حصاد 2020.. تنبؤات عدم القابلية للحياة بغزة هل تحققت؟
تحت وطأة جائحة كورونا، وتداعيات الحصار والسياسة، تحققت إلى حد بعيد تقديرات أممية بأن غزة ستصبح في 2020 غير صالحة للحياة.
ومع اقتراب 2020 من إسدال ستاره على أيام حُبلى بأحداث مثقلة فاقمها فيروس كورونا، تستعرض "العين الإخبارية" ضمن سلسلة تقارير بعنوان "حصاد العام"، أبرز المحطات القاسية التي واجهها قطاع غزة خلال العام.
وبغير أسف يودع الفلسطينيون في غزة عام 2020، الذي حمل ضربتين قاسيتين لهم تمثلتا في جائحة كورونا، وتأثيرات حجب أموال المقاصة، فاقمت أزمات ممتدة من 2006 نتيجة الحصار الإسرائيلي.
- بعد زيرو إصابات.. خطة الاقتصاد الفلسطيني للتعايش مع "كورونا"
- 3.2 مليار دولار خسائر الاقتصاد الفلسطيني جراء كورونا
فالتحذيرات التي أطلقها أنطونيو جوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، في فبراير/شباط 2018، قائلا إن التقديرات الأممية التي تشير إلى أن قطاع غزة الفلسطيني سيصبح غير قابل للحياة بحلول عام 2020 بدا أنها تحققت إلى حد بعيد لأسباب متعددة.
عوامل التدهور
ويؤكد رائد المزين، الخبير الاقتصادي لـ"العين الإخبارية" أن الاقتصاد في غزة قبل 2020 كان يعاني طوال عقود من عدة عوامل خارجية وداخلية أبرزها الاحتلال وسياساته والحصار، إلى جانب العوامل الداخلية المتعلقة بأزمة الانقسام.
وأشار إلى أن هناك إشكاليات عدة أبرزها أن الخطة الاقتصادية القومية لا تتبنى رؤية واضحة تستقي منها الرؤى التفصيلية لكل الملفات الاقتصادية.. وذلك كان واضحا في عدم التوظيف الصحيح للهبات والمنح والمساعدات الخارجية لغزة.
المشكلات الاقتصادية
وحدد الخبير المزين 4 مشكلات اقتصادية واجهت غزة في 2020، تمثلت ارتفاع نسبة البطالة لمستوى عال جدا وغير مسبوق، وتدني مستوى المعيشة، وتدني مستوى الدخل، وإغراق السوق بالمنتج الخارجي ما ألحق الضرر بالصناعات المحلية.
ووفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني؛ يبلغ عدد العاطلين عن العمل بغزة 208 آلاف شخص ويصل معدل البطالة إلى 49٪ في قطاع غزة.
ويشير الميزن إلى أن الأزمة الاقتصادية بغزة موجودة منذ عقود لكن ظهرت حدتها مؤخرا جراء إجراءات كورونا واستنزاف الحصار لموارد غزة وتخفيض رواتب الموظفين وتأثير الركود الاقتصادي العالمي إضافة إلى مشكلة في سياسات الجهات التي تدير غزة (سلطات حماس) الاقتصادية.
وبسبب جائحة كورونا، ارتفعت أعداد العمال المتضررين إلى أكثر من 160 ألف متضرر بصورة مباشرة وغير مباشرة، ليجعل مستويات البطالة في صفوف العمال تقفز إلى قرابة 82%.، بحسب اتحاد نقابات العمال.
الأكثر صعوبة
ويؤكد الدكتور معين رجب، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الأزهر، أن عام 2020 كان من أكثر الأعوام صعوبة؛ فإلى جانب ما يعانيه من صعوبات اقتصادية متعددة ومزمنة فإن كورونا أضافت معاناة شديدة ألقت بظلالها على مختلف القطاعات في غزة من الصحية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية.
ومنذ مارس/آذار 2020 فرضت قيود في قطاع غزة مع الانتشار الأولي لفيروس كورونا، لكن هذه القيود ازدادت شدة بدءا من 24 أغسطس/آب 2020 مع تسجيل أولى الإصابات بالفيروس داخل المجتمع المحلي والتي تزايدت حدتها حتى إعداد التقرير.
ويشير رجب في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن البطالة ارتفعت ارتفاعا شديدا في عام 2020، خصوصا بين الشباب وخريجي الجامعات منهم، حيث تقترب النسبة من 70%.
وأكد أن ذلك انعكس على حالة الفقر الذي ارتفعت معدلاته، مشيرا إلى أن أعداد الأسر الفقيرة في تزايد مستمر.
كما ألقى قرار السلطة في مايو/أيار الماضي بقطع العلاقة مع الاحتلال (ألغي في شهر نوفمبر/تشرين الثاني) وما سبقه من وقف استلام أموال المقاصة، بظلاله الكبيرة وتسبب بتخفيض رواتب موظفي السلطة في غزة.
ويضاف للأزمات – بحسب رجب- معاناة الأونروا من أزمات مالية وهي التي تقدم رعاية لأكثر من 1.4مليون لاجئ بغزة يشكلون نحو 67 % من السكان في غزة، إضافة إلى إعلانها عدم قدرتها دفع رواتب كاملة لموظفيها عن شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول من العام الجاري حتى إعداد هذا التقرير.
ونتيجة هذا الواقع المتردي، تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8 % على مستوى فلسطين وكان تراجعه على مستوى غزة ما بين 20 إلى 30 %، وفق رجب، الذي أكد أن هذا تراجع كبير جدا وبالتالي تدني نصيب الفرد في الدخل.
ويقدر أستاذ الاقتصاد، أن خسائر غزة خلال 2020 تقدر من 1.5 إلى 2 مليار دولار في جميع الأنشطة بغزة.
آفاق التعافي
وحول آفاق التعافي، يرى المزين أن المطلوب في 2021، تعزيز الإنتاج المحلي للمساهمة في تحسين الدخل وتقليص نسبة البطالة، وفرض حماية جمركية لتعزيز الإنتاج المحلي، وتصدير منتجات غزة للأسواق الخارجية.
أما رجب، فيعتقد أن التعافي يحتاج إلى مضاعفة الجهود الحكومية للتعامل مع المشكلات الراهنة ومقتضيات المرحلة للتغلب على المشكلات بابتكار حلول غير تقليدية لإخراج الاقتصاد من أزماته.
ورأى أن هذا مسؤولية الجهات الحكومية في غزة (التي تديرها حماس) لأنها هي التي تدير غزة كما تتحمل الحكومة الفلسطينية جزءا من المسؤولية على اعتبار غزة جزء من كينونة الدولة الفلسطينية.