الوثائق المسربة.. خارطة الظلام تحترق تحت ضوء الشمس وتشعل الغضب
قدمت وثائق البنتاغون بالغة السرية المسربة في الأسابيع الأخيرة إطلالة نادرة على كيفية تجسس واشنطن على الحلفاء والأعداء على حد سواء.
ووفقا لتقرير لشبكة سي إن إن، فقد أثارت التسريبات قلق المسؤولين الأمريكيين بشدة، خشية أن تهدد هذه المعلومات المصادر الحساسة والعلاقات الخارجية المهمة، حيث كشفت بعض الوثائق، التي يقول المسؤولون الأمريكيون إنها أصلية، مدى تنصت الولايات المتحدة على حلفاء رئيسيين، بينهم كوريا الجنوبية وإسرائيل وأوكرانيا.
كما تكشف أخرى عن مدى تغلغل الولايات المتحدة داخل وزارة الدفاع الروسية ومنظمة فاغنر الروسية، عبر الاتصالات التي تم اعتراضها والمصادر البشرية، والتي يمكن الآن قطعها أو تعريضها للخطر.
وتحدثت وثائق أخرى عن مكامن القصور في الأسلحة الأوكرانية ومنظومات الدفاع الجوي وأعداد القوات واستعداداتها في مرحلة حرجة من الحرب، حيث تستعد القوات الأوكرانية لشن هجوم مضاد ضد الروس.
مصدر مقرب من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال للشبكة الأمريكية إن أوكرانيا غيرت بالفعل بعض خططها العسكرية بسبب التسريب.
وصرحت نائبة السكرتيرة الصحفية للبنتاغون سابرينا سينغ يوم الأحد أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) شكلت لجنة مشتركة من الوكالات لتقييم تأثير التسريب.
وأشارت سينغ إلى أن المسؤولين الأمريكيين تحدثوا مع الحلفاء والشركاء خلال عطلة نهاية الأسبوع بشأن التسريب، وأبلغوا "لجان الكونغرس ذات الصلة".
وقال مسؤولون إن التسريب دفع البنتاغون إلى اتخاذ خطوات لفرض ضوابط على الوصول إلى مثل هذه الوثائق شديدة الحساسية، والتي عادة ما تكون متاحة في أي يوم لمئات الأشخاص في جميع أنحاء الحكومة.
وقال مسؤول دفاعي إن هيئة الأركان المشتركة، التي تضم أعلى قيادات وزارة الدفاع والتي تقدم المشورة للرئيس، تدرس قوائم التوزيع الخاصة بها لمعرفة من يحصل على هذه التقارير.
إحباط دبلوماسي:
وأعرب عدد من الدبلوماسيين من بعض الدول التي ورد ذكرها في الوثائق لشبكة سي إن إن أنهم يشعرون بقدر كبير من الإحباط، وأن الكشف عن هذه الوثائق سيلحق ضررا كبيرا بسمعة الولايات المتحدة.
ويقوم حلفاء واشنطن حاليا بإجراء تقييمات للأضرار، ويسارعون لتحديد ما إذا كان أي من مصادرهم قد تعرض للخطر بسبب التسريب.
وقال مسؤول من بلد تشكل جزءا من مجموعة العيون الخمس لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة، والذي يضم أستراليا وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة: "نتوقع أن تشارك الولايات المتحدة نتائج تقييم الأضرار معنا في الأيام المقبلة. نحن نقوم بجانبنا من التقييم في الوقت الحالي، لا يمكننا انتظار الانتهاء من تقييمها".
وتابع المسؤول: "نحن نفحص هذه الوثائق لمعرفة ما إذا كان أي من المعلومات الاستخبارية قد صدر من مجموعتنا".
وأعرب مسؤول آخر في مجموعة العيون الخمس عن قلقه إزاء المعلومات المسربة عن حرب أوكرانيا التي ستشكل عائقا أمام خطط كييف في ساحة المعركة.
التجسس على الأصدقاء
وكشفت إحدى الوثائق عن تجسس الولايات المتحدة على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لكن مصدرا مقربا من الرئيس الأوكراني لم يتفاجأ بذلك، ووصفه بـ"المتوقع".
ووفقا للوثائق، ذكر تقرير استخباراتي أمريكي يستند إلى بيانات استخبارية إلكترونية أن زيلينسكي، اقترح في نهاية شهر فبراير/شباط ضرب أماكن انتشار القوات الروسية في منطقة روستوف باستخدام طائرات مسيرة، لأن أوكرانيا لا تمتلك الوقت الكافي أو الأسلحة المناسبة القادرة على تحقيق مثل هذه الأهداف.
كما تتضمن وثيقة أخرى تفاصيل محادثة بين اثنين من كبار مسؤولي الأمن القومي الكوري الجنوبي حول مخاوف مجلس الأمن القومي في البلاد بشأن طلب أمريكي للحصول على ذخيرة.
وكان المسؤولون قلقين من انتهاك إمدادات الذخيرة، التي سترسلها الولايات المتحدة بعد ذلك إلى أوكرانيا، لسياسة كوريا الجنوبية المتمثلة في عدم تقديم مساعدات مميتة إلى الدول في حالة حرب. وفقًا للوثيقة، اقترح أحد المسؤولين بعد ذلك طريقة للالتفاف على السياسة دون تغييرها فعليًا - عن طريق بيع الذخيرة إلى بولندا.
وأثارت الوثيقة بالفعل جدلاً في سيول، حيث أخبر مسؤولون كوريون جنوبيون المراسلين أنهم يخططون لإثارة القضية مع واشنطن.
وقال العديد من الدبلوماسيين إن المسؤولين من دول أخرى يخططون أيضًا لإثارة الأمر مع واشنطن، لكنهم لم يجروا تلك المحادثات بعد بينما ينتظرون لمعرفة ما ستقوله إدارة بايدن عن الوثائق المسربة في الأيام المقبلة.
في غضون ذلك، أثار تقرير استخباراتي عن إسرائيل غضبًا في القدس. وقال التقرير، الذي أصدرته وكالة المخابرات المركزية وتم الحصول عليه من مصادر معلومات استخبارية، أن وكالة المخابرات الإسرائيلية الرئيسية، الموساد، كانت تشجع لتنظيم احتجاجات ضد الحكومة الجديدة في البلاد .
التجسس على الأعداء
يكشف التسريب الهائل أيضًا أن اختراق الولايات المتحدة لوزارة الدفاع الروسية ومنظمة فاغنر جروب أعمق مما كان يعتقد سابقًا.
فقد تمكنت الاستخبارات الأمريكية من جمع الكثير من المعلومات حول روسيا عبر الاتصالات التي تم اعتراضها، مما أثار مخاوف من تغيير الروس لطريقة اتصالهم لإخفاء تخطيطهم بشكل أفضل.
ومن المرجح أيضا أن تواجه المصادر البشرية خطرا أيضًا. فخرائط تحركات وقدرات القوات الروسية المدرجة في مجموعة الوثائق كان مصدرها جزئيًا مصادر بشرية سرية، مما أثار مخاوف بين المسؤولين الأمريكيين من المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها هؤلاء الأشخاص.