنية، هو الحراك الذي شهدته بلاده أخيراً باتجاه إجراء انتخابات تشريعية تعقبها أخرى "رئاسية" بعد أشهر.
وقال المصري لـ"العين الإخبارية": إن "فرص إجراء الانتخابات تتزايد، لكن ينبغي التنبيه على أن هذا لا يعني بالضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني، لكونها ستُجرى في ظل سلطتين مختلفتين بالضفة الغربية وقطاع غزة".
وكانت محاولات عديدة جرت في السنوات الماضية من أجل التفاهم على انتخابات ولكنها باءت بالفشل.
وجرت آخر انتخابات رئاسية فلسطينية عام 2005، وفاز فيها الرئيس محمود عباس فيما جرت آخر انتخابات تشريعية في عام 2006 وفازت فيها حركة حماس.
وفي منتصف عام 2007، سيطرت حركة حماس بالقوة المسلحة على قطاع غزة لتبدأ فصول الانقسام الفلسطيني المستمر حتى الآن، رغم الجهود الكثيفة التي بذلتها مصر من أجل تحقيق المصالحة الوطنية.
وجعلت التطورات السياسية المتمثلة بقرب إعلان الخطة الأمريكية لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي المعروفة بـ"صفقة القرن" وتصاعد قوة اليمين في إسرائيل من الانتخابات أمراً ملحاً.
وكشف مسؤول فلسطيني كبير النقاب لـ"العين الإخبارية" عن أن الرئيس محمود عباس طرح على عددٍ من الزعماء الأوروبيين الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967 لمواجهة القرارات الأمريكية الداعمة لإسرائيل.
وأضاف المسؤول الفلسطيني، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن "رد الزعماء الأوروبيين كان إن وجود برلمان فلسطيني سيجعل من الأسهل عليهم الاعتراف بتلك الدولة؛ إذ لا يعقل طلب الاعتراف بدولة لا برلمان لها".
وكان عباس أعلن نهاية عام 2018 قبول رأي المحكمة الدستورية الفلسطينية بحل المجلس التشريعي بعد أن توقف عن العمل لأكثر من 10 سنوات إثر الانقسام الذي أحدثته حركة حماس.
وخلال الشهرين الماضيين، قام رئيس لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية حنا ناصر بحراك مكوكي بين رام الله وغزة أفضى إلى حلحلة باتجاه إجراء الانتخابات.
بين التشريعية والرئاسية
في التاسع من ديسمبر/كانون الأول، وجه رئيس لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية حنا ناصر رسالة إلى الرئيس عباس، قال فيها: "أرجو إعلام سيادتكم أنه في ضوء الردود التي وردتكم من الفصائل المختلفة والتي أجمعت فيها على الموافقة على إجراء الانتخابات العامة (التشريعية والرئاسية) وفق الأسس الواردة في كتابكم، أرجو أن أعلم سيادتكم أن بإمكانكم الآن -إذا رغبتم- إصدار المرسوم الرئاسي الداعي للانتخابات".
وتابع ناصر في رسالته: "أرجو الإشارة إلى أن المدة المطلوبة لإجراء الانتخابات التشريعية هي 4 أشهر من تاريخ إصدار المرسوم الرئاسي و7 أشهر لإجراء الانتخابات الرئاسية من تاريخ إصدار المرسوم نفسه".
وتعقيباً على ذلك، رأى واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن هناك مؤشرات عديدة على أن الانتخابات ستجرى.
وقال: "نعتقد أن الانتخابات مهمة جدا في سياق الديمقراطية الفلسطينية، ولأنها ربما تشكل مدخلا لإنهاء الانقسام بعد فشل جميع الاتفاقات التي وقعناها قبل أكثر من 12 عاماً".
وأضاف أبو يوسف: "في حال إزالة كل العراقيل فإن الرئيس محمود عباس سيصدر مرسوما بإجراء الانتخابات وفق الرؤية التي وجهها للفصائل".
وكانت حركة "فتح" اتهمت مرارا "حماس" بعرقلة إجراء الانتخابات، لكن المصري رأى أن الانتخابات لن تؤدي إلى وحدة السلطة الفلسطينية فعملية التصويت ستجرى تحت سيطرة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحماس في قطاع غزة، وبالتالي فإن كل طرف يحتفظ بما لديه.
ورجح المصري أن تجري الانتخابات في نهاية النصف الأول من عام 2020 بعد أن تكون الانتخابات الإسرائيلية، المقررة في الثاني من مارس/آذار المقبل قد انتهت وتشكلت الحكومة الجديدة، موضحاً أن ثمة أحاديث جارية بين "فتح" و"حماس" عن قوائم الانتخابات.
وقال: "هناك حديث عن خوض فتح وحماس والفصائل الأخرى والمستقلين الانتخابات في قائمة واحدة أو عن أن تخوض حركة فتح بقائمة تضمن عدداً معيناً من المرشحين، وكذلك الأمر بالنسبة لحماس بحيث تكون أعداد مقاعد كل طرف معروفة".
ويضم المجلس التشريعي 132 مقعدا، فيما طرحت "فتح" و"حماس" في الانتخابات آلية جرت في عام 2006 وهي قوائم بعدد أعضاء المقاعد.
وكان الرئيس الفلسطيني أعلن مؤخرا دعمه لفكرة خوض الفصائل الانتخابات ضمن قائمة واحدة لتكون مقدمة لوحدة وطنية.
معضلة القدس
ويقول مسؤولون فلسطينيون إنه حال موافقة إسرائيل على عدم عرقلة الانتخابات في القدس فإن الرئيس الفلسطيني سيصدر مرسوما بإجراء الانتخابات.
وأشار الدكتور صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إلى أن السلطة طلبت بشكل رسمي السماح بإجراء الانتخابات بالقدس كما جرى سابقاً، مطالباً بأن توافق إسرائيل وفقاً للاتفاقات الموقعة وبناء على مواقف وقرارات الاحتلال السابقة.
ولكنه عريقات استدرك في لقاء مع صحفيين ودبلوماسيين في مدينة بيت لحم: "المواقف الإسرائيلية غير مبشرة وآخرها ما نشهده من إجراءات قمع وإغلاق ومنع للفعاليات الثقافية، فالاحتلال يتجاهل الحقائق".
وأضاف عريقات: "نريد من خلال الانتخابات توحيد الموقف الفلسطيني نحو نظام وسلطة وسلاح واحد، ولن تكون هناك انتخابات بدون القدس وهي نقطة إجماع وطني".
وكانت محطات تلفزيون عبرية قالت إن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) سيدرس الطلب الفلسطيني قريبا.
وجرت الانتخابات في القدس الشرقية في الأعوام 1996 و2005 و2006.
وتوقع المصري أن توافق إسرائيل في نهاية الأمر على إجراء الانتخابات في القدس الشرقية على غرار ما جرى في المرات السابقة.
ولفت المصري إلى أنه "حتى الآن لم تقل إسرائيل رسميا أنها ترفض الانتخابات في القدس الشرقية ولو كانت تريد منعها لكانت أعلنت ذلك رسميا، وبالتالي لا توجد مؤشرات على أنها سترفض".
واختتم المصري حديثه بطرح سؤال: "هل تتحمل إسرائيل مسؤولية عدم إجراء انتخابات يريدها الفلسطينيون ويدعمها المجتمع الدولي؟".
aXA6IDE4LjExNi44Ni4xNjAg جزيرة ام اند امز