السلام بين فرقاء السودان.. تفاؤل حذر
رغم حالة التفاؤل بقرب توقيع اتفاق سلام، فإن هناك قضايا تحتاج لمزيد من الوقت، خصوصا مشاركة قوى المعارضة المسلحة في السلطة الانتقالية
حالة من الترقب الشديد تخيم على المشهد العام في السودان لتوقيع اتفاق سلام بين الحكومة الانتقالية وتحالف الجبهة الثورية المسلح، وطي صفحة الحرب في البلاد.
وعاد التفاؤل للشارع السوداني عقب زيارة وفد الوساطة بدولة جنوب السودان، إلى الخرطوم والذي ضم كبار المفاوضين من الحركات السودانية المسلحة، وعقد لقاءات رفيعة المستوى مع الحكومة الانتقالية لتجاوز الملفات العالقة في التفاوض.
ويرى خبراء أن الظروف تغيرت تماما في السودان وأصبحت الأطراف على قناعة بضرورة الإسراع في المفاوضات لتوقيع اتفاق السلام، نظرا لمضي وقت طويل من عمر الفترة الانتقالية التي لم تكتمل هياكلها حتى الآن، وتحديدا المجلس التشريعي والولاة المدنيين.
وبشر وفد وساطة جنوب السودان الذي وصل الخرطوم الأسبوع الماضي للتشاور مع الحكومة الانتقالية، بقرب موعد توقيع اتفاق سلام، بعد أن تمكن الطرفان من حسم كثير من نقاط الخلاف، لافتة إلى أن تأجيل توقيع الإتفاق يوم 20 يونيو كان لأسباب حقيقية وموضوعية.
وبحسب مصادر سودانية مطلعة تحدثت لـ"العين الإخبارية"، فإن الوساطة تمكنت من تقريب وجهات النظر بين الحكومة السودانية وتحالف الجبهة الثورية حول بعض القضايا الخاصة ببند الترتيبات الأمنية بعد دمج وتسريح منتسب الحركات المسلحة.
ولكن ذات المصادر، أكدت أن الخلافات ما تزال قائمة حول تقاسم السلطة، ومطالبة الجبهة الثورية بتمديد عمر الفترة الإنتقالية إلى 4 سنوات حتى يتسنى لها تجهيز نفسها للانتخابات، لكن الحكومة السودانية ترى ضرورة الالتزام بنصوص الوثيقة الدستورية الخاصة بالفترة الانتقالية البالغة 39 شهرا.
وبدا المجتمع الدولي أكثر حرصا على إنجاز الانتقال السياسي في السودان والالتزام بنصوص الإعلان الدستوري والوفاء باستحقاقاته.
وعلى ما يشبه التعليق على مواقف الجبهة الثورية الداعية لتمديد الفترة الانتقالية، حثت السفارة الأمريكية بالخرطوم الأطراف السودانية في بيان الإثنين، على الالتزام بنصوص الإعلان الدستوري وإقامة إنتخابات حرة ونزيهة بعد انتهاء أجل السلطة الانتقالية المحدد ب39 شهرا.
ويرى المحلل السياسي السوداني إبراهيم كباشي، أن هذه الخلافات من الممكن تجاوزها، لأن الواقع في السودان تغير قائلا: "أصبحت الحكومة والمعارضة المسلحة شيء واحد فهم كانوا في خندق واحد ويرفعون شعارات مشتركة".
وقال كباشي لـ"العين الإخبارية" إن "زيارة وفد الوساطة للخرطوم أعاد التفاؤل والحماس في الشارع السوداني بعد أن كان يسوده الإحباط تجاه عملية السلام، نظرا للتمديد المتكرر للمحادثات".
وأضاف: "في تقديري أن لحظة السلام اقتربت ويجب على كافة الأطراف تقديم التنازلات المطلوبة، حتى لا يتعطل هذا الحلم بمزيد من التمديد لمفاوضات جوبا".
ورغم حالة التفاؤل بقرب توقيع اتفاق سلام، فإن ثمة من يرى أن هنالك قضايا معقدة قد تأخذ مزيدا من الوقت، لا سيما فيما يتعلق بمشاركة قوى المعارضة المسلحة في السلطة الانتقالية.
ووفق مصادر لـ"العين الإخبارية"، فإن الجبهة الثورية السودانية تطالب بنسبة 35% من مقاعد المجلس التشريعي، ومقعدان في مجلس السيادة و4 وزارات، ومقاعد بحكام الولايات.
وتوقع محمد صديق الأمين العام لهيئة محامي دارفور "منظمة حقوقية سودانية"، أن تستغرق ملفات التفاوض بعض الوقت، خاصة تلك المتعلقة بالمحاصصات والمشاركة في السلطة الانتقالية، مما يؤخر توقيع اتفاق السلام.
وقال صديق لـ"العين الإخبارية"، إن من حسن الحظ أن قضية السلام تجاوزت كل التنظيمات السياسية والمسلحة وأصبحت مزاج مجتمعي، وهو ما سيشكل ضغط على المفاوضين.
aXA6IDMuMTM2LjIzLjEzMiA= جزيرة ام اند امز