باتريسيا حكيم لـ"العين الإخبارية": تحررت من الألم بـ"كلمات صمتي"
سيرة ذاتية ملهمة تتذكر فيها الإذاعية اللبنانية باتريسيا حكيم رحلة فقدها لصوتها إثر خطأ جراحي ومواصلتها الحياة على الرغم من تلك الخسارة.
"أنا أتكلم وأنطق وأصرخ أيضًا، لكن ما من أحد يسمعني! تتبدّل تعابير الوجوه من حولي، تنمحي الابتسامات، ويبدو الحزن في العيون، ويستمر فشلي في إخراج صوتي! أحاول من جديدٍ ومن جديد، فأسمع بعد وقت خِلتُه دهرًا، صوتًا غريبًا يُشبه زمجرة حيوانٍ جريح...هذا أنا! هذا صوتي!"
هكذا تتذكر باتريسيا حكيم المشهد الأقرب لمشاهد الـ master scenes في لغة السينما، فهي إذاعية لبنانية واعدة تشق طريقاً بصوتها عبر أثير الراديو، وإذا بها تفقد هذا الصوت كُلياً بعد خطأ طبي خلال عملية جراحية بالحنجرة اضطرت لها.
سنوات طويلة تدافعت بثقل حجر رابض على قلب باتريسيا، قررت التحرر منه بالكتابة عن هذه التجربة في سيرة ذاتية كتبتها باللغة الفرنسية بعنوان "Les mots de mon Silence" عن دار النشر الفرنسية
Noir Blanc Et Caetera وذلك عام 2015.
وأخيراً تم إصدار الترجمة العربية لسيرة باتريسيا حكيم تحت عنوان "كلمات صمتي" التي نقلتها للعربية الكاتبة والمترجمة اللبنانية بارعة الأحمر ومن إصدار دار "الشروق" المصرية.
"أُغمض عيني كي يختفوا كلّهم من حولي، لا أريد أن أرى أحدًا، وأترك الدموعَ تسيل بصمت، أبكي بعُمقٍ مُدركًة تمامًا ماذا أبكي: أبكي صوتًا فقدتُه! حتّى الشهقات صارت صامتة!"
هكذا تواصل تأمل الصدمة، فقد مرّت حكيم عبر 9 عمليات جراحية لمحاولة ترميم الخطأ الطبي، وجابت غرف عمليات وخرجت بحثا عن أمل في استرداد صوتها من جديد خارج بلدها بحثا عن التقدم الطبي والمعجزة التي ربما تعيد إليها صوتها وتعيد عقارب الساعة إلى ما قبل الكارثة الطبية.
"العين الإخبارية" تحدثت إلى مؤلفة الكتاب باتريسيا حكيم، التي بدأت في تدريب نفسها على الحديث بنبرة خفيضة جداً، وكان ذلك في حد ذاته "معجزة" على حد تعبيرها.
قالت حكيم إنها عندما أخذت قرار كتابة تجربتها بالفرنسية، كتبتها دفعة واحدة "كتبت الكتاب كله في ساعات وكأنني أتذكر شريط الرحلة دون أن أتوقف للحظة"، وتضيف لـ "العين الإخبارية" إن كتابة هذا الكتاب "حررتني من الألم".
الكتاب يدور في 5 أجزاء، الأول تستهله بلحظة إدراكها لكارثة الخطأ الطبي وعدم قدرتها على الكلام، ثم محاولاتها هي وعائلتها الحثيثة لتفادي هذا الخطأ، حتى قسوة علمهم بعدم إمكانية ذلك حتى من جانب خبراء عالميين في هذا المجال في الولايات المتحدة الأمريكية، وحتى الفصل الأخير المُترع بالأمل وتصميمها على مواصلة حياتها من جديد، متسلحة بسند الأهل والحب الجديد الذي بدأته وأثمر عن طفل رغم تحذير الأطباء من خطورة الإنجاب على حالتها الصحية.
في فصل جديد تقع باتريسيا في الحب، وتبدأ قصة جديدة وتسافر إلى مونتريال، حيث تعود إلى الجامعة من جديد، و تدرس الإعلام الذي قررت أن تواصله ولو بشكل جديد، دون حاجة لصوت مذيعة الراديو، ومن هنا كان قرار دراستها للإخراج على حد تعبيرها لـ"العين الإخبارية".