هجمات باريس.. "عطل فني" وراء نجاة الإرهابي العاشر
الهجمات الإرهابية التي استهدفت باريس عام 2015، خلفت وراءها لغزا حير الإعلام، وهو لماذا لم يلقَ المنفذ الرئيسي حتفه فيها؟
الهجمات الإرهابية التي استهدفت العاصمة باريس، في نوفمبر/ تشرين ثان 2015، كانت الأعنف في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية، غير أنها خلفت وراءها لغزا حير الإعلام الفرنسي، وهو لماذا لم يلقَ المنفذ الرئيسي لتلك الهجمات حتفه فيها؟
تساؤل لطالما أقضّ مضجع الكثير من المهتمين بالشأن الفرنسي، قبل أن تميط عنه اللثام إذاعة "فرانس إنتير" المحلية، مرجعة عدم مقتله لمشكلة فنية، حيث أصيب الحزام الناسف الذي كان الأخير يرتديه بعطل منع تفجيره.
وأشارت الإذاعة إلى أن من بين الإرهابيين الـ10 المنفذين لهجمات باريس، قتل منهم 9، ولم يتبقَ منهم على قيد الحياة سوى صلاح عبد السلام، الذي اعتقلته السلطات البلجيكية في وقت لاحق.
واعتبرت الإذاعة أن "هذا الأمر ظل لغزاً محيراً في أسوأ هجوم إرهابي في تاريخ فرنسا".
وأمس الأربعاء، بدأت في باريس أولى المحاكمات المرتبطة بهذه الاعتداءات، على أن يمثل صلاح عبد السلام أمام المحكمة في بلجيكا مطلع فبراير/شباط المقبل.
وبحسب معلومات الإذاعة التي أجرت تحقيقاً استقصائياً في هذه القضية، فإن تلف موصل كهربائي في الجزء الأمامي من سترة المتفجرات بعد كسر قطعة صغيرة من الصاعق، تسبب في عدم وصول التيار الكهربائي إلى الصاعق، ما حال دون إتمام عملية التفجير، وبالتالي نجا عبد السلام من الموت.
وخلال العملية الانتحارية، فقد عبد السلام جزأين مهمين من العناصر اللازمة لتنفيذ العملية، وهما البطارية، وزر الضغط للتفجير، ويبدو أنه تراجع، حينذاك، عن تنفيذها.
هذه المعلومات أشبعت فضول الكثيرين، غير أنها لم تشبع الجزء المتعلق منه بالدوافع الكامنة وراء تلك الاعتداءات.
ووفق المصدر نفسه، فإن عبد السلام لعب، في تلك الليلة المصيرية، دور السائق، بنقل ثلاثة أفراد من "الكوماندوز" يرتدون أحزمة ناسفة تسببت في تفجير استاد فرنسا، قبل أن يترك سيارته في العاشرة مساءً (بالتوقيت المحلي) في الدائرة الثامنة من العاصمة، وتحديدا في ساحة ألبير-خان".
ومن شارع "دوديفيل" على بعد مئات الأمتار، ابتاع عبد السلام هاتفا خلويا، وأجرى عدة اتصالات هاتفية، شملت بالخصوص كلا من حمزة عطوة، ومحمد العامري، في بلجيكا، واللذين قدما في اليوم التالي للبحث عن تلك السيارة التي تركها الأول، والمشتبه بهم ممن اعتقلتهم فرنسا على خلفية التحقيقات في تلك الهجمات.
وفي الساعة الحادية عشره مساء، اتجه عبد السلام إلى محطة "ماركادي" التي تقع في نفس الدائرة بالعاصمة، وركب المترو المتجه إلى جنوبي فرنسا، وهناك تخلى عن سترته المتفجرة، التي تم العثور عليها بعد بضعة أيام، وفق المصدر نفسه.
وبعد 4 أشهر من الهجمات، اعتقل صلاح عبد السلام في بلجيكا، ونُقل إلى فرنسا حيث رفض التعاون مع المحققين الذين لا يعرفون حتى الآن، ما إن كان الشاب ينوي استهداف الدائرة الثامنة أو مترو الأنفاق؟ وهل أن تعطيل سترة المتفجرات هو السبب في تراجعه عن تنفيذ الهجوم؟.
وما يؤكد تلك الافتراضات هو أن رسالة تبني تنظيم "داعش" للهجوم، تضمنت تأكيدا بأن الدائرة الثامنة في باريس كانت هي الهدف من الهجوم الإرهابي الذي لم يحدث تلك الليلة ضمن سلسلة هجمات تم تنفيذها واستهدفت عدة أماكن.
وعلاوة على ذلك، تم العثور في جهاز كمبيوتر، ضبطته الشرطة البلجيكية في منزل ببروكسل، على إشارة لمحطة المترو، وذلك في ملف تحقيقات هجمات 13 نوفمبر.
واتضح أن الإرهابي (عبد السلام) أكد لابن عمه الذي كان مختبئا عنده قبل اعتقاله، أنه يريد أن يموت "شهيداً"، مثل شقيقه إبراهيم الذي فجّر نفسه في شارع "بورلفارد فولتير" بباريس، إلا أن حزامه الناسف كان معطلاً، وهذه المعلومات نقلتها الإذاعة عن شهود عيان.
ومن المقرر أن يمثل عبد السلام أمام القضاء البلجيكي، مطلع فبراير/ شباط المقبل، في بروكسل، في قضية أخرى على خلفية تبادل إطلاق نار مع الشرطة أسفر عن إصابة العديد من رجال الشرطة قبل اعتقاله.