صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، عندما قال: «نسعى لتحويل حب الخير إلى عمل مؤسسي مستدامٍ
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، عندما قال: «نسعى لتحويل حب الخير إلى عمل مؤسسي مستدامٍ، وتغيير مجتمعي ملموس، وفرق حقيقي في حياة الناس»، فهو يقصد كل كلمة في هذه الجمل، حيث نجد في هذه الفقرة الصغيرة، تشخيصاً دقيقاً لواقع العمل الخيري في الإمارات، وفيها أيضاً مستوى الطموح الذي يريد الشيخ محمد بن راشد الوصول إليه.
أسلوب وفكر العمل الخيري في الإمارات، رغم ضخامة حجم المبالغ المصروفة على أوجه الخير كافة، لايزال يراوح على المستوى الأول، وفق مستويات العمل الخيـــــري العالميــــــة، التي تتكوّن من أربعـــة مستويــــات
وعندما يقول الشيخ محمد بن راشد إننا نسعى لتحويل حب الخير إلى عمل مستدامٍ، فإن ذلك يعني بوضوح أن العمل الخيري الحالي يفتقر إلى الرؤية التي تمكنه من الوصول إلى الاستدامة، ما يعني ضرورة الحاجة إلى إحداث تغيير نوعي شامل في أساليب وطرق العمل الخيري بالدولة، وتطويره بشكل نوعي مختلف عما يحدث الآن في الجمعيات والمؤسسات الخيرية، حتى يصل إلى مستوى الطموح، الذي رسمه نائب رئيس الدولة رئيس الحكومة.
أسلوب وفكر العمل الخيري في الإمارات، رغم ضخامة حجم المبالغ المصروفة على أوجه الخير كافة، لايزال يراوح في المستوى الأول، وفق مستويات العمل الخيري العالمية، التي تتكوّن من أربعة مستويات، وبلاشك فإن هذه النتيجة لم تكن لترضي شخصية بحجم محمد بن راشد، لا ترضى سوى بالمركز الأول، لذلك أطلق تلك الجملة في «عام الخير»، عسى أن تلتقطها كل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالعمل الخيري، وتعيد التفكير في عملها واستراتيجياتها، لتواكب تطور الدولة في شتى المجالات، وتواكب تطور العمل الخيري العالمي، بشكل يعود بفائدة حقيقية على المجتمع بأسره.
مازلنا في المستوى الأول، وهذا المستوى يكون نمط العمل الخيري فيه مقتصراً على الرعاية، والمتطلبات التي تُوفر للمحتاج هي الاحتياجات، ودور المانح يقتصر على تقديم الدعم فقط، والقيمة المقدمة من المانح تهدف إلى مساواة المحتاج مع غيره من فئات المجتمع حياتياً، أما مرحلة النضج المجتمعي فلاتزال تقبع في النهج الاستهلاكي!
أما ما يريده الشيخ محمد، فهو المستوى الرابع، وهو الأفضل عالمياً، وهو معمول به في الدول الاسكندنافية المتطورة جداً في هذا المجال وغيره، هذا المستوى يكون نمط العمل الخيري فيه هو الرفاه وليس الرعاية، ومُتطلبات المحتاج لا تقتصر على توفير الاحتياجات له، بل توفير مزايا تتجاوز بكثير احتياجاته، ودور المانح يتجاوز بكثير الدعم ليصل إلى التكافل، والقيمة المقدمة لا تهدف إلى مساواة المحتاج بغيره، بل تصل إلى المسؤولية بمعنى تحويله من محتاج إلى مسؤول يتولى هو مساعدة غيره، ومرحلة النضج المجتمعي في هذا المستوى هي الاستدامة، وهي أرقى أنواع العمل الخيري!
بالتأكيد الوصول إلى المستوى الرابع ليس شيئاً سهلاً، ودول قليلة هي التي وصلت إلى هذا المستوى، ولا نتحدث هُنا عن حجم أموال العمل الخيري، بقدر ما نتحدث عن فكر متطور في إدارة العمل الخيري والأموال، فكر يُحدث نقلة نوعية في حياة المحتاج، ليحوله إلى منتج ثم مسؤول، فكر يبتعد عن الأنماط التقليدية التي عفا عليها الزمن، وهي بالمناسبة لا تسد حاجة أحد، ولا تُنقص أعداد المحتاجين، بل على العكس من ذلك، تُساعد على زيادة أعدادهم، وزيادة الصرف عليهم، ليدور الجميع في حلقة مفرغة!
*نقلاً عن "الإمارات اليوم"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة