مهرجون ورسوم وأيام ترفيهية.. هكذا يجري احتواء صدمة ما بعد الحرب في غزة
أيام ترفيهية، وجلسات للتفريغ النفسي، وزيارات منزلية، هكذا تنشط العديد من الجهات المختصة في الصحة النفسية بعد التصعيد الأخير في غزة.
وتركت مئات الغارات الإسرائيلية خلال عملية "حارس الأسوار" التي استمرت 11 يوما، بدءًا من 10 مايو الماضي، وما خلفته من ضحايا وتدمير واسع، تداعيات صادمة نفسيا، خاصة لدى الأطفال.
جمعية أصدقاء الصحة النفسية نفذت حملة من الزيارات المنزلية لعدد من العائلات من شمال قطاع غزة، بهدف الاطمئنان على الأسر المتضررة من القصف.
وقالت الجمعية إن الطاقم النفسي بالجمعية قدم الإسعاف النفسي الأولي والمساندة النفسية، بالإضافة إلى فقرات ترفيهية للأطفال.
وخلال هذه الزيارات قام مختصون بإتاحة المجال أمام الأطفال للتعبير عن أنفسهم من خلال الحديث واللهو والرسم.
مهرجون
ثائر سلامة (27 عاما) مدير فريق رسالة خير، نشط مع فريقه بعد الحرب لتخفيف الضغوط النفسية عن الأطفال من خلال عروض المهرجين الذين يعدونها.
وقال سلامة لـ"العين الإخبارية": "بعد الحرب هناك إقبال شديد على المهرجين في غزة، ففرقتنا نفذت العديد من الفعاليات والمهرجانات لصالح الأطفال خصوصا من فقدوا آباءهم وأمهاتهم وإخوانهم ومن فقدوا منازلهم أو أي شيء من ممتلكاتهم".
وذكر أنهم نفذوا الأربعاء الماضي مهرجاناً ترفيهيا ضخما بمدينة غزة شارك فيه حوالي 550 طفلا من أبناء الضحايا وأصحاب المنازل المدمرة.
وأشار إلى أنهم يجهزون حاليا للمزيد من الفعاليات الفنية بينها مسيرة مقررة منتصف الأسبوع المقبل بمشاركة واسعة من فرق المهرجين وسط مدينة غزة.
وأوضح أنهم يهدفون من وراء تلك الفعاليات رسم البسمة على وجوه الأطفال الذين لم يروا البسمة في حياتهم كما الأطفال الآخرون.
وقال: "11 يوما كانت مأساوية للأطفال فأحببنا أن نخرج الأطفال من حالة الخوف والذعر والرعب"، مؤكدا أن جهودهم تتم بمبادرات شخصية إلى جانب دعم أصدقاء للهدايا التي تقدم للأطفال.
رسوم وألوان
ويتضمن برنامج الترفيه المقدم مجانا للأطفال؛ الرسم على وجوه الأطفال بالألوان، وتوزع ألعاب وأموال نقدية محدودة، وهدايا على الأطفال، وفق سلامة.
وبيّن أن فرقتهم تضم 14 مهرجاً من الشباب والصبايا أعمارهم تحت الـ30 يسعون بكل قوة لرسم البسمة والسعادة على وجوه الأطفال.
ويوجد في غزة حوالي 180 فرقة مهرجين معظمها تقدم برامج متنوعة بعد الحرب بطاقة مضاعفة وأغلبها تعمل دون مقابل أو رسوم، للمساهمة في دعم جهود التعزيز النفسي لمئات آلاف الأطفال وذويهم، وفق القائمين على هذه الفرق.
ويروي الفنان الكوميدي محمود زعيتر سعادته في إخراج طفل قتل والده خلال التصعيد، من أزمته النفسية، مبينا أن الصغير الجميل محمد فارس رفض أن يتعاطى مع أي وسيلة صحفية أو أن يتفاعل مع الأطفال.
وقال: "تمكنت من وضع الابتسامة على وجهه وجعله ينصت إلى أحباب قلبه، ولكن من الواضح صدمة الطفل محمد فعلا هو محتاج لدعم نفسي هو وكثير من الأطفال".
تفريغ نفسي
ويؤكد الدكتور عزمي الأسطل مدير الدعم النفسي والاجتماعي بجمعية الهلال الأحمر في غزة، أن التفريغ النفسي ضروري جدا، لأنه يخفف من أعراض الصدمة التي تظهر على المصابين بعد شهر أو شهرين من تعرضهم للحرب.
وأوضح الأسطل في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن أعراض ما بعد الصدمة التي تظهر خصوصا على الأطفال كثيرة منها: أحلام مزعجة، وآلام جسدية كالقولون والمعدة، ووجع في الرأس وعدم النوم والفزع في الليل، وعض الأصابع، وحركات لا إرادية.
وأكد أن معظم السكان في غزة أصيبوا بالخوف والذعر، لكن هناك أناسا يعانون من هشاشة نفسية مثل الأطفال، وهؤلاء تظهر عندهم الأعراض أكثر من غيرهم.
درجات الصدمة
وبيّن أن تأثير شدة الصدمات مرتبط بعاملين مهمين؛ الأول المناعة النفسية، والثاني قرب الشخص من الحدث وشدة ذلك الحدث.
وأوضح أن هناك أناسا لا يكونون قريبين من الحدث أو مرتبطين به لكن يعانون من ضعف وهشاشة نفسية، وهؤلاء تكون الصدمة شديدة عندهم أيضا.
هناك طرق كثيرة للدعم النفسي، وفق الأسطل؛ منها فردي ومنها جماعي كالألعاب والرسم وكتابة الحدث والحكي والأشغال اليدوية والسباحة.
وقال: "أي نشاط خصوصا الجسدي الآن مهم ومطلوب".
وحث المؤسسات على القيام بجهود كبيرة للحد من أعراض الصدمة عند مختلف الفئات في غزة.
وأشار إلى أن المحاولات التي تقوم بها المؤسسات ومختلف الجهات تهدف للتفريغ من الآثار النفسية لدى الناس خصوصا الأطفال وللحد من الأعراض النفسية التي تصيب الناس بعد شهر أو شهرين.
وذكر أن فرق التهريج النفسي تساعد في التفريغ النفسي لدى الأطفال والكبار وتخفف من وقع الحدث ومن أعراض الصدمة في المستقبل.
وشدد على أن الجهد المطلوب من مختلف الجهات كبير وكبير جدا ويحتاج لتضافر الجهود للتخفيف من آثار الصدمات لدى الجميع.
aXA6IDMuMTQ0LjEwMC4yNTIg جزيرة ام اند امز